المشهد السادس
(إضاءة خافتة في الخلفية، يُسمع صوت أذان دخول "رامي" و"علي" من الجهة اليمنى. يرتديان بناطيل ممزقة، وتيشرتات بألوان صارخة، وتسريحات شعر غريبة، يتقدمان نحو منتصف الخشبة)
علي (بغضب ويلوح بيده):
بقالي ساعة بشرحلك أنا ضربتها ليه!
اختي عملت حساب على التيك توك... وبتنزل تريندات رقص!
مش كفاية إنها لسه ما كملتش 15 سنة؟!
رامي (يضحك باستهزاء):
وإيه يعني؟!
هي بتعمل حاجة عيب؟ ده اسمه فن!
وبعدين...
لو الفولورز بتوعك عرفوا إنك ضربت أختك
هيعملوا فيك إيه؟ يا عنصري!
علي (بضيق، يدير وجهه إلى الجهة الأخرى):
مش معقول!
يعني عايزني أشوف أختي بترقص على السوشيال ميديا وأسكت؟
رامي (يشوح بيده ويقترب منه، ثم يضع يده على كتفه):
إنت عمرك ما هتنضف!
عقلك رجعي...
لو بقيت "أوبن مايند" وواكبت الدنيا،
بدل ما يتابعك كام ألف...
هتلاقي الملايين بيجروا وراك!
(علي يبعد يده عنه، يضع يده على رأسه مترددًا، يسير بخطوات قصيرة)
علي (بقلق):
طب أعمل إيه دلوقتي؟
دي حلفت تفضحني على التيك توك...
وأنا قطعت عنها النت.
رامي (غاضبًا):
غبي!
روح صالحها...
وخدها معاك في فيديو كمان!
وشوف الفولورز هيبقوا عاملين إزاي...
بس افتكرني ساعتها!
(في الخلفية، يمر "يوسف" يرتدي جلباب ولحية خفيفة، يسير بسرعة متجهًا نحو اليسار، لا يلتفت إليهما.)
علي (يناديه بدهشة):
يوسف!
مش واخد بالك مننا؟!
ارمِ السلام يا أخي!
رامي (بسخرية):
خلاص بقى... يوسف استشيخ!
(يوسف يتوقف، يلتفت إليهما بابتسامة)
يوسف (بهدوء):
معلش، ما خدتش بالي.
كنت مستعجل... علشان الحق صلاة العصر.
ما تيجوا معايا؟
(علي ينظر لرامي بتردد، يخطو خطوة للأمام ثم يتراجع.)
رامي (يقاطعه، بنبرة حادة):
إيه اللي جرى لك؟!
بعد موت ابن الشيخ وانت اتغيرت
دخلت مع الإرهابيين ولا إيه؟!
يوسف (باستغراب):
يعني عشان بصلي...
بقيت إرهابي؟
ربنا يسامحك...
على العموم، ربنا يهديكم.
سلام... علشان ألحق الصلاة.
(يوسف يخرج من المسرح ببطء، لحظة صمت، علي ينظر في الأرض، يفكر بصوت خافت.)
علي (بتردد):
ما كنا نروح معاه يا عم...
أنا بقالي كتير بعيد عن ربنا...
(يوسف وهو يتفحص هاتفه المحمول):
تعرف؟
سمعت الشيخ "زاهر" امبارح بيقول...
"ربنا ... رب قلوب،
وإحنا قلوبنا نقية...
لا بنسرق ولا بنأذي حد."
(صمت لحظة. يدخل من الجهة الأخرى امرأة فلاحة، تحمل سَبَت فيه جرجير، تنادي بصوت ريفي ):
يلا ... الجرجير الطازة!
مين يشتري مني؟!
رامي (بهمس):
علي!
بقولك إيه...
أنا هروح أكلم الست دي،
ونصورها من غير ما تاخد بالها.
ماشي؟
(يعطيه الهاتف ويجري ناحيتها.)
علي (يتصنّع الشفقة)
قوليلي يا حجه... الجرجير ده بكام النهارده؟
الست (بابتسامة بسيطة)
كله بـ... خمسين جنيه بس يا بيه.
(يقترب علي بهدوء من الخلف، يحمل هاتفًا موجهًا بخفّة نحو الست)
رامي ( وهو يتظاهر بعدم الانتباه للكاميرا)
بصي... خدي مية جنيه أهو، أنا بحب أساعد الناس الغلابة الطيبين اللي زيك... اللي بيجروا على أكل عيشهم بالحلال.
الست (بفرحة تمد يدها)
ربنا يكرمك يا بيه... يوسع رزقك... يطعمك ما يحرمك.
رامي (بفخرناظرًا للكاميرا لحظة)
أنا مش طالب غير الدعوات الحلوة دي... ويا ستّي، خلي الجرجير معاكي كمان... يمكن يجي منه رزق تاني.
(الست تأخذ الفلوس وتستمر بالدعاء وهي تخرج ببطء من المسرح)
رامي (بسرعة، يركض نحو علي، فرحان)
ده الفيديو ده هيجيب ڤيو نار! هاته بسرعة خليني أرفعه قبل ما غيرنا يعمل زيه!
علي (بتردد)
بس... مش يمكن الست تزعل؟ يعني... يمكن ما كانتش عايزة تتصور كده.
رامي (بضحكة ساخرة)
انت فاكر العالم دي عايشين معانا؟ دول ما يعرفوش أصلاً أن في حاجة اسمها موبايل... يا عم انت لسه ما فهمتش اللعبة!
الخير النهارده لازم يتصور... علشان بس الناس تشوف وتعرف إننا بنعمل خير أكتر من يوسف كمان!
علي (يفكر، ثم يبتسم فجأة )
طب بقولك إيه... تعالى صورني وأنا بأكل الكلاب اللي جنب الحته القديمة!
رامي (يضحك وهو يحط إيده على كتف علي)
بس كده! شكلك فهمت اللعبة صح... بس حضّر شوية كلام وانت بتأكلهم، حاجة كده تستعطف الناس... الكلام ده هو اللي بيجيب الڤيو.
(تبدأ موسيقى صاخبة تدريجيًا، أصوات فلاش كاميرا وأزرار كيبورد تزداد في الخلفية)
(يخرجان معًا بسرعة من المسرح، وهما يجهزان الهاتف، الإضاءة تنخفض تدريجيًا مع صوت فلاش)
ظلام