كلَّما جاء العيدُ، اشتهرت على ألسنةِ بعضِ الناسِ مقولةٌ هي: "ليس العيدُ لِمَن لَبِسَ الجديدَ، وإنّما العيدُ لِمَن خافَ يومَ الوعيدِ."
وكأنِّي أشُمُّ في هذه المقولةِ - كُلَّما ردّدَها البعضُ ونشَرَها وتشدَّقَ بها - دعوةً غيرَ مباشرةٍ إلى الإعراضِ عن التجمُّلِ والتأنُّقِ ولبسِ الجديدِ يومَ العيد.
والحقُّ أنَّ هذه المقولةَ: أوَّلُها باطلٌ، وآخرُها صوابٌ.
✦ أمّا أوّلُها:
فهو يُخالفُ سُنَّةَ رسولِ اللهِ ﷺ في العيد؛ فقد ثبتَ في السُّنَّةِ النبويّةِ الصحيحةِ أنَّ النبيَّ ﷺ كان يخصُّ العيدَ بلبسِ أجملِ ثيابِه، بل كان يُوجِّهُ أصحابَه إلى ذلك.
قال الإمامُ ابنُ القيمِ - رحمه الله -:
"وكان رسولُ الله ﷺ يلبسُ للخروجِ إلى العيدينِ أجملَ ثيابِه، فكان له حُلَّةٌ يلبسُها للعيدينِ والجمعةِ، ومَرَّةً لبِسَ بُردَينِ أَخْضَرَيْن، ومَرَّةً بُرْدًا أَحْمَر."
وعن نافعٍ: أنَّ ابنَ عمرَ رضي الله عنهما كان يلبسُ في العيدينِ أحسنَ ثيابِه.
فالعيدُ شعيرةٌ عظيمةٌ، من شعائر الإسلام، يُستحبُّ فيها إظهارُ الفرحِ والسرورِ، والتجمُّلُ، والتطيُّبُ، ولبسُ الجديد.
✦ وأمّا آخرُ المقولةِ فصحيحٌ:
فإنَّ العيدَ الحقيقيَّ هو لمن زادت حسناتُه،
والعيدُ الحقُّ لِمَن خافَ اللهَ، فعملَ صالحًا لنفسه،
العيدُ الحقُّ لمن عاد إلى الله، وتقربَ إليه بفعلِ الطاعات، العيدُ الحقُّ يومَ نلقى اللهَ وهو راضٍ عنَّا، العيدُ الحقُّ يومَ نعودُ إلى دينِنا وعقيدتِنا،
العيدُ الحقُّ حين تستردُّ الأمّةُ مجدَها وريادتَها بين الأمم.
فما العيدُ إلا أن نعودَ لدينِنا
حتى يعودَ نعيمُنا المفقودُ
ما العيدُ إلا أن يُرَى قرآنُنا
بينَ الأنامِ لِواؤُهُ معقودُ
ما العيدُ إلا أن نُكوِّنَ أُمَّةً
فيها محمدٌ لا سِواهُ عميدُ
كونوا دُعاةً للفضيلةِ، واعلموا
أنَّ الرسولَ عليكمُ لشهيدُ
فهي مقولةٌ يَجمُلُ آخرُها، لكنَّ أوّلَها مرفوضٌ.
فرجاءً: التنبُّهُ، وعدمُ خلطِ الأمورِ، حتى لا نُفرِّطَ في فضائلِ العيدِ، ولا يُفوِّتنا الأجرُ الجزيلُ في هذه الأيامِ المباركة.