لا أحد يعلم بصحة تلك القصص لكونه لم يرها أمامه تحصل، أو حتى سمع عن وجودها في مكان قريب، لذلك لم يصدق بوجودها أحد، وبهذا يثبت الإنسان بكونه لا يثق إلا بما تمليه عليه حواسه الخمسة ويشعر بها بنفسه.
قاربت الشمس على المغيب، بعد أن غابت أشعتها الدافئة، كم كان الأمر جميلاً رددت في سرها، لأن ترى جمال الكون داخل القطار و الحياة بمختلف مراحلها، مع تعدد الأعراق والجنسيات لربما الأديان.
شعرت داخلها بالامتنان وقد عرفت السبب الذي يجعل الروائيين والكتاب العالميين يلجؤون نحو القطار كلما شعروا برهبة الورقة البيضاء، أو تشتت أفكارهم.
كان ماجد يبادلها الأفكار ذاتها بصمت لذلك قرر التحدث مرة أخرى لكن هذه المرة للتعرف إليها عن قرب.
- أخبريني عن بداياتك داخل عالم الكتابة، وما هو السبب الذي جعلك تقومي بحذف أول كتابين تم إصدارهما لكِ؟!
انحنت نحو الأمام وهي تسند مرفقيها فوق الطاولة كمن يستعد للبدء في رحلة كتابة طويلة، لتنزل نظارتها وتضعها بين أيديها وهي تتأمل تفاصيل غيَّبتها عن ذهنها لوقت طويل.
57.
- كانت بداياتي داخل الكتابة في عام 2017ميلادي بالاشتراك مع مبادرات جديدة وأفرقة تدعو إلى الكتابة والقراءة، كل الشكر والتقدير لصديقتي التي قامت بإخباري بوجود تلك المبادرات الرائعة التي جعلتني انسى الحرب التي كنا نعيش داخلها الجوع والفقر، والنيران المضرمة في كل مكان أصوات المدافع والصواريخ، وخسارتنا للمنزل الذي عشت داخله طفولتي برفقة أشقائي الثلاث، بتفريغ مشاعري وطاقاتي الكامنة داخل هذا العالم.
رسم الحروف وبناء عالم الخيال كانت هوايتي المفضلة، مع الأخذ بالعلم كوني وحيدة لا شقيقة لدي أمضي معها أوقاتي الجميلة أو الحزينة، لذلك اخترت من الكتابة شقيقة لي أبوح لها بكل ما يخالج صدري دون حرج أو حتى خجل، لذلك كانت في بعض الأحيان كلماتي قوية مُتمرِّدة لا تشبه أي شيء عرفته قبلاً.
أما عن سبب حذفي لبداياتي، بالرغم من محبتي الكبيرة لتلك البدايات ومكانتها الكبيرة في قلبي إلا أنني ارتأيت أن أترك الأفضل منها، مع قناعتي بكونها الأجمل والتي ترضيني ككاتبة محتوى ومبدعة.
58.
وقد رأيت الكُتَّاب والروائيين كُثُر في هذا الوقت، فقد أصبح عالم الكتابة شغل من ليس له شغل، بل أنه تعدى الأمر إلى أن أي شخص يستطيع تركيب جملة مفيدة يرى في نفسه الشاعر و الكاتب الملهم، أما الاسف الأكبر هو اعتماد الجميع على اللهجة العامية مع وجود أخطاء فادحة تبكي لها لغتنا العربية لشعورها بالإهانة والهوان في نفس أبنائها.
تنهدت بضيق قبل أن تكمل:
أنا ابنة دمشق أقدم عاصمة في التاريخ، لا يهمني الأمر إن كنت عربية الأصل كما حالي الآن أم أرمينية أو آشورية، أو حتى فرعونية، ما يهمني فعلاً هو كوني أحمل لغة عربية فصحى فخورة بانتمائي للقائد الأفضل على مرِّ التاريخ، أشعر بالإهانة والذُل إذا ما رأيت أشقائي يتهاونون بهذا الأمر.
تغيرت ملامح وجهه بعد أن تذكر كم القصص التي رآها على مواقع لينكد ان و الفيس بوك المكتوبة باللغة العامية والتي تحمل لهجات البلدان، عدا عن اعتقاده للمرة الأولى أنه لا يستطيع فهم لهجات العالم أجمع، إلا أنه اكتشف كون الأخطاء الإملائية هي أكبر عامل لعدم فهمه المغزى من تلك القصص التي كتبت من أجل حشو الفراغ داخل تلك المواقع لا أكثر!
59.
- ألا يمكن للمرء التحدث مع هؤلاء الأشخاص وإخبارهم بحقيقة الأمر؟!
قال لها طارحاً سؤاله كاقتراح لحل تلك المشكلات التي تبدو بسيطة لكنها تؤثر على أجيال جديدة ستأخذ علمها وثقافتها من هؤلاء الأشخاص.
