جلس جورج خلف شاشات متوهّجة، يراقب العالم من ثقب إبرة. لم يسمع أصوات الانفجارات التي تهز تلك البقعة الصغيرة من الأرض، بل كانت ومضات تتراقص على خريطة حرارية أمامه. لشهور، كانت الأرقام تشير إلى أن لا شيء يمكن أن يصمد، ورغم ذلك، كانت الحياة تتشبث هناك.
على شاشة صغيرة، عُرضت لقطات مباشرة من طائرة مسيَّرة. رأى طفلين يركضان بين الأنقاض، يحملان شيئاً. ضغط على زر التكبير، فشاهد قذيفة لم تنفجر. لم يكن هناك خوف في عيونهما، بل كانت الضحكة تملأ وجهيهما المغبرين.
شاشة أخرى عرضت مقطعاً لمقاتل يتقدم نحو دبابة ضخمة. حركته هادئة وخطاه ثابتة. وضع العبوة ثم ابتعد. انفجرت الدبابة في عمود من اللهب والدخان. التقطت الكاميرا ملامح المقاتل، فكانت عيناه شاخصتين أمامه.
غادر جورج غرفة التحكم. في حديقة منزله، وقف أمام شجرة زيتون عتيقة. جذورها تلتف حول الصخور، متشبثة بالأرض. كان يرى فيها، وفي كل طفل ومقاتل، شيئًا يمتد من تحت الأنقاض، ويقف في وجه القصف، كظلّ الزيتون.