قال لي مستاءً: إن أغلب رجال الأعمال في مصر "للأسف" لا يعملون إلا في "الكمبوندات" والشاليهات السياحية والوحدات السكنية، ولا يركزون إلا على هذه النوعية من الأعمال الخرسانية، ولا يقتحمون الصناعات الغذائية او الزراعية أو الإنتاجية وغيرها، مما يفيدنا في التصدير وجلب العملة الصعبة الأجنبية وهو الذي تحتاجه مصر اليوم، وليس الكمبوندات والعمائر السكنية.
قلت له يا صديقي إن الاستثمار العقاري هو أيضا إنتاج، يدخل ضمن إجمالي الإنتاج القومي المحلي للوطن،
وهذا الإنتاج تمثله صناعة التشييد والبناء، التي ترتكز عليها مجالات كثيرة ومنها السياحة، حيث أن السائح يحتاج إلى وحدات فندقية يقيم بها، وبذلك هو أحد دعائم السياحة في مصر،
ثم إن صناعة التشييد لها مُنتج لأنها صناعة، والمنتَج هو الوحدة السكنية، سواءً شاليه أو شقة أو فيلا، أو وحدة إدارية أو تجارية، وكل ذلك يصب في صالح الاقتصاد الوطني للدولة، كصناعة إنتاجية،
وحين يأتي الأجنبي لتملك مثل هذه الوحدات، فهو يمثل تصدير للمنتج العقاري، حيث يُدر أرباحًا للمستثمر الذي بالتالي يدفع الضرائب، مما يمثل مدخولًا للدولة، بخلاف أنه سيزيد من احتياطيات النقد الأجنبي، لأن الشاري الأجنبي سيحول عملته الأجنبية إلى جنيه مصري داخل مصر.
فضلًا عن أن ذلك يدر أرباحًا للدولة لأنها أصبحت اليوم شريك مع المستثمرفي الشراكات الكبرى، وليس كما في السابق حيث كان المستثمر يأخذ المتر بجنيهات قليلة أي "ببلاش" مقابل أنه يقوم بالتطوير وإنشاء مجتمعات جديدة على أرض صحراوية،
أما اليوم فأصبح التعامل مع المستثمرين في صورة شراكة بين إدارة الوطن -ممثَلة في الحكومة- والمستثمر العقاري، بحيث تاخذ الحكومة نسبة تصل إلى 35% من إجمالي الإنتاج الذي سينتجه المستثمر العقاري،
وهو نفس فكر الشراكات في القطاع الخاص، بين صاحب الأرض وشركات التطوير العقاري،
ثم إن هذا القطاع العريض، الذي هو قطاع الاستثمار العقاري، عبارة عن قاطرة تقود تصنيع ما لا يقل عن 300 مادة تصنيعية مثل الأسمنت وحديد التسليح والبلوك ومواد التشطيبات، مما يدخل حتمًا في صناعة التشييد والبناء، وبذلك هي تفتح بيوتًا وتزيد فرصًا للعمل وتقلل البطالة، وتزيد من الناتج القومي المحلي للوطن.
ولا ننسى في الحقيقة، أن التطوير العقاري على أراضي الدولة، بمفهوم التطوير العمراني المتكامل الذي يحدث اليوم، هو أسلوب ناجح جدًا لأنه يخلق فرص استثمارية عالية القيمة بجوار الأراضي التي يطورها مطوري الاستثمار العقاري بمصر، مما يعود على ميزانية الدولة بأعلى اسثمار في سعر تلك الأراضي التي لم يكن لها من قبل سعرًا، وهذا حدث في أراضي العاصمة الادارية، والمتخللات الفضاء في شتى ربوع المجتمعات العمرانية الجديدة.
الحديث في أهمية مجال التطوير العقاري طويل، وما أردته هو فقط إلقاء الضوء على جزء من فوائد صناعة التشييد والبناء، التي يقوم فيها المطور العقاري بجزء كبير للنهوض بها ودفعها بفوائدها الكبيرة إلى الامام، لصالحه ولصالح الوطن أيضًا.