انحنى "البروفيسور"، بصلعته الصَّقِيلة وشاربه المتغطرس، ليلتقط الرُّقعة الباهتة التي هوَتْ من جيب بِذلته المخملية. كانت بقايا حُلم مُجّهَض، عاريةً من أي قيمة، لكنها صكُّ اعتلاءٍ مهزوز لعرش "السُلَّم". دسَّها في محفظته الجلدية المُترَفة، ثم عاود الزَّئير فوق المنبر ليُزِجَّ بـأُطروحة جديدة كانت تُعمِي بصائر الجموع.
في الأسفل، رفعت صاحبةُ العيون المُطفَأة رأسَها، فرصدت شرارة دمع تسللت من مُقلتها المنهَكة لتستقر على حافة الكتاب.
لم تكن غزارةُ دمعتها مالحةً كـطعم الخذلان. كانت حِبراً قَانِيَ الزُّرقة.
تساءلت في صميم روحها: "كم سِفراً نحتُّه بمدامعي لأُقنع أدعياء الثقافة أنني أستحق الفُتات الذي يُسدَّد من ثمن مِداد عروقي؟" ثم، على مَهَلٍ، أسدلت جفنيها؛ فجفَّ النبعُ في أوردتها، لأنه لم يتبقَّ فيها قطرة حبر واحدة.





































