جريمه الحكمه الجزء الاخير
قولت لها:
– وده كان دافع قوي طبعًا إنك تقتليه… ممكن ما يكونش قصدك، بس وإنتي بتتخانقي معاه حصل اللي حصل. قولي الحقيقة يا نهى، علشان أقدر أساعدك وأخفف عنك الحكم.
قعدت تعيط ومش قادرة تتكلم، وأبوها خَدها في حضنه وقال:
– يا بيه، بنتي متعملش كده! وإحنا من حقنا نجيب محامي، ولحد ما نجيبه مش هنتكلم.
لقيت الموبايل بيرن، رفعت وقلت:
– أيوه يا محمد، إيه الأخبار عندك؟
قال لي:
– النتيجة طلعت يا أفندم، وفعلاً الدم اللي على الإسدال طلع مطابق لدم القتيل.
قلت له وأنا ببص لنهى وهي بتعيط:
– تمام، اقفل دلوقتي.
بصيتلها وقلت:
– فعلاً يا نهى، إنتي محتاجة محامي، علشان هيتم القبض عليكي بتهمة قتل المجني عليه سعد زايد، والدم اللي على الإسدال بتاعك مطابق لدمه.
أبوها بص لها باستغراب وقال:
– دم إيه؟ وإسدال إيه اللي بيقوله ده؟
نهى قعدت تعيط وقالت:
– والله يا بابا ما قتلته! أنا مظلومة!
وقفت وهي بتعيط وقالت لي:
– أنا هقول كل حاجة يا بيه… بس والله ما قتلته.
رجعت قعدت، وقلت لها:
– ياريت، هتسهلي علينا كتير أوي لو قولتي كل الحقيقة.
قالت وهي بتعدّل في نفسها:
– أنا صحيت على صوت زعيق في الشارع، بصيت من الشباك لقيت سعد وابن عمه بيتخانقوا، وسعد بيزعق وبيقوله: "مش هديك مليم تاني غير لما تسدد كل اللي عليك".
ابن عمه ضربه وقاله: "كل العز اللي إنت فيه ده، أنا ليا فيه".
وقعدوا يشتموا بعض شوية، وبعدين لقيت ابن عمه ضربه جامد، وسعد جري منه في الحارة اللي جنبنا، وابن عمه راح وراه وهو بيشتمه.
قلت لها:
– كملي، سكتِ ليه؟
قالت وهي بتمسح دموعها:
– لبست الإسدال ونزلت، كنت ناوية أعمل فيهم بلاغ هما الاتنين. وأنا لسه نازلة الشارع، لقيت ابن عمه بيجري، رُحت أبص في الحارة، هي حارة مسدودة وضلمة، دخلت لقيت سعد مرمي على الأرض، قربت منه لقيته غرقان في دمه.
قلت لها بضيق:
– هااا… حصل إيه؟
قالت لي وهي بتبص لأبوها:
– خفت أوي، طلعت أجري ومبقتش عارفة أعمل إيه… لمّيت هدومي بسرعة وجيت هنا، والله يا بابا ده اللي حصل، أنا مش مجرمة… لما شُفت منظره غرقان في دمه واتأكدت إنه مات، اترعبت.
قمت وقلت لها:
– لازم تيجي معانا يا نهى تدلي بأقوالك في محضر رسمي.
قامت لبست، وأبوها جه معانا، وفعلاً قالت أقوالها كلها قدّام النيابة في محضر رسمي.
وأمرنا بالإفراج عن الفكهاني سيد حسنين، وقبضنا على ابن عمه محمد إبراهيم.
واجهته بكل الأدلة واعتراف نهى، وقلت له:
– نهى شافتك، والأدلة ضدك، عندك رد؟
قال وهو منهار:
– أنا والله ما كنتش ناوي أقتله! كنت عايز حقي، وهو ما كانش بيرضى يديني فلوسي.
قلت له بسخرية:
– ما كنتش ناوي؟ وانت محضّر للجريمة وسرقت سكينة الفكهاني علشان تبعد التهمة عنك؟
قال وهو موطّي راسه:
– ما كانش في بالي أسرقها… كنت عند الفكهاني العصر بشتكيله من سعد، وهو كان بيقولي إن ابن عمي ده عايز الحرق… والسكينة كانت قدامي، خبيتها في هدومي، قلت هخوّفه بيها بس… والله ما كنت ناوي أقتله.
وأنا بهدده بيها، هو هجم عليّ علشان ياخدها مني، دخلت في بطنه بالغلط.
قلت له:
– ووديت السكينة فين؟
قال بتوتر:
– دفنتها في الأرض المهجورة أول ترعة الشيتي.
قلت له:
– ولما ما كانش قصدك… ليه ما لحقتوش؟ ليه ما جبتش الإسعاف؟
قال:
– خفت يا بيه، ومعرفتش أتصرف… بغبائي.
قمت وقلت له:
– إنت هتيجي معانا تطلع السكينة.
وفعلاً، رحنا المكان اللي قال عليه، ولقينا السكينة مدفونة في كيس أسود.
وتم حبسه على ذمة القضية، لحد ما جه يوم النطق بالحكم.
قبل ما القاضي ينطق، قامت أم سعد وقالت بصوت عالي:
– يا قاضي، عايزة أتكلم لو سمحت… أرجوك قبل ما تنطق بالحكم.
القاضي قال لها:
– اتفضلي، عايزة تقولي إيه؟
قالت وهي منهارة:
– من يوم ما أم محمد وأبوه ماتوا، وهو كان لسه ما كملش 15 سنة، جوزي جابهولي وقال لي: "جبتلك أخ لسعد، ربيه".
ومن ساعتها وانا بعامله زي ابني، زي ما بجيب لسعد، كنت بجيب له.
محمد كان بيعيط جوه القفص وقال بصوت مهزوز:
– سامحيني… أنا آسف، والله ما كان في نيتي أقتله.
أم سعد بصت للقاضي وقالت:
– أنا عارفة إن محدش هيوافقني، بس أنا خسرت عيل من ولادي، ومش مستعدة أخسر التاني.
حصلت دوشة في القاعة، والقاضي قال:
– سكوت من فضلكم.
وبعدين بص لأم سعد وقال:
– يعني إيه؟ إيه طلباتك؟
قالت له بصوت مليان توتر:
– أنا متنازلة عن حق ابني اللي مات، يا سيادة القاضي… سبولي ابني التاني، مليش غيره، وأنا عارفة إنه ما كانش يقصد يقتل أخوه.
القاضي اتنهد وقال لها:
– لو إنتي اتنازلتي عن حقك وحق ابنك، يا أم سعد، حق القانون لازم يتنفذ… فلو سمحتي، اقعدي علشان هننطق بالحكم.
وفعلاً، راحت قعدت، وبدأ القاضي النطق بالحكم وقال:
– المحكمة تأكدت من توافر أركان الجريمة، وثبوت قيام المتهم محمد إبراهيم بقتل المجني عليه سعد زايد.
ورغم تنازل والدة المجني عليه عن حقها المدني، فإن المحكمة ترى أن الجريمة لا ترقى إلى القتل العمد، بل كانت في لحظة غضب وانفعال، دون سبق إصرار أو ترصد.
– عليه، فقد حكمت المحكمة حضوريًا على المتهم محمد إبراهيم محمد بالسجن المشدد خمسة عشر عامًا مع الشغل، جزاءً لما اقترفت يداه، وحفاظًا على هيبة القانون.
رفعت الجلسة.