آخر الموثقات

  • دروس من التجارب والحياة
  • فبكيت
  • نجمك العاري
  • عرض مجاني
  • أول المذنبين..
  • العلاقة مع الذكاء الصناعي
  • جودة المترب
  • صوتك يتلو...
  • حضور وانصراف
  • عقلي الباطن
  • الغفوة
  • العلاقة الغير مكتملة والصوت الداخلي
  • الوردة وراعيها
  • تناقضات الحكومة مع برنامج الرئيس الانتخابي
  • المعرفة
  • الحُمَّى
  • من الاكتفاء البسيط إلى صراع الهوية تأملات في تحولات المجتمع السوداني
  • الفرق بين الواعظ ووظيفة الواعظ
  • موقظ العبقرية
  • الأم السوبر .. صاحبة المزايا الخارقة والمهارات المتعددة " شابو ليكي "  
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة غازي جابر
  5. بين العلم والحب

في منتصف مايو، خرجنا في رحلة عمل طويلة امتدت ثلاثين يومًا، تنوّعت بين فترات تدريب، وأيام عمل ميداني كان هو الغرض الأساسي من السفر، تخللتها لحظات قصيرة من الترفيه، سمحت لنا باستكشاف ثقافة المنطقة وجمال طبيعتها، التي بدت وكأنها لوحة فنية أبدعتها يد خفية، تسحر الناظر وتُنسيه تعب الطريق.

 في الطائرة، جلستُ إلى جوار فتاة بدت من النظرة الأولى مختلفة. شعرها الطويل ينسدل بانسياب، ملامحها هادئة، وعيناها فيهما حديثٌ لم يُقال. كانت تبدو في العشرينات من عمرها. بادرتها بتحية مهذبة، فردّت بلطف. ثم انساب الحديث بيننا كجدول صغير يتلمس طريقه بين الصخور. كانت أنيقة في حديثها، عملية في كلماتها، دقيقة جدًا في الزمن.

 

لفتني أنها كثيرًا ما تنظر إلى ساعتها، فسألتها ممازحًا:

 

"تتابعين الوقت بدقة... أهناك موعد لا يُنتظر؟"

 

ابتسمت بخجل، وقالت:

"نعم، خصصت لك دقائق معدودة من وقتي لأتعرف على مجالات اهتمامك، وسبب زيارتك لبلادنا."

 

فوجئت بإجابتها، وازددت إعجابًا بترتيبها وحديثها الواضح واحترامها للآخر. كان حديثها يحمل طيفًا من الثقافة، ويدل على وعي وانضباط. وكانت تقرأ مجلة علمية بين يديها، مما زاد يقيني بأنها من أولئك الأشخاص الذين لا يمرون في حياتك مرور الكرام.

 

شعرت أن الوقت معها يمر سريعًا. وعندما اقتربنا من الهبوط، جمعت شجاعتي وقلت:

 

"هل بالإمكان أن نلتقي مجددًا؟"

 

ردّت بابتسامة هادئة:

"لا أمانع، يمكننا أن نلتقي في قاعة المكتب المركزي. سأرسل لك الموقع على هاتفك."

 

وفعلًا، تم اللقاء. جلسنا جلسة امتزج فيها دفء الحديث برقي المكان. سألتني:

 

"هل أعجبتك المدينة؟"

 

قلت:

"لا أستطيع أن أحكم عليها قبل انتهاء الرحلة."

 

فأجابت:

"إذًا، دعنا نلتقي هنا في نفس الموعد. أنا أعمل على مناقشة رسالة دكتوراه في العلوم التطبيقية، وهذا المكان المفضل لديّ للكتابة. لا تقلق، خصصت لك وقتًا كافيًا، فجزء من بحثي يتعلّق بدراسة أحوال المجتمعات المتنوعة، وقد تفيدني حواراتي معك. وأظن أن بيننا سمة صداقة تنمو... وربما تتحول إلى علاقة وطيدة، إن أردت ذلك. في الحقيقة، إن لم تطلب أنت اللقاء، كنت سأطلبه أنا. ليس في الأمر حرج."

 

ثم قالت قبل أن تهمّ بالذهاب:

 

"الآن سأتركك، على أمل أن نلتقي مجددًا في ذات الزمان والمكان."

 

عدت إلى استراحتي، وفي رأسي أفكار كثيرة. ماذا يمكن أن يُثمر عن هذا اللقاء؟ كيف نبتت هذه العلاقة من لحظة عابرة، وربما تتفتح كوردة في فصل لم أخطط له؟ كانت مختلفة... جريئة، صريحة، كلماتها منتقاة بعناية، صادقة، ومخلصة في احترامها للوقت.