- أتظنُّ أنني وقفتُ مكتوفة اليدين أشاهد تلك الأفعال دون النطق بحرف واحد، لكن في هذا الوقت حيث لا أحد يسمع أو يريد تقبُّل الرأي الآخر، النقد الذي سيجعل منه الأفضل، بل إنه يرى نفسه فوق الجميع متميز بكل ما يقوم بفعله ولو كانت كلمات عشوائية دون فهم، جعلتني أبتعد عن النقاش والحوار مع من لا يمتلك أذان صاغية، هم قوم صُمٌّ لا يرون أبعد من أنوفهم.
دخول الفتاة من بوابة المقطورة تركض وهي تصرخ بأعلى صوتها جعل جميع الحاضرين يلتفتُ إليها، بمن فيهم ماجد ومريم، كادت أنفاسها المتسارعة تُمزِّقُ صدرها أما وجهها المائل إلى الحمرة يوحي بحدوث شيء كارثي في المقطورة المجاورة، لم تكن كلماتها المغربية مفهومة بالنسبة إلي، لكنني أعتقد بأن ماجد استطاع فهم الشابة بشكل دقيق، حتى أنه نهض عن المقعد مسرعاً يرفع حاجبيه نحو الأعلى وهو يتحدث معها بنفس اللهجة.
60.
بعد عدة دقائق هدأت من روعها بينما هو تقدم من المكان المخصص للحقائب يأخذ حقيبة صغيرة تشبه أدوات الإسعاف من بين أغراضه.
ربما دهشتي وإطالتي النظر إليه جعلانه يتحدث إلي موضحاً ما حدث قبل قليل، وقد قال باللغة العربية الفصحى:
- تقول الفتاة الشابة بوجود امرأة في العقد السادس من العمر قد غابت عن الوعي منذ قليل ولم يستطع أحد إيقاظها، لكن كما قيل لها من أحد المسافرين، فقد قام بقياس نبضات قلبها ووجدها ماتزال على قيد الحياة، لذلك ،وبما أني الطبيب الوحيد على متن المقطورتين هنا يتوجب علي الذهاب ورؤية المريضة، هل بإمكانك مساعدتي في الأمر؟!
ابتسمت بهدوء قبل أن أجيبه على الفور:
- عملت ممرضة في إحدى المستشفيات، وقد خرجت من الحرب التي دامت عشرة، فتعلمت أشياء كثيرة منها التمريض.
61.
ما إن نهضت مريم برفقة ماجد حتى تسارعت خطواتهما ليصلا نحو المرأة العجوز التي وصفتها لهم الفتاة الشابة، كانت تجلس في نهاية المقطورة إلى جانب النافذة، تتنفس بصعوبة بالغة وبيدها صورة قديمة يميل لونها إلى الأصفر الغامق، بأطراف مهترئة، في جيدها سلسلة للصليب و في ثغرها صلوات المؤمنين، تنظرُ إلى السماء البعيدة بعينين ممتزجة بالكحل الداكن والدموع الثكلى، تئنُّ بصوت خفيض كطائر مجروح، غير محترقة للازدحام الذي جلبته ذكريات الماضية معها، بينما كانت تلفُّ يديها حول خصرها محاولة لعناق أحد الراحلين، كان ابنها الوحيد هو الراحل الباقي معها!
كان ماجد يقوم بقياس ضغط الدم و نسبة السكر و الأكسجين داخل جسدها، بينما أحاول تهدئتها والتحدث إليها، لكن عبثاً كانت محاولاتي المتكررة، صوتها الضعيف عاد ليخرج بتراتيل ودعوات أم تنتظر عودة ابنها الوحيد:
أبانا في السماء ليتقدَّس ملكوتك، احمي ابني عيسى إنه طبيب في مقتبل العمر..دموعها النافرة على وجنتيها تشي بصمودها لسنوات طويلة، تردف قائلة: أبانا في السماء إن ابني ذهب ليساعد الناس في بلاد بعيدة، هو طبيب جيِّد مُحب للخير يحاول أن يكون قربك بصلاته وصبره، احمه من الشرير ونجِّه لي.
62.
ختمت صلواتها ببضع حركات أنهتها بقبلة على الصليب و تنهيد الخاشعين، بينما كانت قد انتهت من تلاوة صلاتها نهض الشاب ليجلس إلى جانبي، بينما كانت نظرات الاستغراب تبدو على وجهه بضيق أكبر من قبل وهو ينظر إليها مرة ويعيد النظر إلي.
لم أشعر أنني أجهشت بالبكاء معها بدلاً عن مواساتها وكفِّها عن الأمر، كانت دموعي سخيِّة وكأنني الفاقدة لا هي.
مسحت وجهي بباطن كفي بمنديل ورقي ناولني إياه وهو يتجنَّبُ النظر إلى وجهي، قبل أن يقول لي بلغة عربية سورية صافية:
- جبناك يا عبد المعين لتعين....
