كان قرار الطبيب أني بحاجة لإجراء عملية جراحية بالمنظار لمعرفة سبب تأخر الحمل ومعالجته، الأمر الذي أرعبني، أخبرته أنني أخاف الجراحة، طمأنني أنها عملية بسيطة عبارة عن ثلاثة جروح لا يتعدى الواحد منها السنتيمتر، ولا تترك أثرًا في الجسم .
جاء اليوم المحدد لإجراء العملية، كنت في غاية التوتر والقلق، لم أنم تقريبا ليلتها، ذهبت أنا وأمي للمستشفى مبكرًا، أنهينا إجراءات الدخول وتم حجز غرفة لي، جاءت الممرضة لتحضيري لدخول غرفة العمليات، طلبت مني نزع جميع ملابسي وارتداء رداء خاص بالمستشفى، ثم اصطحبتني لغرفة العمليات، قامت بفتح ردائي وساعدتني في الاستلقاء على الطاولة الموجودة بمنتصف الغرفة، كنت أرتعش خوفًا وأنا اتمدد أسفل تلك القبة المضيئة.
الطاولة باردة جدا كأنها رف بثلاجة، مما جعلني أنتفض عندما لامسها جسدي، ثم غطتني الممرضة بملاءة بيضاء رقيقة باردة، ها أنا ممددة على طاولة العمليات أكاد أموت رعبًا ..
ورغم أننا في شهر أغسطس إلا أنني أشعر ببرد يفتك بعظامي، دقات قلبي تكاد تتوقف وأنا أتابع التحضير للعملية، أرى طاولة عليها أدوات مختلفة، الممرضات يتكلمن ويضحكن وهن يأخذن أوامر الطبيب، بدأت إحداهن بتركيب "الكانيولا" في ذراعي وثبتتها باللاصق الطبي، طبيب التخدير يقف عند رأسي يسألني بعض الأسئلة وأنا أجيبه بهز رأسي .. بدأ بدفع المخدر إلى عروقي .. أحسست ببرودتة تسري في ذراعي، ثم دوار ..
شعرت أنني أغرق،
الأضواء تختفي ..
الأصوات تخفت ..
جسدي يرتجف بشدة، ألم شديد مرعب بجزئي السفلي، وكأنها كلاب تنهش جوفي وأمعائي، حاولت أن أتحرك، ذراعاي مثبتتان، عيناي ملصقتان، وهناك شيء محشور بحلقي يمنعني عن الصراخ، كنت أهتز وانتفض بشدة محاولة انتزاع نفسي من هذا الكابوس المؤلم، سمعت أصواتاً تقترب وتبتعد، الطبيب ينادي بزيادة جرعة المخدر، والممرضات تتكلمن وأخريات تضحكن، كنت أريد الصراخ، أنا أتألم، ما الذي يضحككن هكذا ... لم تمض لحظات .. شعرت بثلج يجمد أوردتي، وغرقت في اللاشيء مرة أخرى.
كنت كمن يطفو على سطح الماء، ثم يغوص مرة أخرى، الأمواج تتلقفني، شيئًا فشيء استعدت الإحساس بجسدي وأطرافي وبدأت أستفيق .. الآلام مرعبة .. أبكي .. أستغيث .. أنادي على الطبيب:
- لقد أفقت أثناء العملية وشعرت بكل شيء ..
= لا، أنت فقط كنت تحلمين ..
غمرني شعور بالغضب :
- لا، لقد أفقت، شعرت بأن بطني مفتوحة نصفين، شعرت بكل ألم، سمعت أصواتكم ..
تركني دون تعليق، ثم رأيت الممرضة تدس الدواء في المحلول المعلق بذراعي ..
كنت ما بين اليقظة والنوم حين سمعت الطبيب يهمس لوالدتي ..
- لم يصلح المنظار .. اضطررت لفتح البطن.