ببساطة أقول :
وفق هذا القانون المزمع الموافقة عليه - لمن لم يطلع عليه - لايحق لنا نحن أساتذة الفقه وأصوله ، أو العلماء المتخصصين في الفقه والفتوى أن نفتي إذا سئلنا ، مادمنا لسنا أعضاء بمجمع البحوث الإسلامية ، أو هيئة كبار العلماء ، أو دار الإفتاء المصرية ، أو في لجان الفتوى التابعة للأزهر الشريف تحديدا .
أما زملاؤهم في الأوقاف فلا ..
وهذا معناه أن مصر لم تتخلص من روح الإقصاء والاستبداد الديني ، الذي طالما حاربه المصلحون كالكواكبي مثلا في كتابه طبائع الاستبداد منذ أكثر من قرن من الزمان ، وكأنه ماكان ولاكان كتابه .
بل وسوف نتعرض نحن أساتذة الفقه وأصوله للعقاب القانوني إن سئلنا فأفتينا ، أو حتى أبدينا رأينا الديني في نازلة من النوازل مثلا..
بينما يحق لتلاميذنا ممن يعملون بدار الإفتاء المصرية أو بلجان الفتوى التابعة للأزهر ، ولاحقا : الأوقاف أن يفتوا بما يشاؤون ، ولو كانوا ممن يحملون الليسانس فقط ، فالمؤهل هو عملهم بهذه الأماكن وكفى .
أي منطق هذا ؟
وبالمناسبة أقول :
لقد درس على يدي ولايزال عدد كبير ممن يعملون بدار الإفتاء المصرية ، وبمجمع البحوث الإسلامية ، كما درس على يدي معيدون ومعيدات بكليات الشريعة والدراسات الإسلامية والعربية ،وبكليات أصول الدين وغيرها من كليات جامعة الأزهر ، وكذا أعضاء بلجان فتوى بالأزهر وبالأوقاف وأئمة وخطباء من شمال مصر إلى جنوبها ، وقد تم منح كثير منهم الماجستير والدكتوراه تحت إشرافي العلمي ، ولايزال منهم من ينتظر .
وهؤلاء جميعا وفق مشروع القانون يحق لهم الفتوى ، أما أستاذتهم فلا ، بل وتخضع للمساءلة والعقاب القانوني إن فعلت ،
ومثلي في هذا أساتذة الشريعة بجامعة الازهر نفسها - شيء مضحك حقا - وبكلية دار العلوم وكليات الحقوق على مستوى مصر بأسرها ، وبكلية الآداب جامعة أسيوط وكذا بجامعة جنوب الوادي ، هاتان الكليتان اللتان بهما عدد غير قليل من أساتذة الفقه وأصوله لوجود قسم خاص بالدراسات الإسلامية بهما .
وبالمناسبة أقول :
في لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية المنوط بها الفتوى ،"- وفق هذا القانون - عدد وافر من الأساتذة غير المتخصصين في الفقه وأصوله ، والشيء نفسه في هيئة كبار العلماء ، مع إجلالنا قطعا واحترامنا للجميع ، فالمتخصصون في الفقه وأصوله في هاتين الهيأتين ربما ثمانية فقط ، ووفق مشروع القانون سيكون هؤلاء هم الفيصل عند التضارب في الفتوى ، وأكثرهم غير متخصص كما ذكرت .
بل أقول : ليتكم تعاملتم بهذا المنطق الإقصائي ولكن دون ازدواجية في المعايير
، فهنا في مصر اعتلى منصب الإفتاء غير متخصصين لافي الفقه ولا في أصوله عدة مرات ، والآن تحاولون إقصاء الأساتذة المتخصصين من خارج جامعة الأزهر - وهؤلاء هم المعنيون أولا - ومن هم من داخلها ، تحت دعوى عدم التأهيل .
يعني ، ماعلي إن استفتيت إلا أن أحيل السائل إلى تلميذ من تلامذتي ، الذين أعاني الأمرين لسنوات قد تمتد لعشر ، بدءا من التمهيدي حتى الدكتوراه ، حتى يكون الواحد منهم في نظري صالحا لأن يحمل لقبا علميا ، أو بالكاد يكون قد اقترب من أن يكون مؤهلا .
وقديما قالها المتنبي وصدق فيما قال :
وماذا بمصر من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكا
وهكذا هي مصر لاتعرف كيف تتخلص من مشكلاتها ، وأراها تكاد تكون منحصرة في روح الاستبداد والإقصاء التي أصبحت حالة عامة .
كل في مكانه مستبد ، وياليته مستبد عادل !!!