العزيز يحيى،
كنّا نظنُّ أن الحديثَ وصالٌ يُعيدنا كلما ضللنا طريقنا،
لكنّ انقطعَت أنفاسُه عندَ النقطةِ الأخيرة،
حينما سقطت فواصلُ الكلمات،
وحُجِبت علاماتُ الترقيمِ كلُّها،
فعاثَ سوءُ الفهمِ بيننا...
جُملٌ لم تكتمل،
وكلماتٌ كانت تُشبه الصراخ،
ربما لم تكن،
وأخرى فهمتَها أنتَ "دلالًا"،
في حينِ هي "ضجر"...
وجملٌ فهمتُها أنا "تَكبُّرًا" وهي "لا مبالاة"،
لعلَّ التكبرَ شعورٌ أكثرُ حماسًا من اللامبالاة...
بكلِّ الأحوال يا يحيى، غُلِقَت الطُّرُق،
وصِرتُ أَخجلُ من قَلقي عليك،
وأبدو كاذبة...
كيفَ، بعد ألفِ ليلٍ وشمس، أَقلقُ على غيابِك؟ فأهمس لنفسي :
"كفي هراء شعورك يا ورد"
وتبدو أنتَ كنجّارٍ يُصلِح بابًا خشبيًّا
كُلُّهُ ثقوب لمساميرَ سابقة،
فتأتي بالحديث وتحكي الحكايا عن الكتابة والنساء وبقايا البقايا من غِيرة لا معنى لها،
وترمي "حبيبتي" بذيلِ الرّسائل، لم أكن حبيبتك يومًا كنت عابرة هتعثرت بها ككل العبور فحسب ..
وكُلّها أُمورٌ مُضحكة بطعمِ علْقَم
يبقى في حَلقِ الذاكرة.
لا تجبر نفسك أكثر، لا تملك لي شيئا كبيرًا من البداية ولا أنا أحتمل الإهانة لعظيم حبي ...
فليقضي نحبه هادئًا ..
لا شيءَ يجري هنا...
النهرُ جفَّ،
والأخضرُ يابس،
ولا خُضرَ بالأُفق...
عرفنا الآن، بعد سذاجتنا السابقة،
أنَّ الحبَّ كالإِنسان:
يُولَدُ فيَصرُخُ حماسًا،
يملأُ الدنيا فرحًا طفلًا،
يجنُّ مُراهقًا،
شغوفًا إذْ هو شاب،
نافِرًا في الهرم،
و...
ويموت...
يَنتهي..
وهو حبي يا يحيى وتقبلت فيه العزاء منذ عام مضى ...
ورد..يحيى