خمسة وعشرون عاماً.
كانت كافية لتتحول عتبة البيت إلى شاهد قبر. الأم لم تُغيِّر مفرش السرير الخشبي يوماً، لكن رائحة "مصطفى" تبخّرت.
اليوم، انكسر الصمت.
دخل. شحوب السجون ارتسم على عظام وجهه، وعيناه تحملان ثقل ربع قرن من حائط لا نهاية له. لا قبلة ولا دمعة.
قادته الأم بهدوء إلى غرفته.
ذهب مصطفى مباشرة نحو سريره القديم. أزاح البساط البالي، ورفع لوحاً خشبياً صغيراً من الأرض. حفرة ضيقة.
همس بصوت غريب: "أين هي؟"
مدّت الأم يدها إلى الحفرة، وسحبت منها ظرفاً أصفر مغلقاً بالشمع الأحمر.
قالت بصوت قاطع: "كل هذه السنين، كنا نظنّ أنك فُقدت... لم ندرِ أنك كنت مسجوناً."
رفعت الأم الظرف، ثم أشارت إلى سطرين بخطّه على ظهره: "أنا مُدان وسأبقى مُدانًا."
ثم أردفت وهي ترمي الظرف في الحفرة: "الكل يعلم الآن سبب السجن، لكنّهم لن يعرفوا أبدًا أنك قبل فراره، خبأت هنا اعترافك الكامل بالجريمة، ليس رسالة وداع."





