ثم انفجر ضاحكاً وهو يحرِّكُ رأسه بسخرية، أما أنا فقد ذِبتُ من خجلي حتى تضائل حجم و شعرت بنفسي ذرَّة صغيرة في الهواء الطلق.
- ليتني ذرَّة من غبار الطلع أرحل من ضيق المكان لسعة الكون
قالت جملتها تلك تاركة نهايتها مفتوحة، وأنا أنظر نحو السماء الصافية، يتخللها ريح ممزوجة بغبار الأزهار، والبعض من النحل.
63.
لا أعلم إذا ما كانت جملتي العشوائية تلك هي من جعلت المرأة تتحدث إلينا للمرة الأولى، أم أن الشبه بين ماجد وابنها قام بتحريك قلبها قبل جسدها.
- أهذا أنت يا بني!!
قالت المرأة وهي تنظر نحو الشاب الطبيب الماكث أمامها، كانت عيناها تلمعان بشوق، أما يديها فكانتا تمتدان لتعانق بباطن كفيها وجهه، لا أعلم ما هو السبب الذي جعله يكذبُ عليها بهذا الشأن.
صمت قليلاً وهو يغمض عينيه بهدوء قبل أن يفتحهما مرة أخرى ويجيب عليها:
- نعم يا أمي هذا أنا ابنك، أتيتُ لأراك قبل أن أرحل مرة أخرى..
نشجت بالبكاء لكن هذه المرة كان صوتها يمزِّقُ الفضاء، أمسك كتفيها بقوة بينما عانقته بشوق ولهفة السنوات الماضية.
- لا أعلم لماذا اخترت تلك البلاد البعيدة على أن تختار أمك، ارجع يا ولدي أنا أيضاً مريضة وأحتاجك..
أبعدته قليلاً لتنظر داخل عينيه، اقتربت من جسده لتتنشق رائحته، عاودت البكاء مرة أخرى لكن بصوت أعلى:
- أهانت عليك أمك يا عيسى!!
64.
هذه الحرب ليست حربنا يا ولدي تعال أنا لا أود أن تصبح طبيب، فلتكن نجار أو حداد، أو كُن شاعراً وطنيَّاً كما أردت ذات يوم لكن عُدْ إلي مرة أخرى.
كنت أود القول بأنه ليس ابنها، لكنها سبقتني حينما هدَّأت من روعها وأعادت البسمة إلى شفتيها وهي تربِّتُ علي، تومئ لي بنظرات ذات مغزى لكن لا أحد استطاع فكَّ شيفراتها سواي.
نهضتُ في اللحظة التي وجدته يقوم من مكانه، اقترب من المرأة وقبَّلها من جبينها، كادت أن تستبقيه، لكن في النهاية كمن تذكَّر شيئاً ما تركته يبتعد عنها.
أدار ظهره ليعود من حيث أتى، باغته صوتها الأجش تتحدث بلكنة لم أفهمها قام بترجمتها لي بعد أن وصلنا إلى المقاعد.
نظر إلى داخل عيني ثم قال بنبرة تشوبها الحزن:
- كانت تعلم منذ البداية بأنني لستُ ابنها، لكنَّها كمن استحضر روح من فقد في لحظة شوق عارمة عانقته وبَكتْ فراقه، الموت الذي كان عدوها الأول كما قالت قام بتفريقهما، لذلك حينما عانقتني كانت تستحضر ابنها الوحيد الذي اشتاقت إليه، كسرَ غيابه ظهرها واحنى روحها، هكذا هي الأم لا يمكن لقلبها استيعاب لفظ الموت يعانق أحد أبنائها فكيف بأخذه ابنها المتبقي لها من أمل في هذه الحياة.
65.
لو أننا نستطيع أخذ وقت مستقطع، نرتاح قليلاً من هذه الحياة، كأن تكون قطار يأخذنا نحو وجهتنا، وحينما نتعب نهبط عند المحطة التالية ذاهبين نحو الفراغ، حيث اللاوجود لأي شخص أو حتى مشاعر، هناك حيث ترتمي بِكُلِّك نحو الأعماق وتغوص نحو مكان مجهول حتى في الصفات، لكي نرتاح كما لم نفعل من قبل.
أن نعيش بدون أن نقوم بحساب الزمن أو الأخذ بالاعتبار عن وجود شخص ما يتوجب علينا الاعتناء به دون الاكتراث بأمر مشاعرنا التي تشيبُ مع التقدُّمِ بالعمر.
تنهَّد بعمق قبل أن يكمل حديثه، الذي خرج منه بصعوبة بالغة، كمن يحارب شوق قلبه بيديه ينظر نحو السماء الصافية:
-ذاك الحنين لم يكن للمنزل الأول أو للنبضة الأولى داخل القلب، فالأماكن تتغير والحب يتكرر!
