كانت الغرفة باردة، ونافذة مكتب غارسيا تطل على سماء رمادية. نفخ مالك في كفيه، لم تُفده حرارة الممر الطويل.
حمل التقرير بين يديه، صفحاته مطوية عند الزوايا، وبعض الحبر قد سال من كثرة ما أمسك به.
انفتح باب المكتب بهدوء، ودخل غارسيا. لم يرفع عينيه عن سطح مكتبه المصقول، بل أشار بيده نحو كرسي أمامه. جلس مالك، ووضع التقرير على المكتب.
أومأ غارسيا برأسه نحو كومة من الأوراق المنظمة على يساره، وقال بصوت خافت: "لا يتوافق مع الرواية المعتمدة."
شدّ مالك قبضته حول التقرير، شعر بأظافره تنغرز في الجلد.
خرج. سمع صوت نعله وهو يجرّه على أرضية الممر المصقولة. لم يتجه إلى مكتبه. سار حتى وصل إلى نهاية الممر، حيث حجرة صغيرة مهملة. أكل الصدأ قفلها.
فتح الباب على غرفة تملؤها رائحة الغبار، تتسلل إليها أشعة الشمس من ثقب في السقف. كانت تحتوي على صندوق خشبي قديم، وأكوام من الدفاتر المبعثرة.
جلس على الأرض. لم ينظر إلى التقرير الذي يحمله بيده. فتح الصندوق الخشبي وأخرج منه دفاتر مهترئة، حوافها ممزقة من كثرة التصفح. مسح الغبار عن جهاز تسجيل صغير بجانبها.
أخذ نفسا عميقا. ضغط على زر التسجيل.
بدأ يقرأ من الدفتر بصوت متزن: "الليلة التي لا أنساها، كان صوت المدافع أشد من صوت المطر...".
كانت يداه ترتجفان. صوته كان ثابتا.





