 

حتى في علاقتنا، ربطت اللقاء بالعلم، وكأنها تؤمن أن كل شيء في الحياة يجب أن يكون ذا معنى، حتى الحب.

 

وفي الأيام التالية، توطدت علاقتنا. وكنت سعيدًا أن أقدم لها ما قد يساعد في بحثها، خاصة أن حديثنا أصبح أكثر عمقًا وتبادلًا للفهم.

 

مع اقتراب نهاية الرحلة، قلت لها:

 

"رحلتنا المهنية انتهت، وسنغادر غدًا إلى بلادنا. سألتِني سابقًا عن رأيي في بلدكم... والآن أقول لك: إنها بلد جميلة، بلد العلم والحضارة، بلد القانون والحريات. الكل هنا يشعر بأنه متساوٍ، وهذا جوهر الاستقرار. أما الأماكن، فتصميمها كأنها مدن أحلام صُممت بدقة وجمال."

 

لم تتركني أكمل، قاطعتني قائلة:

"لا، أنت ستعود، ولكن على نفقتي الخاصة، مطلع الشهر القادم، لحضور مناقشة رسالتي. وجودك بجانبي سيكون شرفًا كبيرًا لي. ثم إنني لا أملك عائلة... فقدت الجميع في زلزال دمر منزلنا ولم ينجُ أحد."

 

كلماتها اخترقت قلبي. وعدتها بأن أكون معها. وفعلًا، حالفني الحظ، وتمكنت من العودة في الموعد. حضرت حفل المناقشة، وشاركتها فرحتها. وبعد انتهاء الكرنفال، ذهبنا إلى مكان لقائنا المعتاد، وتحدثنا طويلاً.

 

ثم، بخطوات واثقة، فتحتُ الموضوع:

 

"هل ترغبين بأن نكمل هذا الطريق معًا، إلى الأبد؟"

 

وافقت.

 

وبعد ستة أشهر، عُقد قراننا، وعدنا سويًا إلى وطني.

كانت الرحلة في ظاهرها مهنية... لكنها كانت موعدًا مع القدر، جمع بين العلم والحب.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
إحصائيات متنوعة

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↑1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
4↓-2الكاتبمدونة محمد شحاتة
5↓الكاتبمدونة اشرف الكرم
6↓الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
7↓الكاتبمدونة ياسر سلمي
8↓الكاتبمدونة حسن غريب
9↑1الكاتبمدونة آيه الغمري
10↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑58الكاتبمدونة خالد دومه56
2↑43الكاتبمدونة كريمان سالم70
3↑29الكاتبمدونة عبير محمد119
4↑23الكاتبمدونة غازي جابر79
5↑18الكاتبمدونة ياره السيد112
6↑15الكاتبمدونة آمال صالح21
7↑14الكاتبمدونة عبير مصطفى73
8↑13الكاتبمدونة عبير بسيوني173
9↑12الكاتبمدونة أسماء نور الدين83
10↑12الكاتبمدونة شيماء الجمل129
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1067
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب687
4الكاتبمدونة ياسر سلمي649
5الكاتبمدونة مريم توركان573
6الكاتبمدونة اشرف الكرم565
7الكاتبمدونة آيه الغمري492
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني422
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين416
10الكاتبمدونة سمير حماد 399

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب327780
2الكاتبمدونة نهلة حمودة183599
3الكاتبمدونة ياسر سلمي175559
4الكاتبمدونة زينب حمدي168183
5الكاتبمدونة اشرف الكرم126177
6الكاتبمدونة مني امين115657
7الكاتبمدونة سمير حماد 105073
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي96068
9الكاتبمدونة مني العقدة93358
10الكاتبمدونة مها العطار86578

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة عبير سعد2025-05-23
2الكاتبمدونة هاله اسماعيل2025-05-18
3الكاتبمدونة محمد عرابين2025-05-15
4الكاتبمدونة اريج الشرفا2025-05-13
5الكاتبمدونة هبه الزيني2025-05-12
6الكاتبمدونة مها الخواجه2025-05-10
7الكاتبمدونة نشوة ابوالوفا2025-05-10
8الكاتبمدونة كريمان سالم2025-05-10
9الكاتبمدونة رشا ماهر2025-05-09
10الكاتبمدونة مها اسماعيل 2025-05-09

المتواجدون حالياً

2140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع