هذه حكاية قديمة ....حكايتي مع (شخت البخت) حدثت معي عندما كنت في الصف الرابع أو ربما الثالث الابتدائي لا اذكر تحديدا
أحببت أن أقصها عليكم اليوم
ولمن لا يعرف ما هو( الشخت البخت) فأنا شخصيا لا اعرف معنى حرفي لهذه العبارة فلفظ( البخت) هو مرادف للفظ( الحظ) في لغتنا الدارجة أما(الشخت) فلا اعرف حقا ما هو؟
و(الشخت البخت) ممكن اعتباره مجازا لعبة كانت مشهورة لنا كأطفال فيما مضى ولا أدرى هل مازلت موجودة ليومنا هذا أم لا..؟
وهى لعبة غير مجانية أيضا
ما هو( الشخت بخت) ؟
عبارة عن لوحة من الورق المقوى (40*60 سم اوربما50*80 سم) على الأكثر
وعليها مجموعة من الهدايا (ملتصقة داخل أكياس بلاستيكية شفافة)
وهى هدايا معظمها تافه ماعدا هديه أو هديتين هما الأغلى وليس كثيرا ..
والتي لأجلها كان يسيل لعابنا كأطفال بل وكبار أيضا..
ففكرة أنك ستكسب فكرة تجعلك تشعر بسعادة كبيرة حتى لو كان ما ستكسبه شيء تافه
ولكن كيف ستكسب من( الشخت بخت)؟
وهذا هو الجزء الثاني من اللعبة
عبارة عن كيس كبير يحوى مئات الأكياس الورقية الصغيرة وداخل كل كيس قطعة أو قطعتين حلوى صغيرة جدا وورقة تحمل رقما لأحد الهدايا الموجودة على اللوحة والتي ستكسبها في حالة مطابقة الرقمين لامحاله
هذا إذا وجدت أصلا الورقة التي تحمل الرقم
وأكياس ورقيه قليله.. قليله جدا هي من تحوى ورقه ورقم على الورقة هو رقم لهدية على اللوحة
فالأغلبية خاسرة طبعا لأنها لاتجد ورق... فقط قطعتي (حلوى الترضية)
لأنك تدفع مقابل لتجرب حظك وتشترى كيس ورقى من أكياس( الشخت بخت)
والمحظوظون فقط هم من يجدون الأوراق التي تحمل أرقام الهدايا
ولأني لم أكن محظوظا طبعا وكنت مقتنع بهذا تماما ومنذ حداثتي
فلم يكن لدى استعداد لأغامر بمصروفي من أجل لعبه خاسرة بدون شك
فقطعة أو قطعتي الحلوة اللتان سأحصل عليهما (مؤكد) لا تساوى طبعا (الخمسة قروش)
التي سأدفعها لأحصل على كيس (الشخت بخت)
(هذا طبعا بمقاييس هذه الفترة عام 1988 أو 1989) تقريبا
في الحقيقة هذه اللعبة كانت أشبه بالقمار (إلا أننا لم نكن نفهم هذا وقتها)
فأنت تدفع من أجل فرصة المكسب
وقليل جدا من يكسب
وما يكسبه يمكن اعتباره من أموال الخاسرين الأغلبية
وحلوى الترضية (يمكن اعتبارها كذلك) التي تحصل عليها في كل الأحوال غير مناسبة للقيمة المدفوعة
الخلاصة
في يوم من الأيام
ولأنني كنت اذهب لمدرستي مبكرا..
مبكرا جدا ربما قبل اليوم الدراسي بساعتين..!!(لا أدرى حقا لماذا؟) .... (كنت فتره مسائية)
وكلنا يعلم تماما مكان بائع (الشخت بخت ) في فناء المدرسة
يمكن ملاحظة هذا بسهوله من الجمهرة التي تكون عليه
ومعظم الملتفين حوله من عينتي...لا يشترون فقط يشاهدون وهم إما حريصون على المصروف
أو اشتروا به حلوى أو ساندويتشات من قبل (أفيد لهم) أو ربما ليس لديهم مصروف من الأصل
أو اشتروا بالفعل ولم يحالفهم الحظ طبعا
وفى هذا اليوم قررت أن اخرج عن صمتي
قررت أن أكون ذكيا
نعم ظللت انتظر طويلا وأنا ارقب الخاسرين والفائزين القلائل بالهدايا التافهة طبعا
ربما (خمسون قرشا) جديدة (بتلمع) أو جنيه كاملا (مبلغ طبعا بالنسبة لنا كأطفال في هذا الوقت)
أو حتى هدايا عينية (عربيه بلاستيك صغيرة تعمل بالزق بدون بطارية ولا يحزنون) أو أي شيء تافه والسلام !
