الأخوة الأحباب لقد بدأت علاقتي بالعلم منذ زمن طويل ، و تحديداً عندما كان عمري خمس سنوات و نصف ، و في القطر الشقيق سوريا ، حيث كنا هناك أيام الوحدة بين مصر و سوريا ، و كان ذلك في كُتاب بجبل الأكراد في دمشق ، و كانت المعلمة تسألني و أنا أجيب و يضحك كل من في الفصل :p و كنت أتعجب لماذا يضحكون و الإجابة صحيحة ، ثم تبين لي أن الأولاد يضحكون على لهجتي المصرية ، فتوقفت عن الإجابة ، حتى هددتني المعلمة بحبسي في غرفة الفئران بعد أن تدهن جسدي عسل ليلتهمني الفئران ،و أنا لا أعرف علاقة الفئران بالعسل إلا من خلال قصة ( قصر ذيل يا أذعر ) و هى قصة تحكي أن فأراً له ذيل طويل و معه فأر له ذيل قصير ، و كانت هناك جرة عسل ، يضع الفأر ذو الذيل الطويل ذيله في الجرة ثم يلعق العسل ، فكان الفأر ذو الذيل القصير يقول لصاحبه " أنا لا أحب العسل " فيرد عليه صاحبه بل هو" قصر ذيل يا أذعر " . و لكني لم أهتم لتهديد المعلمة ، و ظللت صامتا ، و في يوم قررت المعلمة أن تنفذ عقابها ، و فعلا أخرتني عن جميع الأولاد و حبستني في غرفة خربة ، أعلاها فتحة ، المفترض أنها شباك ، و لكنها لم تدهن جسدي عسلا ً ، لعله كان غير متوافر في حينها في الأسواق ، و لكنني إستطعت بمساعدة جاري الكردي ( حفيد صلاح الدين ) أن أقفز من النافذة ، و فررت إلى البيت و الأهم أنني إتخذت قراراً بعدم العودة إلى هذا الكتاب مرة أخرى .
و عدنا إلى مصر و عمري سبع سنوات ، و إلتحقت بالمدرسة الإبتدائية ، ثم كان الصدام الثاني ( بعد صدام غرفة الفئران ) ألا و هو جدولالضرب و لا أعرف على وجه الحقيقة من أسماه جدول الضرب ، فحد علمي أن الأعداد محترمة ، و هى تتوافق لتكوين أرقام بمنتهى الأدب ، و هذه التسمية لا تمت بصلة علمية لهذا الجدول ، بل كان الأولى أن يسمى جدول التكرار ، أو الجدول التكراري ، لأن الحقيقة العلمية تقول أن 5×3 تعني تكرار الخمسة ثلاث مرات ، و هى خاصية تبادلية بمعنى أن 5×3 = 3×5 ، هكذا أتصور ، فأين الضرب ، طبعاً الضرب هو للتلاميذ الذين لا يحفظون ، بسبب تلك الطريقة العجيبة في التعليم ( حافظ مش فاهم ) . و ظلت القصة كر و فر مع التعليم و أساليبه سنوات طويلة ، حتى كانت بداية الكلية ( هندسة القاهرة ) مع أعجوبة جميلة تسمى المسطرة الحاسبة ، و كانت تساعد جدا على حضور الذهن فلو ضربت 500×300 يكون الناتج 15 و عليك أنت أن تستنتج أنها150000 و طبعاً يظهر هذا في الأرقام الكبيرة الصعبة ( بدون أصفار ) .
و كان العام الذي يليه ، و ظهرت الألة الحاسبة ، شيطان جدول الضرب و القسمة و الجمع و الطرح , و منعنا من إستخدامها ( أنا أصلاً مكانش معايا واحدة ) . و بعدين أحد الدكاترة المحترمين و كان يدرس لنا علماً يسمى المساحة ، سمح لنا بإستخدام هذا الشيطان في إمتحانه ، و كما قلت لم يكن معي واحدة و لا أستطيع أن أطلبها من أهلي ، و نما إلى علمي أن صديقي مصطفى ( هندسة حلوان ) قد حصل على واحدة ( ألة حاسبة ) فذهبت إليه و هو صديقي جدا و عرضت عليه أن يسلفني هذا الشيطان الصغير يوم إمتحان المساحة ، إذا لم يتعارض ذلك مع إمتحاناته و فلا يوم إمتحان المساحة عندي ، كان عنده رسم ، يعني مش محتاج الألة العجيبة ، و لأني كنت ساذجاً ، فقد وعدني مصطفى ، أن يحضر هو لي الألة ، و على أن أهتم بمراجعة مواد الإمتحان ، و شكرت له إزدواجية المعروف ( يسلفني الألة و يحضرها لي بنفسه ) . و آه من الصديق حينما يغدر ، لم يحضر مصطفى ، و لم يحضر الألة ، و قد سببت لي هذه الواقعة ، مشكلة في الإمتحان ، حيث كنت مهيأ نفسياً لإستخدام الألة و كان ما كان .
