"المنسحبون لا يربحون أبدا" ولكن في حالة السجائر ، فإن المنسحبين هم الرابحون الحقيقيون. وليس الرابح فقط هو الشخص المقلع عن التدخين ولكن الرابح أيضاً هو الدواء الذي يتناوله ذلك الشخص والذي قد يكون كمن يطفيء سيجارته في دوائه دون أن يشعر

التدخين له من المضار الصحية التي يعرفها جيداً المدخن قبل الغير مدخن و لا تقتصر مضاره الصحية على الشخص المدخن نفسه ولكن تمتد لتشمل من حوله حتى ان دراسة حديثة أثبتت ان التدخين يزيد من الإصابات بعدوى الجهاز التنفسيّ في الأطفال الذين يتعرضون لدخان السجائر نتيجة تناول أبائهم له نتيجة التأثير السلبي للتدخين على البكتيريا النافعة الموجودة في الجهاز التنفسي و على قدرة الجهاز التنفسي في التخلص من البكتيريا الضارة ، كما يقلل التدخين من فاعلية المضادات الحيوية المستخدمة في علاج عدوى الجهاز التنفسي.

🔶 س١- لا يقتصر التأثير السلبي على مفعول الأدوية في المثال المذكور أعلاه ولكن يمتد لكثير من الأمثلة فما هي ؟

 ١- يزيد التدخين من نشاط بعض انزيمات الكبد ( cytochrome P450 1A2) المسئولة عن تكسير بعض الادوية مما يقلل من مفعول هذه الأدوية ، ومن الادوية التي يتأثر مفعولها بشدة من التدخين نتيجة اعتمادها على هذه الانزيمات في تخلص الجسم منها هي: بعض مضادات الاكتئاب مثل "سيمبالتا، ريميرون، fluovoxamine" ، الاستروجين ، بعض مضادات الفصام مثل " كلوزابين/ clozapex" بعض ادوية القلب مثل "الانديرال" بعض مضادات الأرق مثل " زانكس" بعض ادوية علاج الاورام .

مما قد يستدعي زيادة جرعة هذه الادوية بنسبة قد تصل الى ٢٥٪؜ زيادة في الجرعة حتى تحقق الغرض العلاجي المطلوب. و بنفس الاهمية يجب العلم انه بعد التوقف عن التدخين ، يعود النشاط الطبيعي لـهذه الانزيمات( CYP1A2 ) في غضون شهر مما يستلزم خفض الجرعة إلى المستوى الأصلي واذا لم يتم هذا و استمر الشخص في تناول الدواء بنفس جرعة ما قبل الاقلاع عن التدخين ففي هذه الحالة قد تزيد تركيزات الدواء مما يؤدي إلى آثار جانبية ضارة.

٢- يزيد التدخين ايضاً من نشاط إنزيم آخر في الكبد يسمى CYP2E1 وينتج عن زيادة نشاط هذا الإنزيم زيادة في تكسير بعض مضادات الصرع ( تجريتول ، إيبانوتين،..) كما ينتج عن زيادة نشاط هذا الإنزيم زيادة في تحول مسكن الألم المعروف بالباراسيتامول ( بنادول ، أبيمول ،..) إذا تم تناوله بكميات كبيرة إلى مادة( NAPQI) قد تسبب ضرراً للكبد نتيجة التسبب في تأكسد في خلايا الكبد. لذلك لا يجب زيادة الجرعة اليومية من الباراسيتامول عن ٣ جرام يوميا في المرضى الذين يتناول السجائر.

كما يرجى العلم أنه بسبب زيادة نشاط الCYP2E1 تزيد نسب حدوث تراكم الدهون في الكبد او ما يسمى fatty liver disease في المدخنين. يزيد انزيم الCYP2E1 من تراكم الدهون في الكبد عن طريق زيادة مواد الأكسدة( CYP2E1 forms reactive oxygen species that react with the unsaturated bonds of long chain fatty acids and initiate the process of lipid peroxidation)

٣- يقلل التدخين أيضاً من مفعول مضادات الاكتئاب و مضادات الفصام و ذلك لأن التدخين يزيد من حدة الإكتئاب والفصام. 

