في الغرفة التي يلفّها الصمت، يمدّ الرجل يده. يرى تجاعيدها كخرائط لعمرٍ قضاه، يمسح على شعرٍ خفّت كثافته، فيجد شيبًا قد غزا رأسه.
يستلقي على السرير الأبيض. أجهزة تتوهّج، وأضواء خافتة تومض، وأسلاك تلتفّ حول جسده كأفاعٍ باردة تطفئ وهج حياته.
عيناه شاردتان، تائهتان في سقفٍ لا ينتهي، وكأنهما تبحثان عن شيءٍ مفقود، عن ذكرياتٍ لم تعد تُسترجع، وعن أيامٍ مضت لن تعود.
يُسمع صوت نبضات قلبه المتسارعة، وصوت زفيرٍ عميق، كأنه يسترجع أنفاسًا ضاعت في دروب الحياة، وفي زواياها المظلمة.
وفجأة، يدخل طيف يحمل باقةً من الزهور البيضاء، ويدًا صغيرة تحمل لوحةً خشبيةً، عليها صورةٌ لرجلٍ في عزّ شبابه، يبتسم ويحمل طفلةً صغيرةً على ذراعه.
تقترب منه، تُقبّل يده، وتضع اللوحة على الطاولة بجانبه. تُمسك بيده، وتُشير إلى الصورة، فتتوهج عيناه، كأنهما وجدا ما كانا يبحثان عنه.
يُسمع صوت شهقةٍ خافتةٍ، تلتها دمعةٌ، انزلقت من عينٍ، كأنها تحكي قصةً كاملةً، وتُختم المشهد بابتسامة تُعيد الحياة إلى وجدانه.





































