انكفأت المدينة أنقاضًا صامتة، تهمس أحجارها المتهدمة صلاة العدم.
يزن، شبحٌ مما تبقى، يزحف فوق تراب الفناء. جسدٌ ناحلٌ كشمعة ذابلة يشف عن عظام بارزة، وعيناه غُدران يأس عميقتان، تفيض دمعاتٌ حارقة، ترسم على خديه خريطة الملح والآهات.
أمامه، وعاء معدني عارٍ، مرآة كسيرة لسماء رمادية. يتشبث به كآخر قشة في بحر الضياع. تنبعث منه صرخة تشق فضاء الوجع، ليست نحيبًا خافتًا؛ بل رنين الأرض الجريحة، آهة أطفال يُفترسون جوعًا.
خلف أطيافه، هياكل أبنية منخورة، شواهد لمدينة لم تُقصص حكايتها. يزن لا يعي شيئًا سوى إنائه الخاوي، والألم الكامن الذي يلتهم أحشاءه.
تسقط دمعة واحدة، كحجر يتهاوى في صرح الصمت.