٤-على الجانب الآخر هناك بعض الأدوية التي يزيد التدخين من فاعليتها و تحولها إلى مواد نشطة في الجسم و من أمثلة هذه الادوية الclopidogrel ( بلافيكس) والذي يستخدم كمضاد للصفائح الدموية في علاج الجلطات، و اذا حدث ان اوقف المريض تناول السجائر يجب زيادة الجرعات المستخدمة لاعطاء نفس المفعول الدوائي.

٥-التدخين يزيد من التأثير السلبي للأسبرين على المعدة لذلك يجب تجنب التدخين وكذلك تقليل تناول مضادات الالتهاب ( NSAIDS ) والكورتيزونات حيث أن جميع هذه الأدوية لها تأثير ضار على المعدة.

🔶 س٢- هل تعتبر السجائر الإلكترونية بديل آمن لتناول السجائر؟

 يرجى العلم أن السجائر الالكترونية ( vaping) لا تعتبر طريقة من طرق إيقاف التدخين ولا تعتبر بديلاً لما يسمى ببدائل النيكوتين ( Nicotine Replacement Therapy NRT) ويجب التنويه أيضاً أن الNIH أعلنت ان الشباب الذين يتناولون السجائر الالكترونية أكثر عرضى انهم يتناولون السجائر العادية لاحقاً كما حذرت الFDA من استخدام هذه السجائر الالكترونية!!

🔶 س٣- ما هي الادوية المستخدمة في الإقلاع عن التدخين؟

فيما يخص الاستخدام الآمن للأدوية المستخدمة في إيقاف التدخين برجاء ملاحظة التالي:

١- يوجد ٣ أدوية ( NRT /النيكوتين سواء في هيئة لواصق أو مضغ أو استنشاق ، varnecillin، bupropion) يمكن استخدامها في إيقاف التدخين ويعتمد اختيار واحد من هذه الأدوية على عوامل عديدة منها ؛ السن، الوزن، عدد السجائر التي كان يتناولها المدخن، وجود أمراض مزمنة،.حيث ان بعض هذه الادوية محظور استخدامها عند وجود امراض معينة ( مثلا bupropion / ويلبوترين لا يسمح باستخدامه عند الاصابة ببعض الامراض النفسية بينما يفضل استخدامه في المرضى الذين يعانون من السمنة ). 

٢-نجاح أي من الادوية السابقة المستخدمة في إيقاف التدخين يعتمد على الالتزام بتناولها بطريقة صحيحة ( البروتوكول العلاجي الصحيح ) ولكن قبل أي شيء يعتمد نجاحها على وجود إرادة قوية من المريض لإيقاف التدخين ومساعدة المريض بما يسمى behavioral therapy ( العلاج السلوكي).

٣- كما ذكر أعلاه, حيث أن المدخنين الذين يتناولون بعض الأدوية لعلاج بعض الأمراض ( مثل الاكتئاب، الفصام ، الصرع، ..) تكون الجرعات المتناولة منها كبيرة لكي تعوض الجزء المفقود الناتج من تحفيز الانزيم المسئول عن التخلص منها ، وبالتالي عند البدء في إيقاف التدخين يجب مراعاة ذلك و تقليل الجرعات المستخدمة من هذه الادوية لان أياً من الادوية المستخدمة في إيقاف التدخين ( بما فيها NRT) لا تسبب تحفيزاً لهذه الانزيمات . وهذه من التحذيرات الهامة الواجب الانتباه لها حيث قد ينتج عن عدم اتخاذها في الاعتبار العديد من المشاكل الصحية الخطيرة. 

دمتم ان شاء الله بصحة وعافية