كان الشوق دائماً لذواتنا الطيبة التي أخذتها منا الحياة، وللضحكة العفوية التي كانت تنبعث من القلب، للعيون التي كانت تلمع بفطرة الأطفال وأرواحهم النقية، إلى الشغف الذي ركضنا به داخل طرقات الحياة فكادت أن تسقطنا موتى مع ضرباتها المُتتالية.
العجب لم يكن من وقوفنا مجدداً بقلبٍ ثابت وخطوات مُحكمة واثقة من طريقها، بل من كوننا أصبحنا نعيش من أجل استمرار الحياة لا لأحلامنا التي بنيناها منذ الصغر.
66.
المحطة الرابعة: الرقص على ألحان الحياة.
بعد نصف ساعة من الأحداث التي مرَّت شعر كلا الشابين بالتعب، فأخذ كل واحد منهما استراحة قصيرة كُلٌّ على طريقته الخاصة.
أمسك ماجد نسخته من القرآن الكريم وأخذ يتلو الآيات بصوت منخفض تحيطه هالة من الخشوع، أما مريم فأمسكت مسبحتها تلامس أصابعها حباتها واحدة تلو الأخرى تُردِّد البعض من الأدعية، حينما دخل فرقة من الأطفال الصغار يتراقصون حول المسافرين، مرتدين أزياء مسرحية واضعين أقنعة بوجوه مضحكة، وأخرى تحمل رسوم توم وجيري، وغيرها الكثير من الرسوم المتحركة.
بدأت الفرقة الرقصة مع انبعاث موسيقى هادئة، لتبدأ الأيادي الصغيرة تُعانق بعضها البعض، تشكَّلت الأجساد على شكل حلقة مُغلقة.
بعد عدة لحظات بدأت إيقاعات الموسيقى بالتدرج من للإيقاع الهادئ إلى الفلكلور الإفريقي، بالتناغم مع القفزات الصغيرة والخطوات المرسومة بدقة كفراشات الربيع، رُسِمت الابتسامة على وجوه الجميع، حتى بدأ الحماس يتسلل إلينا، فتعلو الضحكات البريئة، كسحابة تموز كانت السعادة تغطينا، تُبعدنا عن هموم الحياة وكدرها، تلك المدة القصيرة برفقة وجوه الأطفال الصغار كانت كفيلة بتجديد الأرواح داخلنا.
67.
بدأ الرجال والنساء بالتصفيق داخل إيقاع واحد منتظم، كما لو أنهم فرقة واحدة، لم يشعر أحد بالغربة أو الاختلاف عن البقية، تلك اللغة والثقافة الوحيدة التي اتفق عليها جميع الشعوب في العالم، ألا وهي الابتسامة، تمرُّ عبر القارات دون جواز سفر أو تعلُّم لغة وعادات وتقاليد المجتمع الذي تسافر إليه، بإمكانك أن تبادلها لشخص عابر ربما لن تراه مرة أخرى، يحملها طيلة يومه إلى الآخرين، أو قوة يستمدها الطفل من والديه للذهاب نحو العالم الخارجي، لمواجهة الصعوبات التي تقف أمامه
انتهت الرقصة تترافق مع تصفيق حار ووقوف الجميع، كانت دموع الأمهات تنبعثُ من القلب بلآلئ تتراقص فخراً بإنجاز فلذات أكبادهن الجميلة.
همس لي ماجد بصوت منخفض بعد العودة إلى مقاعدنا:
- كان لي الكثير من المشاركات داخل مسرحيات مثل هذه، وقد استمتعتُ بالتعرف إلى أصدقاء جدد من مختلف بلدان العالم، لكن سعادتي بهذا الأمر كانت مؤقتة، فقد رسم لي والدي الرجل الذي سوف أكونه منذ كنت طفلاً، فلم يقم بتشجيعي أو المجيء برفقتي في هذه المراحل، بل اكتفى بالنصح بالابتعاد عن هذه الأشياء في أقرب وقت، أما بعد أن بلغت سن اليفع فقد قام برفض مشاركتي بها بشكل قاطع مع إعلان قراره بشكل رسمي أمام أفراد العائلة.
68.
تنهَّد بتعبٍ كان مغمض العينين وكأنه يحاول استرجاع رائحة زمن مضى، بملامح واضحة، ليشاهد الماضي كما لو أنه واقع يزوره في ليلة، أردف قائلاً:
- لكنها كانت مجرد تجربة للطفولة الجميلة ليس إلا...
- بإمكانك البدء بها من جديد، إذا أردت أن تعود إليها، لربما تصبح لديك هواية تقوم بممارستها في أوقات السعادة: قالت له مريم وهي تنظر إلى وجهه تعلو وجهها الابتسامة.
- ما القصد من وقت السعادة؟! تساءل ماجد وهو يضيق عينيه مستفسراً عن ما ترمي إليه كلمتها الأخيرة.
