أغمضت عينيها لتستحضر المشهد، وبدأت رقصة التطهير في عتمة الذاكرة. لم تكن مجرد حركة جسد، بل طواف روحي في منْحدر الوجع؛ رقصة حافية القدمين على أرض الغياب، عارية الجرح حتى فاض الألم منها جداول. كانت كل انتفاضة في تيهها الأثيري أشبه باغتسالٍ رمزيٍّ بدموع الحزن المرّة.
عندما بلغت الذروة، فكّت ضفائرها التي كانت تختزن همس السنين، وألقت بالياسمين تحت أقدام رقصتها المهتاجة، كقربانٍ أخيرٍ للماضي. تركت شعرها وشاحاً أسود لمشيئة الهواء يعبث به كيف يشاء، بينما كانت تغسل وجهها وعنقها بدمعٍ مالحٍ، حارقٍ كطعم الخيبة. لم يكن الدمع استسلامًا، بل كان سكينًا يشقُقُ الخدود، ليُزهرَ الألم فوقهما قرمزًا كلما استبدّ بها الحنين.
في تلك اللحظة الفاصلة، أرسلت عِنان روحها لتنتفض، ناثرةً غبار الوجع الملتصق بالعينين. ثم، كأنما تستجمع قواها من بقايا الخسارة، أعادت رسم الكحل الأسود لتنثر للعين بريقًا متحديًا يسخر من دمعها الذي جرى. أخيرًا، وبعد أن عادت إلى حدود الواقع، أسرعت تخبئ خدها الخوخي الذي فضحتهُ حمرة الذكرى، بطرف منديل ، وتدّعي زكامًا اقتحم عافيتها، محاولةً بذلك أن تستر أعظم هزائمها وأجمل انتصاراتها.









































