في تجاعيد وجهها حكايات قرون. أغمضت فاطمة عينيها، ورأت بوضوح ما لم يعد يراه أحد. كل ثلم في جلدها كان خريطة لأفراح وأحزان، وكل خط على يديها المرتعشتين كان أثراً لسنين طويلة.
جلسة هادئة تحت ضوء المصباح الخافت، شعرت ببرودة يديها تتحول إلى دفء. فتحت عينيها، فرأت يداً ناعمة تلامسها. رفعت بصرها، لتجد ملامحها الشابة، بلا تجاعيد، تبتسم لها.
"لقد عدت إليك يا جدتي"، جاء الصوت من وجهها الآخر.
لم تجب، بل غمرها الدفء. كانت تشعر بأن الزمن يتقلص. بدأت خطوط وجهها تتلاشى، وتختفي التجاعيد الواحدة تلو الأخرى. رفعت يديها إلى وجهها، فما عادت تجده إلا ناعماً، شاباً. أغمضت عينيها وفتحتهما، فكانت هي في المرآة. لا تجاعيد، لا شيب، كانت هي.
احتضان قوي جاءها من الخلف. كان زوجها يوسف. لم يكن هناك ماضٍ أو حاضر. ابتسمت له، لأنها كانت تدرك أن الزمن مجرد وهم، وأن أرواحهما التقت أخيراً في مكان لا يتجاوزه إلا الحب.





