- أقصد في الأوقات التي تجعلها لنفسك، الوقت الذي تبتعد به بنفسك عن الناس فتعود إليها لتقوم بتجديدها لتعود أقوى من قبل.
في هذه الأوقات أقوم بممارسة كل الأشياء التي كانت تفرحني عندما كنت طفلة صغيرة..
- حتى لو كانت الركوب على الأرجوحة: أجابها بشيء من المكر.
- نعم، ما العيب بأن نعود أطفالاً بين الحين والآخر، استرسلت مريم ضاحكة قبل أن تشير إليه بالنهوض.
- هيا انهض سنقوم بشيء ما معاً...
69.
استدارت ذاهبة نحو نهاية المقطورة قبل أن تعود برفقة موسيقى تنبعث من نهاية الممر.
وقفا جنباً إلى جنب، وكتفاً إلى كتف قاما بالرقص على إيقاعات الموسيقى الشرقية، يقفزان نحو الهواء بمرح مرتكزين على قدم واحدة، يقومان بإبدالها مع كل قفزة، وللمرة الأولى استطاع ماجد الاستمتاع بالرقص على إيقاعات الموسيقى دون النظر إلى أي شخص أو الاستماع إلى انتقادات الغير.
ضحكا معاً مستمتعين بالوقت الذي ينقضي، قبل أن ترى مريم الساعة التي كانت تشير إلى وقت الغروب.
المحطة الأخيرة: " نهاية الرحلة"
كل شيء يعود للنهاية كما بدأ أول مرة مهما كان ذلك الشيء سواء رحلة في القطار، أم الالتقاء بصديق قديم في إحدى الحوانيت، أو حتى الاستمتاع برحلة عائلية، أو حتى التعرف إلى إنسان التقيته صدفة، حتى اليوم الذي يبدأ بشروق الشمس ينتهي بإعلان غروبها تختفي بين النجوم في السماء.
لذلك مهما بدى الأمر صعباً لن يمُرَّ بسرعة كبيرة، أو أنَّك لم تجد حلاً لمشكلة وقعت بها، تذكر الوقت السعيد الذي مرَّ عليك بسرعة في ذلك اليوم، تَهُن عليك الحياة.
أعاد إخراج الرواية الورقية من جيب الحقيبة، بعد أن قامت مريم بوضع البعض من الفاكهة أمامهما على الطاولة.
- لن يكون لدينا الوقت الكافي لقراءة الرواية بأكملها لذلك سأقوم بالانتقال إلى الفصل الأخير منها.
أومأت برأسها موافقة وهي تضع مرفقيها على الطاولة أمامها، تسند وجهها بباطن كفيها للاستماع إليه وهو يقوم بفتح الكتاب نحو الفصل الأخير من الرواية.
70.
دخول التاريخ
قامت المحكمة العليا بإرسال البعض من المختصين إلى الموقع الذي قام برسمه آدم بدقة كبيرة بعد الاستعانة ببروفيسور في جغرافية المنطقة والاستماع إلى أقوال الباحثين بشكل كامل وبالتفصيل الدقيق كما أراد القاضي عبدالناصر.
وقد قام بالذهاب برفقة الفريق بعد أن شغلت تفكيره تلك البوابة الموجودة في أرض مصر والتي تفضي إلى عالم أشبه بالخيال.
بعد الوصول إلى سوهاج والتأكد من وجود تلك البوابة الصخرية، التفت البروفسور محمد إلى القاضي عبدالناصر يحذره للمرة الأخيرة:
- هذه البوابة هي ممر عبور إلى مملكة الدم المقدس، تلك المملكة التي قام بحكمها ملكان بطريقة غير سوية، فكانت الدماء تتشرَّبُ دماء شعبها المظلوم، والذي ساده الظلم والقهر، أنا لا أنفي حقيقة تطور تلك الحضارة بعلومها وامتزاج الفنون داخلها حتى تجدها مزيجاً من ملامح ثقافة بابل العلوم الفرعونية، الأبنية الرومانية الضخمة والمُعتَّقة بأغلى جواهر الأرض، لكنها تحمل تحت كل بلاطة سمٌّ ومبادئ أخلاقية تعود إلى الظلم والجهل، أو يمكنك القول الأنانية وحب الذات في قلوب الحاكمين.
71.
تيامين التي عاشت تظهر حبها للملكة والتفاني في مزج الحضارات، كانت ترسل المحاربين القدامى الواقعين في فتنة حُبِّها لتوسيع مملكتها ونفاذ قوة مُلكها على وجه الأرض، وقد استعانت بجمال أنوثتها ودهائها، برفقة جان الأرض والسحر والشعوذة.
