تداخل الصوت بالصمت، وألقت الظلال ثقلها على صالة متشامخة كقصر من الأساطير. هنا، وقف رجل توشح بالظلام، يتلاعب بمفردات مشربة بالكبرياء، مطلقًا إياها كشرارات من التيه: "أنتم من تسوقون قوافل الأوهام في صحارى الريح، لا تستحقون مفاتيح المدن المتوجة بالشمس."
وعلى الجانب الآخر، كان هناك رجل، في عينيه عمر من الجدب والخصب، حكاية من الأنين والنصر. لم يجب باللسان، إنما أشار إلى خريطة معتقة، تُنقش عليها آثار ملاحم عتقاء، وأصداء خطوات خيول لا تنحني، ورايات لم تُذللها رياح الغزو.
ثم، انزلقت إشارته نحو نافذة كسحر، تطل على الأفق المتواري. هناك، كان يتجسد وميض خيال لتمثال منسي، قد سقط في فصول ثلاث لم تكتمل.
تجمدت الكلمات على شفاه الرجل الأول. تبدد غروره كزبد. كانت الإجابة قد قيلت، ليس بحروف، بل بلغة من الأرواح. كانت حكاية صبر أزلي تجاه سيل عارم، تقابل حكاية سقوط مذل، وسرعان ما أدرك من صار أحق بصولجان الحرية.