نسمع كثيرا عن أن هناك في مجتمعاتنا العربية و المصرية منها بالذات, من يكرّسون حياتهم لهدم كل نجاح, و وأد كل تفوق, في حين لا نجد مَن يشير إلى من يدفع الناجحين إلى النجاح أكثر و لا إلى الموجودين في الخطوط الخلفية لكل ناجح, يشد من أزره و يوجهه بشكل دافع يخلِق فيه النجاح.
و في مسيرة حياتي, أستطيع أن أقرر بأنني قد لاقيت من الصنفان كثير, و واجهت مَن يحطم النجاحات أو يقزمها, و أيضا وجدت من لا يتركك إلا و قد أضاف لك طاقاتٍ إيجابية بكلمات أو أفعال.
و أهم ما يجب أن نناقشه في هذا الأمر أراه في شقين رئيسيين, و هما قوة تأثير الهدم و الهادمين في المبدعين, و الآخر عدم تقديم النماذج التي تدفع و تحفّز الآخرين, كما هو الحال في أغلب مناحي حياتنا, حين لا ننتبه إلا إلى المسيئين و السلبيين في ما هو مطروح من قضايا مجتمعية تهم الناس, و نهمل المحفّزين و المطورين لغيرهم كما لو كانوا غير متواجدين.
و إذا كنا نرقب و نشاهد قسوة هؤلاء الذين ينتقون المثالب في أي نجاحٍ ليصلوا به إلى وصفِهِ بالشيء العادي أو الأقل, في منظومة هدم الناجح و التقليل من النجاح, فعلينا أن نكون نحن الطرف الآخر للمبدعين و الناجحين لتقوية النجاح و تعلية قيمته و الناجحين.
و علينا أن نفند ما يطرحه ذوي الصورة الذهنية السلبية الذين لا يرون إلا بقعة الظلام في نَسَق الضوء المشرق المضيء.
و هنا قد يترآى للقارئ سؤلاً, عن النقد و كونه مطوراً للفكر و الأداء و الإبداع, و كيف نصف البعض بالهدامين حين ينتقوا المثالب من النجاح و نحذر منهم, ؟
و هو سؤال مشروع بل نحتاجه لإجلاء صفحة طرح الموضوع بنقاء, إذ أن النقد و تقديم الإنتقاد أصل من أصول التطوير و التقدم الإبداعي, لكن ذلك يرتبط بصياغة النقد, فإذا كان جالدا مسيئا أو مستهزِئاً بالنجاح أو مُركّزا على شخص الناجح المبدع بسخرية, فهذا الذي نعنيه بهدم النجاح و الإبداع,,
أما إذا كان النقد من ذوي الإختصاص, مُركِّزاً على تقديم ما يمكن أن نطور به العمل الفكري أو الإبداعي, مع التقيد بصياغة تحترم العمل و لا تقزّم من النجاح فهو النقد الذي يحتاجه النجاح لتطويره.
أما عن الشق الآخر الذي يتمثل في من يدفعون الآخرين للنجاح, فهم بوفرةٍ متواجدين, و نقابلهم في مسيرة العمل و الإبداع في كل مجالات الحياة, و نستشعر من يحفزوننا و يطورون من أدائنا كمجتمع, و يقدمون النقد بصِيَغٍ ودودة و دافعة تعمل على التطوير.
و نشيرإلى واجبنا أيضا في تقديم هؤلاء كنماذج و قدوات, مع ضرورة نشر ما يقومون به لينتشر في المجتمع, و أن نقدم لهم الشكر و التقدير, فهم القوة الدافعة المحفّزة على النجاح, و هم من يخلقون النجاح في الآخرين حتى لو لم يكن النجاح بأسمائهم, إلا أن النجاح دوماً إلى هؤلاء يحتاج.