كانت جالسة تشرب قهوتها الصباحية
تستمع إلى
سيرة الحب
صوت أم كلثوم ينساب بسلاسة من هاتفها
كعادتها كل صباح بعد أن ودعت زوجها إلى عمله وأولادها إلى مدارسهم
لحظات من الهدوء تسرقها قبل أن تبدأ أعمالها اليومية
فجأة
قطع رنين الهاتف هذا الانسجام ترددت في الرد
لكنها التقطت الهاتف ونظرت إلى الرقم المجهول
ضغطت على الإجابة وقبل أن تنطق جاءها صوت لم تخطئه أذنها
رغم مرور السنوات
مين
تجمدت في مكانها قلبها تسارع نبضه
لم يكن مجرد صوت بل ذكريات اجتاحت عقلها كالعاصفة
كيف وصل إليها
كيف عرف رقمها
ومكانها
بعد كل السنين حاولت أن تستعيد توازنها
لكنها لم تستطع إخفاء ارتجافة صوتها وهي تقول
إنت
ضحك بخفة وكأن الزمن لم يغيره وقال:
أخيرا سمعت صوتك من جديد...
حبست أنفاسها
لم تكن مستعدة لهذه اللحظة
لكن القدر قرر أن يعيد فتح صفحة قديمة لم تكن تظن أنها ستقرأها مجددا
ابتلعت ريقها بصعوبة وضغطت على الهاتف بقوة كأنها تحاول استيعاب ما يحدث
ساد صمت ثقيل للحظات
لم تعرف ماذا تقول بينما استمر هو في الحديث بنبرة هادئة وكأن السنين لم تفرق بينهما
عارف إنك مستغربة
بس كان لازم أكلمك
ارتجف قلبها
ليس خوفا
بل مزيج من الذكريات والمشاعر التي دفنتها منذ زمن
حاولت أن تحافظ على هدوئها
وقالت بصوت منخفض لكنه
حازم
قوى
إزاي وصلت لرقمي
وماذا تريد بعد كل هذه السنين
تنهد بعمق قبل أن يجيب
بحثت عنك طويلا
ما كنتش ينفع أسيب السنين تعدي كده من غير ما أقول لك
آسف
آسف الكلمة التي انتظرتها يوما
لكنها الان تبدو فارغة بلا معنى
أخذت نفسا عميقا وأغمضت عينيها للحظات
لم تعد تلك الفتاة التي كسرتها الظروف أصبحت امرأة قوية
لها حياتها
عائلتها
واستقرارها
فتح هو فمه ليكمل لكنها قاطعته بحزم
الماضي انتهى
وأي كلام مش هيغير اللي حصل
ساد الصمت للحظات قبل أن يهمس بصوت خافت
طيب
بس كان لازم أسمع صوتك ولو لمرة أخيرة
أغلقت الهاتف دون تردد
وضعت يدها على قلبها
شعرت بارتجافه
شعرت براحه
ابتسمت
كانت تلك آخر صفحة تغلق في رواية قديمة والآن حان وقت العودة إلى حياتها