في إحدى ليالي شهر نوفمبر لعامينٍ مَضين، ذهبتُ أنا وأخي لقضاءِ أمرٍ ما بأحدِ أحياء القاهرة، حينها كانَ موعد حضورنا هو الخامسة مساءً، لكنْ وللأسفِ الشديدِ تأخرنا عن الموعد؛ إذ خرجنا من البيتِ مُتأخرينِ لسببٍ ما.
ورغم أنَّ المسافة بيننا وبينَ ذاكَ الحي يسيرة إلَّا أنَّ التكدُّس المروري جعلها ويكأنَّها بعيدة جدًّا، قُلتُ لأخي في مُنتصفِ الطريق: رُّبما عُقِدَ الاجتماع وغادرَ الحاضرون.
ربتَ على يدي المُقفّزة بحنانٍ ثُمَّ أردف: لا تحزني ملكة فسوفَ نلحق بإذن اللَّه عزَّ وجلّ، وإنْ لم نستطع الإلحاقَ بهم فقد سعينا، وفعلنا ما بوسعنا، وقدّرَ اللَّهُ وما شاء فعل.
ثُمَّ أخذَ يُضاحكني ليُذهبَ عنّي الحُزن حتّى وصلنا الشارع، وبعدَ سيرٍ على الأقدامِ دامَ لدقائقَ معدوداتٍ وصلنا المكان المُراد.
ألقى أخي السلام على حارسِ العقار، ثُمَّ اِستقلينا المصعد الكهرُبائي؛ إذ أنَّ الاجتماع في الطابقِ التاسع.
العجيب في الأمرِ أنَّ خوفي من المِصعد الكهرُبائي قد تلاشى تمامًا في حضرةِ فرط نشاط عقلي، وفِكري المُستَعِر في الاجتماع!
وصلنا الطابق التاسع ووقفنا أمامَ الباب وقد غَلبَ ظنّي أنَّ الاجتماعَ قد اِنتهى، على عكسِ أخي الذي كانَ على يقينٍ بأنَّ الاجتماعَ لم يُعقَد بعد، وسُبحانَ اللَّهِ قد تأكدَ يقين أخي حينَ طرقَ الباب فقُوبلنا بالترحابِ حتّى دلفنا غُرفة الاجتماعات، ورغم أنَّني كُنتُ قد تأخرتُ ساعة أو يزيد بفِعلِ التكدُّس المروري، إلَّا أنَّ الاجتماع لم يُعقَد بعد.
جلستُ على مِقعدي المُتحرّك وأخذتُ أبتسم على ظنّي الذي لم يَكُن في محلّهِ.
وبعدَ ساعتينِ اِنتهى الاجتماع، وهممنا عائدينَ إلى البيتِ الذي لم يَبعُد عن مقرّ الاجتماع إلَّا يسيرًا لكنَّ التكدُّس المروري قد فاقَ الحدّ، ممّا أدّى إلى تأخُر الذهاب أو العودة من وإلى داخلِ القاهرة.