في المرة الأخيرة التي سبقت محاولتنا الدخول إلى المملكة ورؤيتها من الداخل، كادت الأرض ابتلاعنا بوقوع هزة خفيفة، أثَّرت تلك الحادثة في أماليا وجورج، ومنذ وقتها قررنا إنهاء كتابة التقرير الخاص بالبحث مع تقديم الصور التي قمنا بالتقاطها عن تلك الآثار دون النظر إليها عن قرب.
- أما أنَّك كنت رجلاً جباناً، أو تخليت عن البحث بدافع الابتعاد عن مواجهة مشاكلك كرجل حقيقي، وفي كلتا الحالتين أراكَ رجلاً جباناً: قال عبدالناصر بنبرة تشوبها التحدي.
بخطوات واثقة توجه نحو بوابة العبور التي قام بفتحها المختصين، وقبل أن يضع قدمه للنزول نحو الدرج الصخري القديم، ظهر من خلف الآثار الصخرية، رجلاً عجوز أشيب الرأس، على يديه صُبِغَت نقوش آشورية، فوق صدره ترسانة فرعونية، يحمل بين يده سيف حديدي، يتحدث باللغة العبرية صوته الخشن والغليظ مزَّق القلوب المتوجسة بحذر شديد وقلق.
72.
ضرب بعصا خشبية غليظة الأرض الصحراوية، لتنتج عنها هزَّة أرضية عنيفة أوقعت الجميع بقوة وعنف، الأرواح المرتجفة والدعوات للخلاص من ذاك الرجل العجوز الذي ظهر من العدم، كان يتأمل الوجوه و يفترسها واحد تلو الآخر، بعيني حكيم رأى معجزات الأرض وعلومها منذ الأزل حتى اليوم.
اقترب من القاضي بخطوات سريعة، وبجسده الضخم غطى السماء الصافية، قبل أن يهمسُ له داخل أذنه:
- إذا كنت تريد العدل في حكمك، فعليك بالرضى عن تقرير الباحثين دون الأخذ بالأدلة أو حتى إثبات وجود المملكة بشكل قاطع أو التعرف إلى مكان وجودها، أما إذا أردت الشهرة والمزيد من المال للوصول إلى السلطة، لتبقى على رأيك، بإدخال الباحثين نحو تلك البوابة فلن يخرج إليك أحداً بعد أن يقوم بدخولها، تلك المملكة لم تكن من معجزات الأرض وحسب، وإنما من الممالك الملعونة.
ربَّت على كتفه وهو يقوم بغمزه رافعاً حاجبيه قبل أن يعود من حيث أتى ذاهباً نحو المجهول.
73.
لم يستطع أحد سماع الحوار الذي دار بين الرجل العجوز والقاضي، ولم يقنع أحد بعدم دخول المختصين نحو ذاك العالم السفلي، بل إنه لا أحد يدري كيف وجدت تلك المقبرة على مقربة من بوابة العبور، تحتوي على رُفاة الملكين، بأجساد مُحنطة والملابس والجواهر الغريبة التي تنتمي إلى جميع الحضارات لا واحدة وحسب، لكن قصة إنهاء القاضي عبدالناصر تلك القضية بالحكم على الجُناة والقيام بآخر مرافعة فوق بوابة العبور تلك كانت حديث القاهرة لسنة كاملة.
فقد قام بالنطق بالحكم وإعلان براءة المتهمين أمام الملأ، ودون تدوين تلك الجلسة بشكل دقيق، أو النظر إلى رأي هيئة المحلفين.
74.
أغلق ماجد الكتاب ليعاود النظر نحو مريم التي كانت تنظر إليه بهدوء، لم ينبس ببنت شفة أو يُبدي رأيه عن تلك النهاية التي قام بقراءتها، عوضاً عن ذلك قام بالنظر حوله يتأمل المسافرين من حوله، أما هي فقد أسندت ظهرها بصمت مصطنع ومبالغ فيه وعندما توقعت عدم مبادرته بالتحدث بادرت بالقول:
- كانت نهاية غير متوقعة أو حتى منطقية؟!
- لا أعلم إذا بإمكاني تسميتها بالنهاية الغير متوقعة، أعتقد أنها كانت ملائمة لمنهج الرواية، ربما فعلاً كانت روايتك....صمت ماجد تاركاً نهاية كلامه مفتوحاً واضعاً ثلاث نقط بعد كلمته الأخيرة.
أكمل في نفسه: حتى بعد معرفتنا بحجم سوء اختياراتنا، أو صنيعنا الذي نقوم به، لكننا غير قادرين على تلقي هذه الكلمات بصفعة من أحد المارين، وإن كانت تلك الحقيقة المُرَّة التي نُرِدُّدها داخلنا بين الحين والآخر.
- أعلم كونها الرواية الأسوأ لكنني شعرت بأهمية خروجها نحو العالم، وأنا التي قمت برؤية تلك المملكة وشخصياتها، لربما كان من حقي فعل الترهات كما هو حال الجميع من حولي.
