في زاويةِ المَقَرِّ المُهترئ، حيثُ يتسلَّلُ الغُبارُ من شقوقِ النوافذِ المنسيَّة، جلستْ عَزَّةُ تحتضنُ قيثارتها. كانت الأناملُ تحاولُ، فخرجَ حفيفٌ خافتٌ، كهمسِ مُعتكفٍ في محرابِ العدم. غابَتْ زَمجَرةُ الرعدِ التي كانت تُقسِمُ عليها الجبالُ هيبةً.
تبعَ الجميعُ "الثُريَّا الكاذبة" التي لمعتْ في سماءِ الغفلة. هرولوا يُبايعون الوهجَ الخادع، مُقايضين ظلَّ النخلةِ بسرابِ المِلحِ الأُجاج. كلُ سهمٍ أُطلِقَ عادَ ليَطعنَ خاصرةَ القوس. تحوَّل المرتعُ الغضُّ، مُطعمُ الريحِ سنابلَ الذهب، إلى أخدودٍ مُنهَشٍ بأظافرِ الفتنةِ المَخفيَّة.
رأتْ عَزَّةُ الميزانَ يتأرجحُ على ساقٍ واحدة، والعدلُ يتنفسُ بصعوبةٍ في رئةِ المُبْتَزِّ. انطفأ سِراجُ المَعبَدِ بمؤامرةِ ذبابةِ الطمع وخناجرِ التناحرِ الصدئة. "سليلُ شجرةِ الطوبى... نُعاقرُ كؤوسَ التَقسُّم؟" رفعتْ نظرها لترى الصقرَ المُنقَطِعَ في العلمِ القديم: جناحٌ يحاولُ التحليقَ وجسدٌ مُقسَّمٌ. لا نبتةَ تنمو في شقِّ الصخر، ولا غناءَ لكروانٍ في قفصِ المرايا المتكسرة.
قامتْ. أمسكتْ مِطرقةً نحاسيةً صدئةً. وُثُوبُ النفسِ إلى كُلِّيَتها هو قَسَمُ المُنقِذين.
هوتْ بالمِطرقةِ على القيثارةِ فوقَ كومةِ الرماد. دويٌّ مُدوٍّ، صدىً لصخرةٍ تتدحرجُ من أعلى الجبال.
عادَ الجميعُ ليتقاتلوا على قِطعِ القيثارةِ المُحطَّمة. كلُّ يدٍ تمدَّتْ لِدَلْوٍ من خشبِها، مُعلنةً أنهُ الوارثُ الوحيدُ الباقي.





































