هو صاحب العظام، يعرف لغتها جيدا، تبوح له بأسرارها، تشكى له أوتار وأربطة وتطلب مساعدته كي تلحق الغضاريف ..هو يعرف جيدا الطريق إلى الوتر، يرممه ويربطه بعناية ومهارة عالية، يغار الغضروف من اهتمامه بالأوتار، يحاول إرضاؤه، يده تعرف الطريق جيدا، عينيه ثاقبة تمسح الرؤية في ثلاثة أبعاد، تخترق الجسد نافذا إلي ال206عظمة تطمئن عليهم، ويعاود المسح مع كل حالة، وفى كل مرة ينكشف له سر جديد، وطريقة جديدة للترميم ، والربط والتجبير..
يصلح من الداخل، ويعلم الناس التعامل من الخارج، مع كل حالة يكتشف أن العظام، الأوتار، الغضاريف، والأربطة، تسمع كلامه وتنفذه بحذافيره أكثر إتقانا من البشر، فيعشقها أكثر، ويدللها أكثر..
في إحدى زياراتي، وجدته مجهدا، غاضبا، التوتر يأكل ملامحه، وعيناه سارحتان في كل شيء إلا وجوه البشر، يهرب من تصرفاتهم الحمقاء، أشفقت عليه، فكيف يكون جزاء الإحسان خذلان!؟.
مثل هذه اليد التي تعرف العزف على الأوتار تستحق العزف لها مدى الحياة، فهو كالوتر السادس في الكمان.. هو سببا في إبتسامة مريض، وسندا لتعثره، ونسا لوحشة غريب ترك أهله واستقل بسرير في المشفي،بقدر ما تطيب به الأحوال بقدر حبه لما يعمل وحب مرضاه له. ليس كمثله طبيب، ولا شبيه، تعرفه منسأة سليمان جيدا، وعصا موسى، هو صاحب العظام وطبيبها..






































