عام ١٩٥٨ في مثل هذه الايام كنت تلميذا في اولي ثانوي
واخرجونا من بعض الفصول لاستلام الكتب المدرسية
....
ووقفنا في طابور طويل يسوده قليل من الهرج والمرج
ونادي علينا الموظف المسئول بان اليوم لا توجد مصاحف وسوف تتسلمونها وقت مجيئها
....
شملني الحزن من رأسي حتي قدماي
...فقد كنت في شوق اليه فقد كان كبير الحجم فخما اوراقه متازة
ولم يكن لدي في بيتي مصحف بهذه الفخامة
.....
ومر الوقت قرابة الساعة واجدني امام الموظف يرص فوق ذراعاي الممدودتين الكتاب تلو الاَخر وعند انصرافي يهمس الرجل بصوت منخفض لا تفتح فمك ويضع المصحف اعلي الكتب كلها
.....
اصابني خليط من اللخبطة والفرح وعدم اليقين !!
.....
بقي معي هذا المصحف الصديق مرحلة الثانوي والجامعة ولما تخرجت طبيبا اصطحبته الي محل تجليد بجوار مسجد الحسين رضي الله عنه
وزاملني في حلي وترحالي خارج مصر وداخلها ثم احتفظت به ف
ي مكتبتي مع اخوته من مصاحف جاءتني من رفاق وجهات وقلوب شتي
....
وانا امام المكتبة جرني وشدني الحنين اليه وافتحه علي سورة الاسراء
والاَية رقم ١١
....
وكأنها تعيش معنا في بيوتنا
ونحن الاباء والامهات ....ولدينا مشكلات في حياتنا اليومية قد تضطرنا للعصبية في التعامل مع ابنائنا وبناتنا ولا نسمح لهم بالحوار المتبادل وتتسع صدورنا لسماع شكواهم من امور شتي اختلفت كثيرا عن امور عشناها نحن في مثل سنهم !!
...
وقد لا يحدث التقاء للنفوس الغاضبة للاسف (ونستعيذ بالله من الغضب ) ويغلبنا الشيطان حتي ندعوا الله سبانه ضدهم
....
طبعا ربنا عالم بقلوب الوالدين
....
عشان كده لن يستجيب ربنا لمثل هذا الدعاء
....
تخيل ربنا سبحانه في علاه وملكوته يوصينا بالخير في بيوتنا وحياتنا ولا نغضب
...
( ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا ) ١١ الاسراء
هذا المصحف يربينا ..ليتنا نضمه لقلوبنا ونقرأه
....ليتنا