ترددت كثيرا قبل أن اكتب لكم تلك الحكاية ولا اعرف لماذا تحديداً؟
والتي يوافق حدوثها تاريخ هذا اليوم.. ربما لن تتقبلها عقولكم أو يستسيغها منطقكم أو ربما ستطالبونني بالإثباتات أو توجهونني بالقرائن والأدلة التي تثبت عبثيه وخرافه قصتي..أقول لكم لقد حدث بالفعل..كان هذا فشهر رمضان منذ عده أعوام.. إنها جنازة ...والمتوفى والد احد الأصدقاء .. لن اصف لكم المشهد فانتم تعرفونه ما بين بكاء ودموع و نحيب وحتى صراخ ..مشهد مهيب كل منا مر به وشاهده فحياته عشرات المرات لأقارب أو معارف أو جيران أو زملاء وأصدقاء.. ولكن الغريب فالمشهد هو مشهد صديقي بطل الحكاية والمتوفى هو والده..فلم يكن يبكى.. لم يكن ينوح أو يتحدث أو يفعل أي شيء معتاد او حتى غير معتاد فمثل تلك المواقف.. لم يكن يبدو عليه أي حزن اى مشاعر من الأصل لم يكن حاضر بمعنى اصح كان أشبه بتمثال من الحجر لا مشاعر فيه.. ستقولون(عادى) انه اثر الصدمة ..كان منظره غريبا جدا بخلاف أخوته وحتى كل من حوله .. أنا لم أكن أتابعه طوال الوقت ببصري ولكن يقولون انه حضر الغسل لوالده وفاثناء الغسل كان يحدثه نعم كان يتحدث مع والده المتوفى!! وكأنه حوار بين اثنين حيين ولكن احدهما لم يعد ينتمي لهذه الحياة ..كان يقول له كلاما على نمط " أنا جاى معاك!!" وكان الكلام متكررا وكأن المتوفى يعاتبه فيكرر الإلحاح..فأخرجوه من هناك ولم يحضر الصلاة على والده ولا حتى الدفن لم يرى المقبرة المطلية بطلاء جديد منذ زمن
ولكن فاليوم التالي وعندما استفاق وصفها بدقه!!.
فاليوم التالي حكي أشياء عجيبة لا يصدقها عقل لقد كان بالفعل يتحدث مع والده !!
كان يخبره انه "جاى معاه "ولكن والده كان يوصيه بإخوته أوصاه بأشياء كثيرة وحدثه عن أشياء لم اعد اذكرها حقيقة(كان هذا منذ سنوات) يقول انه شاهد الصلاة فالمسجد وهو لم يذهب إليه كانا هو ووالده يشاهدان المشهد من اعلي ووالده يحدثه عن المصلين فردا فردا فيقول له هذا فلان يحبني وهذا فلان يكرهني..أما هذا فينافقني!.. شاهد المقبرة بطلائها الحديث ووصفها بدقه وشاهد لما فتحت نورا شديد وبردا يخرج منها (كان هذا ليلا والجو صيف) كان يريد الذهاب معه ولكن والده اخبره ليس الآن..ليس هذا فحسب بل أن والده اخبره عن أمانه كان من المفترض انه سيوصلها لشخص ما ولكن وافته المنية قبل هذا وطلب منه أن يوصلها حتى أن الرجل (صاحبها) استغرب جدا من معرفته بها!! تفاصيل كثيرة ربما نسيتها.. ولكنها حكاية حقيقة حدثت بالفعل.. صدقوها كليا أو جزئيا أو كذبوها .. أنكروها أو قولوا حتى انه مس من الشيطان(رغم إننا كنا فرمضان).. قولوا إنها تخاريف لا تتفق مع العقل والمنطق رغم انه منطق يتغير حتى بتغير الزمان والمكان و هذا فحدود عالمنا المادي الملموس فلماذا نقيس أيضا عليه عالم الغيب الذي تحكمه قواعد لا نعلمها..وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.. وبغض النظر عن ما يخص الوالد المتوفى وأحواله التي يبدو فيها بشارة خير وبقدر ما قد يصدمنا أو يثير استغرابنا أو ربما لم نفكر أصلا فكيف يكون ما بعد الموت وبقدر ما بدا المشهد جميلا في تلك الحالة ربما سيكون شنيعا أشنع مما يتخيله عقلنا أو يتقبله منطقنا فحالات عكسية أخرى..ولكن الأعجب هو كيف حدث هذا لصديقي . كيف استطاع مشاهده مشاهد أخرى فأماكن أخرى وهو فحاله اليقظة مفتوح العينين كما رأيته ورآه غيري لم يتحرك ولم يغب عن الوعي بل زائغ العينين باردا الملامح كلوح الثلج ..كيف رأى والده أو روحه يقظة وحدثه بل ظل يرافقه حتى دخوله المقبرة رأى مشاهد أخروية قد لا ترى حتى مناما.. فمناما قد يرى البعض أشياء شبيهه.. ولكن يقظة.. هذا أمر عجيب ..هل خرجت روحه من جسده أم وعيه الذي انتقل أم ماذا؟..هل يتاح هذا لكل الموتى أم بعضهم أم ماذا؟ ..كانت قصه مذهله صادمه عالاقل وقتها.. اذكر أيضا أن المتوفى طلب أشياء كثيرة من ولده فطلب أن يحج عنه فهو لم يحج فحياته وطلب أن يختم له المصحف كل أسبوع(حقيقة لم اعد اذكر هل كان هذا الجزء فنفس الرحلة أم فمنام لاحق) .. صديقي حرص على تنفيذ هذا ولكن تعرفون الحياة فمع الوقت ننسى ربما صديقي نسى أصلا تلك القصة العجيبة رغم انه من مر بهذه التجربة العجيبة الرهيبة ..إنها الحياة ومشاغلها ..رحم الله المتوفى ورحمنا جميعا وأحسن ختامنا.
وكل عام وأنتم بخير.