أحيانًا لا تكون الصدمة في الحدث نفسه، بل في الصدى الذي تركه فينا.
كأنّ ارتطامًا وقع في الداخل، فتبعثرت ذراتنا، ثمّ اجتهدنا نجمعها على عَجَل،
فأعدنا تشكيل أنفسنا بما تيسّر، لا بما يليق بنا.
ومن يومها، بدأنا نعيش بنسخةٍ منّا ليست نحن،
نسخة تعرف كيف تتفادى الألم، لكنها لا تعرف كيف تحيا بصدق.
نخاف السقوط، فنمشِي بخطى مقيدة،
نخشى الفقد، فنُمسك بالأشياء حتى تُوجِعنا،
نظن أننا نتحكم، بينما نحن في الحقيقة نكرر الدور ذاته في مسرحٍ يتبدل فيه الممثلون فقط.
الحدث مضى… لكن أثره تمدّد فينا كظلٍ طويلٍ للشمس الغاربة.
فلم يعد الخوف لحظة، بل هوية.
ولم يعد الماضي ذكرى، بل موطنًا نسكنه كلما أوشكنا على الاتساع.
لكن هناك لحظة فاصلة —
لحظة يُناديك فيها عمقك أن تتوقّف عن حماية الجرح،
أن تكفّ عن الهروب باسم النجاة،
أن تنزع عنك الدروع التي صدئت من طول الانتظار.
حينها فقط تدرك أن التحرر لا يعني الانتصار على الصدمة،
بل التصالح معك كما صرت بعدها.
أن ترى ما خلّفته فيك، لا كعاهة، بل كبذرة وعي.
فما عاد الثقب الأسود يبتلعك،
بل صار بوابتك إلى ضوءٍ لم تعرفه من قبل.
ضوء الوعي… حين تُدرك أن كل ما انكسر فيك،
كان يُعيدك إلى نفسك التي نُسيت في زحام البقاء.






































