أصابعه تتمسك بكوبٍ باردٍ، تفركه ببطءٍ وكأنها تبحث عن الدفء. كانت عيناه تحدقان في بقعةٍ باهتةٍ على السجادة، لا تتحركان.
قطرة ماءٍ سقطت من صنبور المطبخ. صوتها يتردد في الفراغ. لم يكن هناك شيء آخر سوى هذا الصوت المتقطع، وهذا الهدوء الذي يثقل الهواء كبطانيةٍ رطبة.
مسح حافة عينه بطرف إصبعه، ثم تنهد بصوتٍ لم يخرج من صدره. كان تنهيدًا مكتومًا، ضجيجًا داخليًا لا يسمعه أحد سواه. حرك رأسه ببطء نحو النافذة، حيث تحركت أغصان شجرةٍ عارية، تهتز مع كل هبة ريح. كانت ساعة الحائط تصدر صوتاً خافتاً يشبه دقات قلبٍ بطيءٍ ومتردد.
تحسس جيوبه ووجد علبة سجائر، أخرج واحدةً منها ووضعها على شفتيه، لكنه لم يوقدها. بقيت هكذا، بين شفتيه، شاهدًا صامتًا على الصمت. نظر إلى الكوب البارد مجددًا، ثم رفعه ووضع شفتيه على حافته. لم يشرب شيئًا. كان الكوب فارغًا.
أمسك هاتفه من على الطاولة، كانت شاشته مضاءة. نظر إلى الأسماء التي تتلألأ في قائمة الاتصال، ثم حرك إبهامه ببطء حتى توقف عند اسمٍ معين. لم يتصل به.
أعاد الهاتف إلى مكانه، ورفع الكوب الفارغ مرةً أخرى، هذه المرة وضعه على قلبه. كانت أصابعه لا تزال تبحث عن الدفء.