أما العروسة الكبيرة (اللي بتقول بابا وماما) أو العربية ( اللي بالريموت) أو حتى ساعة الحائط (أدى الجوائز ولا بلاش)
فالكل ينتظر سعيد الحظ الذي سيكسبهم
ولأني في الحقيقة لا أتذكر (الجائزة الكبرى ) التي تبقت في ذلك اليوم
إلا أن عيني لم تبارحها قط وأنا أدعوا الله أن لا يفوز بها أحد
حتى تحين اللحظة الحاسمة لأفوز أنا بها طبعا
وها قد حانت بعد طول انتظار ولم يتبق سوى كيسين ورقيين أحدهما رابح لا محالة
أخرجت قروشي العشرة (اللي حيلتي)
واشتريتهما وأنظار الأطفال ترقبني في لهفه
حان الآن وقت حصد ثمار عبقريتي
فتحت الأولى لا ورق فقط حلوى الترضية
الثانية لا ورق أيضا
يا ولاد ( ا..ل.. ن..ص...ا...ب..ة)
لم يخبرني أحد أنه لا أحد يربح الجائزة الكبرى
لم يخبرني أحد أن الجائزة الكبرى للبائع
لم يخبرني أحد لأوفر مصروفي البائس أو أشترى به شيئا مفيدا
لم يخبرني أحد
لقد نصب على
لم اربح انتهى الورق وانتهت اللعبة ولم يربح احد
استجاب الله لدعائي و لم يربح أحد الجائزة الكبرى
ويبدو أنى نسيت أن ادعوا لنفسي بان أكون أنا الرابح لها !!
قررت بعدها أن لا أتخلى عن حرصي أبدا
قررت بعدها أن أؤمن بحظوظي أكثر وأكن أكثر واقعية
فالمحظوظون قليلون جدا في هذا الحياة ولا تعرف كيف يختارهم الحظ ..!!
ولا يهم.. فلم أكن أبدا يوما منهم ولن أكون ..!!
واحمد الله أنى لم أفز فهي في النهاية نوع من أنواع القمار أو تأخذ هذا الحكم بالنسب لي (ولا أفتى بحكم شرعي لأني غير مؤهل لذلك)
ولكن أقول بالنسبة لي أتعامل معها كذلك اليوم
ولأني لم ألعب (الشخت بخت) بعدها لليوم ولا يصح.... ولأني لا اعرف إذا ما كان( الشخت بخت) مازال موجودا أم لا... وإن وجد فشعبيته أقل كثيرا جدا مما سبق لظهور أشكال وأنواع لا تحصى من الألعاب
للصغار وغيرهم
ومع هذا فما زال( الشخت بخت) موجودا ولكن في صور مختلفة
بداية من ألغاز المفتش( كرومبو) وحتى مسابقات( موبينيل) للمعلومات العامة و واتصل ب(0900 )وهلم جرا
كلها( شخت بخت) فالنهاية .......لا فرق..
تتصل بسعر أغلى من سعر المكالمة العادية بمراحل (أي انك تدفع مقابل للاشتراك (ليس مجانا))
لتجيب على سؤال تافه بعد أن تنتظر عشرات الدقائق أو تقوم بعشرات المحاولات
ويختار الكمبيوتر الفائز المحظوظ في النهاية والذي تعتبر قيمة جائزته من حصيلة مكالمات المشتركين
والباقي ربح مشترك ما بين شركة الاتصالات والمنظمين للمسابقة.
وتنتظر أنت فاتورة ملتهبة يا مسكين رغم كونها ملتهبة بطبعها (لأسباب موضوعية أو بدون أسباب غالبا!!.. ليس موضعنا الآن)
أوأن تفقد رصيد هاتفك المحمول وأنت تتحسر فقط على أنك غير محظوظ ولم تفز مثل الفائزين وربما بل غالبا ستعاود المحاولة
ليستفيد المستفيدون ولتخسر أنت من جديد
دون أن تحصل حتى على( حلوى الترضية)
وكلها بالنسبة لي قمار (محرم شرعا) والله اعلم
وكلها (شخت بخت)
ولا أنتم رأيكم أيه؟