✳️ قراءة في بيت شعري:
«فلو كان رمحاً واحداً لا أقيته
ولكنّه رمحٌ وثانٍ وثالثُ»
يُنسَب هذا البيت العميق إلى القاضي والفقيه الأندلسي أبي بكر بن العربي، الذي عرف بعلمه الواسع وثقافته المتعددة، وحضوره اللافت في ميادين الفقه والأدب واللغة.
في هذا البيت، يختزل ابن العربي تجربة إنسانية بالغة الصدق في عبارة موجزة ومليئة بالدلالة:
✳️ "فلو كان رمحاً واحداً لا أقيته
ولكنه رمحٌ وثانٍ وثالثُ"
الرمح هنا ليس مجرد سلاح، بل رمز للمصاعب والضغوط والأزمات التي تنهال على الإنسان دفعة واحدة. التحدي الواحد يمكن مواجهته، لكن الحياة نادرًا ما تأتي بمصيبة واحدة. غالبًا ما تأتي الهموم في قافلة من الرماح المتتابعة التي لا تترك فرصة لترميم جرح قبل أن يفتح آخر.
✳️ قراءة في المعنى:
يعلمنا هذا البيت درسًا واقعيًا: المشكلة ليست في الشدة بذاتها، بل في تعددها وتزامنها. ويشير كذلك إلى أهمية الصبر الاستراتيجي، لا الصبر العاطفي فقط. حين تتزاحم التحديات، يجب أن نديرها لا أن نستسلم لها.
ابن العربي – بعقله الفقهي وفكره الأدبي – عبّر عن موقف يتكرر في حياة كل إنسان: أن يحتمل شيئًا، لكنه يُرهَق من كثرتها.
وفي زمننا هذا، يظل هذا البيت صالحًا لقراءة حياتنا المعاصرة: ضغوط العمل، الأعباء النفسية، الغربة، فقد الأحبة... كلها تأتي متداخلة، وتتطلب منا توازنًا داخليًا أشبه بدرع.
💡 خاتمة:
ليس المطلوب أن نكون خارقين، ولكن أن ندرك أن تعدد الرماح لا يعني الهزيمة، بل يستدعي حكمة في التقدير، مهارة في المراوغة، وصبرًا على العبور.
تحية لقائل البيت القاضي أبي بكر بن العربي، الذي وثّق بحروفه صورة خالدة من مشهد الإنسان في وجه الزمن.