- لكننا لسنا الجميع لنفعل كما يقوموا به، الصواب هو الحق وإن لم يفعله أحد، والخطأ يبقى كذلك ولو فعل المجتمع ما هو أسوأ منه.
75.
أنا لا أستطيع إنكار وجود كثرة من شباب المجتمع الذين يقوموا الادعاء باحتراف الكتابة والإبداع، والتميز في مجالات الأدب، بالتحدث عن أسوأ خصال المجتمع أو أكثر القصص سطحية وجنوناً، بل إن ما زاد الأمر سوءاً هو تحويل عالم الأدب سواء كان" قصة، رواية، خواطر، أو شعر" من اللغة العربية الفصحى إلى اللغة العامية واللهجة الخاصة بالبلد الذي أتى منه، كمبدأ للحرية في التعبير عن رأيه وثقافته، وحرية قلمه.
برأي الخاص" رفعت الجلسة" كانت رواية جيدة وإن امتزجت قليلاً بالحوارات العامية لتبيان جنسية الشخصيات، إلا أنها تملك من المعلومات والثقافة العامة والمبادئ الأساسية للكتابة، لكنني أعتقد أنَّكِ فعلتِ الأفضل اليوم بمساعدة الآخرين...
ابتسمت مريم لم تكن تعلم إذا ما كان يحاول عدم جرح مشاعرها أو محاولته لإيجاد شيء جيد بما يكفي وسط هذا السوء الذي تراه وتسمعه، لكنَّها قررت إخفاء الأمر وعدم النقاش فيه.
- عن نفسي قرأت العديد من الكتابات لروائيين شُبَّان وشابَّات في مقتبل العمر، كانت الأفضل على الإطلاق كل ما يحتاجون إليه هو بعض الدعم في مجال النشر والطباعة، للدخول نحو معارض الكتاب الدولي بواقعية قوية مع أخذ الدعم الإعلامي الكافي لما تستحقه، وخاصة كوننا نعيش في مجتمع يقرأ للتو!
76.
قالت مريم بشيء من الحزن عن واقع صعوبة النشر ضمن أروقة الطرقات المزدحمة والوعرة في آن معاً.
بدأت حركة القطار السريعة تتباطأ شيئاً فشيئاً للإعلان عن بدء نهاية الرحلة، أما المسافرين فقد عادوا إلى أماكنهم المخصصة بعد توصية من المضيفين داخل المقطورات حفاظاً على سلامتهم، وللتحقق من عدم وجود أي شخص داخل الممرات أثناء وقوف القطار فوق أرض المحطة.
توقف القطار عند محطته الأخيرة مُعلناً الكابتن عن إنهاء الرحلة الأخيرة للمسافرين والوصول نحو وجهتهم بسلامة.
خرج المسافرين نحو البوابات العامة للقيام بختم الجوازات داخل النوافذ المخصصة الجنسيات، وقد كان ماجد يقف في الصف الأول المختص للأشخاص المغربيين، تذكر فجأة أنه يتوجب عليه الذهاب لطلب سيارة أجرة لنقله نحو منزل جدَّيه والذي يبعد عن المحطة ساعة كاملة بسبب انشغال جدَّه في أعمال الصيانة داخل المزرعة، لذلك قرر توديع مريم التي كانت صديقة جيدة خلال هذه الرحلة المُتعبة، وفي محاولات متكررة للبحث عنها خلال طابور المغتربين والأجانب، لم يلقَ أي نتيجة، فقد اختفت وكأنها لم تكن موجودة من قبل.
77.
وعلى الرصيف خارج المحطة الأخيرة وقف ماجد يستنشق الهواء العليل، كانت النجوم في السماء تسطع معلنة عن ليلة صيفية جميلة، يداعب الهواء البارد شعره الأسود الكثيف.
ما أشبه حياة الإنسان برحلة القطار ردد في نفسه بمحاولة للاستمتاع بعطاء الطبيعة من حوله، كاد أن يغمض عينيه بهدوء قبل أن يشاهد مريم تقف على زاوية الرصيف المقابل له تنتظر وصول الحافلة التي تقل المسافرين نحو المطار.
ركض إليها مسرعاً للحاق بها والتحدث معها قبل رحيلها بشكل نهائي وبأنفاس متسارعة وقف أمامها، لم تكن المسافة التي قام بقطعها طويلة جداً ليتعب لكن جسده المرهق من السفر الطويل هو ما جعل نبضات قلبه تتسارع.
- والآن إلى أين ؟!
سألها ماجد راجياً بقاؤها داخل المدينة لفترة أطول، مع معرفته المسبقة بوجود مطار دولي قريب من المكان، لم يكن الأمر بوجود مشاعر حب لامست قلبه، أو فضوله لمعرفتها أكثر عن قرب، بل كان الأمر محض شعور غريب بكونها روح سحابة صيفية قريبة جداً سهلة المنال، مريحة وهادئة لكنها بعيدة المدى سرعان ما تنقشع مختفية داخل السماء.
