المرآة على الجدار تُطالبُ بمنتصف وجه، كأنها نسيانٌ متعمّد لِما خلفها. لم تعرف سوى ذراع واحدة تُلوِّح، وعلى صدى خطوة فردية. لم يكن هناك حيز للزوجين. النوافذ تتفصّد بضوء يُولَدُ ميتاً؛ ضوء يرتدُّ، يرفض أن يتنفس داخل الحجرة.
عند العتبة، تتكئ شجرة وحيدة؛ أوراق الذاكرة تتقطر منها صفراء، لكنها لا تثمر سوى حنيناً طعمه كالملح المعتّق.
في كل فجر، اليد تُمسك فنجانين. أحدهما يفيض ببخار كثيف، يلطم الوجه بالحرارة. الآخر فارغ تماماً، ومع ذلك كان يشدُّ الكفَّ إلى الأسفل بوزنٍ لا يُحتمَل. تمتد اليد الأخرى، تبحث عن زند رفيق، لكنها لا تجني سوى الهواء. ثم تعود لترتاح على مقعد خشبي لم يجلس عليه أحد أبداً.
وفي العتمة، عندما تنسدل الستائر ككفن على المشهد الخارجي، يرى الرجل ظله كاملاً على الزجاج. هو ظلٌّ صحيح، لا نقص فيه. ومع ذلك، روحه كانت نصل صُلِبَ ومشرّح في اللاشيء. يميل نحو الوسادة، وهمسه يذوب فيها: "متى كانت عودتنا؟"
في ليلة البدر الهزيل، التفت نحو الفنجان الفارغ، الذي يميل الكفَّ بوزنه الكاذب. لم يكن هناك غياب ليعود. لم يكن هناك فَقْد. الآخر لم يكن سوى خيال، زرعه لئلا يُصبح ظلُّه هو نفسه ظلَّ الكون الوحيد.
رفع يده ليمسح صورة شخصين ظهرت في دمعة العين. كانت يده واحدة. سقط الفنجان الذي ظنّه "الأثقل" على الأرض. لم يُحدث صوتاً، ولم يترك شظايا. كانت اليد ترتجف، وهي الآن فارغة من كليهما.





































