على أرصفة الجهل، استقام مِرّار.
لم يكن صفقة يطلب، إنما جذوة يستجلب لها الرطوبة. بضاعته: شُهب من حبر، رُفضت أنوارها في سوق القَمَط.
كان القوم تجمعًا لهياكل، عيونهم مُكلّسة، لا ترى في الكتابة سوى إطالة لظل الحائط. رموا له زبدًا، وظنوه يتوسل كِسرة الزاد، بينما كان يستجدي كِسرة الوعي.
وفي لحظة تبتل يائس، أطلق مِرّار صيحة، اهتزت لها هالة الرصيف: "لغتي تستجدي مُنقِذًا! من يشتري مني خلاصًا؟ لـِتُخرجوا هذا المداد من بئر العبث!"
لم يقطف أحد صرخته السامقة.
في غياهب الغياب، لملم تبارِيحه. لم يأخذ قلمه. تركه عُكازًا أعرج لمخطوطاته. في الصباح، وجدت المدينة ما ترك: أكوامًا بيضاء. شواهد قبور لـِفِكر لم يُولد. غاب مِرّار، تاركًا خلفه سؤالًا يَئِنّ: هل تُسفر الكواكب وجهها لقوم يخشون فكّ رمز الليل؟





