لو أنه استطاع تشبيهها بنجمة صغيرة سيتمكن من رؤيتها عند كل مساء أما وهي سحابة صيف عابرة.
78.
- إلى المنزل حان وقت الرحيل إلى الوطن، لقد تاق قلبي لعناق بين أحضان دمشق، وأيضاً لعناق عائلتي الصغيرة، وبالأخص أطفالي الصغار.
أدرك فجأة بكونها عابرة قلوب بين البلدان بجواز سفر كاتبة كانت تعبُرُ الحدود للوصول نحو حلمها، والعودة نحو أحضان الوطن كبطلة على الورق، وأم لطفلين ينتظران عودتها بقصة جديدة تكتبها عنهما يكونان أميران مملكة من الخيال تصنع داخلها أحلامهم الجميلة وتحيكَ لهما حصناً منيعاً تقييهما قسوة الحياة ووعورة طرقاتها.
مدَّ ماجد يده ليصافحها مودِّعاً، لكن عدم مبادرتها ويوضع يدها بإشارة فوق صدرها أخجلته وجعلته يرتبك معيداً إنزالها مرة أخرى.
- لن أستطيع مصافحتك قبل وداعنا، ولهذه قصة طويلة.... قالت مريم بشيء من الإذعان عن عدم مصافحته.
أكملت قائلة: لقد كانت رحلة جميلة، مضى فيها الوقت بسرعة كبيرة لم أكن لأتوقعها، حمَلَتْ في طيَّاتها الكثير من الأحداث والأصدقاء والقلوب الدافئة أيضاً، أعتقد أنني علمتُ الآن لماذا كان الأدباء والكتاب يستعينون بالقطار لحل العقد الصعبة أو مشكلة الورقة البيضاء..
79.
- ألا يوجد واحد في دمشق؟! ردَّ مستفسراً.
- نعم يوجد، لكنه قديم جداً والسكك الحديدية بحاجة إلى الإصلاح، مع وجود حرب خرجنا منها بعد عشرة سنوات، سننتظر قليلاً قبل استخدامه، لكنني أعتقد كونه سيكون رائع كالذي تمتلكونه، فسوريا وإن كانت أصغر من المغرب إلا أنه تملك من جمال الطبيعة كما هو حال بلادكم.
ودَّعت مريم ماجد ببضع كلمات بعد أن قامت بكتابة جملتها الأخيرة فوق الورقة الأولى من روايتها للذهاب نحو المطار الذي ستخرج منه عائدة إلى دمشق.
أما هو فقد عاد إلى مقاعد الموقف منتظراً سيارة الأجرة التي ستقله نحو منزل جديه، وضع الكتاب أمامه وفوق المقعد، كان يتبادل معه نظرات خاطفة، قبل أن يعود لفتحه مرة أخرى ويقرأ الجملة الأخيرة التي تركتها فوق الصفحات ليتأكد من مرورها أمامه ولكونها لم تكن خيالاً.
" صديقي العابر، هكذا هي الحياة كرحلتنا داخل ذلك القطار، نلتقي بأشخاص آخرين من جميع الأجناس، منهم الأصدقاء والعائلة، ومنهم العابرين، أثناء الرحلة سنخوض في مغامرات كثيرة ربما نذرف دموع كما لم نبكي من قبل، أوقات نضحك لها من القلب كالأطفال، لكنها تبقى الحياة.
80.
لذلك عشها كما هي ودون التفكير بحلوها ومرها، وإن كانت طويلة بعض الشيء إلا أنها سرعان ما ستنقضي لا محالة.
نصيحتي لك كصديقة عابرة خُذْ معك قالب من الحب المغطس بالشوكولا لجدتك، والبعض من الامتنان والعناق لجدِّك، وكُنْ على قيد الحياة، وحدهم الفاقدين للذَّة الحياة وجمالها هم الموتى، لذلك ابقِ قلبك على قيدها وأسعد بها كما هي"
حياة كالحياة:
إلى زهرات الأوركيد والياسمين الدمشقي التي عانقتني في بداية رحلتي في هذا العالم الضخم ( ولاء الصغير، جنَّات العضم، ميساء الشعار) إليكنْ شقيقاتي الغاليات على قلبي وروحي، الحياة لم تعطني شقيقة من لحمي ودمي لكنَّ الله عوضني بأقدارٍ أجمل، أنتن أقداري السعيدة.
هنا في دمشق إذا أردت العيش في حياةٍ كالحياة عليك أن تمتلك جناحين قويين لتطير فوق أعالي جبال قاسيون، أما أنا فأملك دعوات و تراتيل حُبِّ شقيقاتي الثلاث دُمتن لي حُبَّاً وأخوة في الرُّوح والحياة.