بالرغم من أن كلَّ شيءٍ في هذا الكون، حين نتفكَّر فيه بعينِ المتأمِّل وعقلِ المتفحِّص، نُشاهِد عظمةَ القدرةِ الإلهيّةِ الناطقةِ بالوحدانية، فإنّه لا يزال الإنسانُ هو أعمقَ المعجزاتِ ومستودعَ الأسرارِ الناطقةِ بـ لا إلهَ إلا الله.
فهيا بنا في رحلةٍ إلى داخل جسمِ الإنسان، لنرى أحدَ أسرارِ القدرةِ الإلهيةِ المودَعةِ فيه، وهو «الدم».
الدم، نسيجُ الحياةِ، لم يكن يومًا — في نظرِ أهلِ البصيرةِ العلميّة — مجردَ سائلٍ يتجدّدُ لتتجدّدَ معه الحياةُ، بل إنه طوال الوقت يمثّل سرَّ الأسرارِ ومحورَ الأفكارِ داخل هذا الكيانِ البشريِّ المعظَّم.
الدم، الذي يشكّل ٨٪ من وزن جسمك، يقوم بنقل الموادِّ الغذائيةِ والأكسجينِ إلى الخلايا، وهو محورُ جميعِ العملياتِ الحيويةِ في الجسم.
ومن بديع صنع الله أن هذا الدم يتكوّن من أربعةِ أشياءَ، تمثّل كلُّ واحدةٍ منها معجزةً ضخمةً تصدح بقدرةِ الخالقِ الجليل.
فيتكوّن الدم من: خلايا الدم الحمراء – خلايا الدم البيضاء – الصفائح الدموية – البلازما.
🔴 خلايا الدم الحمراء
خلقها الله لتنقل الأكسجينَ من الرئتين إلى خلايا الجسم، ثم تعود بـ ثاني أكسيدِ الكربونِ من خلايا الجسم إلى الرئتين لطرده عبر الزفير.
كلُّ ذلك بواسطة مركّبٍ كيميائيٍّ له كلُّ التحيةِ والتقدير، اسمه الهيموجلوبين؛ حيث إنه المسؤول عن حملِ الغازاتِ داخل الدم.
فسبحان ربي الذي يُجري تلك العمليةَ في أجلِّ معاني الدقّةِ والنِّظام.
🔴 خلايا الدم البيضاء
ثم يأتي دور المكوّن الثاني، وهي خلايا الدم البيضاء، التي تمثّل حائطَ الصدِّ والحمايةَ ضدَّ أيِّ جسمٍ غريبٍ يحاول الاقتراب منه، كـ الميكروباتِ والبكتيريا.
وتلك نعمةٌ يمنُّها الله علينا؛ إذ لولاها لكنا عُرضةً لكلِّ الكائنات الدقيقة التي لا تفتأ تغزونا وتهاجمنا وتحوّل أجسادنا إلى مستعمرةٍ لحياتها.
🔴 الصفائح الدموية
أمّا الصفائحُ الدموية، فهي تساعد على تجلُّطِ الدم عند حدوث جرحٍ، أي إنها تُشكِّل سدادةً توقف النزيف.
وذلك من فضل الله علينا؛ إذ لولاها لكنا نموت إثر كل جرحٍ ولو بسيط، جرّاء نزيفٍ لا يتوقّف.
🔴 البلازما
أمّا البلازما، فهي سائلٌ شفاف يشكّل أكثر من نصفِ حجمِ الدم، يذوب فيه الأكسجينُ والموادُّ الغذائيةُ والأملاحُ المعدنيةُ ليتم نقلها إلى خلايا الجسم، كما تذوب فيه الفضلاتُ الخلويةُ ليتمَّ تخليصُ الجسمِ منها.
👈 ولولا البلازما لتوقّفت الدورةُ الدمويةُ؛ فهي التي تجعل الدم سائلًا.
👈 ولولا البلازما لماتت الخلايا؛ إذ إنها تنقل الغذاءَ (الجلوكوز) إليها.
👈 ولولا البلازما لأصبح الجسم كومةً من السمومِ القاتلة؛ لأنها تحمل فضلات الخلايا مثل: البُولينا – ثاني أكسيدِ الكربون.
سبحانَ الله!
كلُّ هذه الوظائفِ العظيمة تجري في الدم الذي يسري في أجسامنا، ونحن لا ندري ولا ندرك حجم هذه المعجزة.
وصدق ربي: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾.
إنها حقًّا معجزةٌ ربانية، تعجز العقول وتُذهل من دقّتها.
سبحان الذي خلق فسوى، وقدّر فهدى، وهو على كل شيء قدير.






































