طوَّقَتْنا ظُلمةُ الهَلَكةِ، وكنا نسرحُ في فضاء "حانة التخاذل"، حيث الغياب سيد. جَرَّتِ الأقدامُ جواربَ الوَهَن؛ خِرَقٌ سميكةٌ من الرغبة المقتولة، تختزلُ الخطواتِ إلى إيقاع عرجٍ.
إلى جواري، رفع شيخ البيانات كأسه. لم يكن السائل سوى مِزاج الدمِ المؤجَّل، المُحتسى بعقد الامتهان. في فوهته، رقصت أطيافُ التضحياتِ المسحوقةِ تحت نعل الإهمال. قال: "نخبُ الكرامةِ التي نغتسلُ من عارها!" فجرتْ ضحكةٌ مكابرةٌ؛ صريرُ أجنحةِ الغربانِ وهي تهوي على جثة حُلُم.
في ركن الخِسّةِ، صفقاتٌ لا تتطلبُ سوى تجريدِ الشرفِ من سِربِه. علّقنا عذريّة قِيمِنا في مزاد الرذيلة العلني، نمارسُ طقسَ "فضِّ البكارة" كي نظلَّ على قيد "الفعل".
رأيتُ عيني المخلّصِ المرجوّ. كانتا ترشحان ندى الرجاء. أدرتُ ظهري للمرآة، هرباً من وجه العميل الساخر. ارتفعتْ يدي، وكأس الدمِ يرقصُ على الحافة.
كان الهمسُ سيفاً غير مرئي: "فلا تعولوا علينا."
فجأة، انبعث صوتُ المذياعِ؛ شهيقُ وجدانٍ معطوبٍ. صرخ صاحب الحانة: "كفوا أيها الأسياد، انتهت حفلة التنكّر!"
التفتتْ الرؤوسُ إلى شاشةٍ أزليةٍ مُعلقةٍ كَعَلَم. مرَّ الشريطُ الأحمرُ بضوءٍ لاذعٍ:
انكشفَ السرُّ. العاجلُ على الشاشةِ لم يتركْ ظِلاً للشك: الفتحُ تمَّ فجراً. كانت بؤرةُ يأسِنا منطلقَ الإمدادِ الأضخم. و"استنزافُ الكرامةِ" كلمةُ السِرِّ لأكبرِ نقلةٍ لوجستيةٍ عسكريةٍ.
استحالت جواربُ الوَهَن أكياسَ رملِ لسدِّ الثغرات. نبيذُ الدمِ صارَ وقودَ الديزلِ المموّهَ فغدتْ حانةُ التخاذلِ غُرفةَ العملياتِ، ليظلَّ "فضُّ الكرامةِ" مُفردةَ التمويهِ الأشدَّ قسوةً للسر.





