ثم بدأنا نتعرف على الشيطان الأكبر في أمريكا ، كمبيوتر في حجم العمارة ، يعمل بالكروت المثقبة ، و خرجنا من الكلية و لم نتعلم إلا اليسير عن هذا الموضوع .
وفي يوم دعاني صديق لي مهندس معماري لأشاهد ذلك الشيطان الصغير ( كمبيوتر شخصي ) ليعرفني عليه ، و كان برنامج التشغيل هو الدوس ، يعطي أمراً ثم يلتفت إلى يحدثني و يحكي لي قصة حتى يتم تنفيذ الأمر ، و ممكن يقوم يعمل شاي و يعود و الأمر مازال تحت التنفيذ .
و لم يعجبني هذا الموضوع ، و شغلت بعملي التنفيذي الذي لا يحتاج إلى كمبيوتر ، و فجأة ظهر الوندوز التطور الحقيقي لإستخدام الكمبيوتر ، بس برضوا أنا بعيد .
ثم وجدت أنه يجب أن أتعلم لا محالة ، فأخذت فكرة عن الوندوز ثم الإكسل ثم الوارد و قدر يسير من الأوتوكاد ، و من العجيب أنني أردت أن أطور نفسي فذهبت لأخذ دورة ، فوجدت أن معلوماتي أقوى من المعلم ، فيأست من التطوير بشكل كبير و كان التقدم بطئ ، و لم ننتهي من مشاكل الكمبيوتر حتى كانت مشكلة الهواتف المحمولة ، ثم الإنترنت ، تسارع رهيب يقابله بطء في التعلم شديد ، و كانت المأساة فبعد أن تعرفت على المنتدى ، و وجدت الأستاذة / سيلينت تشرح الجرامر ، عملت فلعوص و إقترحت عليها ، عمل دروس منفصلة لكل باب ، يعقبه تمارين ، و تفضلت الأستاذة الكريمة بقبول الإقتراح و تنفيذه مشكورة ، و تنتظر مني حل التمارين ( أصل أنا صاحب الإقتراح ) ، طبعاً أنا مش عارف أعمل إيه و هى حطتت صور ، و أعتقد أنه أصابها إحباط شديد ، و هى لا تعرف الحقيقة ، بس أوعدك يا أستاذة أنني سأجيب على أسئلة الدرس القادم ( تقريباً عرفت ) .
و بعدين شكيت للريس من هذا الجهل فأحالني على صفحة تعليمية باللغة الصينية ، و العجيب أن الأستاذة / سيلنت ( سامحها الله ) و الأستاذة / سوعة ( غفر الله لها ) تصرخان و تقولان للمهندس / محمد .... الله ينور شرح مفيش أحسن من كدة ، و انا فاتح بقي كأني أقرأ شعر صيني ، يعني عشان هو الريس .
شوفي يا أستاذة / سيلنت ، و أنت يا أستاذة / سوعة ، انتم مولودين و في فمكم ماوس من ذهب ، أنا مرة بسأل واحد صاحبي على التليفون فقال لي إمسك الماوس ، فأخذت شومة و رحت أبحث في الشقة عن هذا الفأر العجيب .:D و متقلقوش ياجماعة كلها كام سنة و أكون كويس بس بشرط ، توقفوا هذا التطور السريع لحد ما أتعلم ، و تستحملوا جهلي .
من أسمى ما يرزق به المرء علم صالح يستفيد منه و يفيد منحوله ، و والله إن هذا التقدم الهائل ليزيدنني إيماناً ، فلو كان كده فعل البشر ، فما بالكم بعلم و قدرة رب العالمين.
أسف على الإطالة ، و لكنني أردت أن أتعرف عليكم أكثر .
تحية من القلب
مهندس / نبيل محمدي