فجر الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
عزيزي يا صاحب الظل الطويل..
وعدتك أن أكتب لك مرة أخرى في أقرب فرصة، وهأنا أفي بوعدي كما أحب، لا أخفيك سرًا قد اشتقت وجودك المطمئن، حتى في لحظات صمتك اللامتناهية، فوجود من يستمع إلى حديثك لهو أمر مريح، حتى ولو لم يجيبك ببنت شفة.
أعتقد أحيانا أنك من شطحات خيالي اللامتناهية، فقد رسمت تفاصيلك كأكمل ما يكون، متغافلة عن حقيقة أنه لا بشر كامل في هذه الحياة، ربما ألقاك حقًا في الجنة أو في خيالي وأحلامي كما اعتدت دومًا..
ينتابني شعور بالضياع كلما أهدتني الحياة أحد ألغازها المحيرة، تسرع روحي خطاها تجاهك طالبةً منك إجابة مقنعة، لتغمرني برودة الصمت المعتادة، فمنذ متى تجيبنا أشباح الخيال عن تساؤلاتنا!!
لا أخفيك سرًا فقد تلونت نظرتي للحياة بألوان القنوت، فكل ما حولي يشعرني بالفوضى، فالكل يرتدي أقنعة التحضر لتخفي أهوالًا من العدم، من تظنه عالمًا صاحب فكر يرزح تحت عباءات الجهل، يرتدي حُلة الدجالين ويطلب المدد من المدعين.
تبادل الراعي الأدوار في القصة المزعومة مع الذئب، فأصبح يقود قطيعة نحو الهاوية، والذئب يقف هناك في نهاية الطريق مبتسمًا شاكرًا هذه الوليمة المستسلمة لمصيرها المظلم.
أتساءل كيف اختلطت صفحات الأسطورة التي تقودنا نحو الفردوس، لتتشعب طرقها فيودي كل منها بسالكيه نحو جحيم يختلف في كيفية الوصول إليه لكنه يتطابق في حجم الألم والمعاناة.
أخبرني بربك..
ألم تجرب قط العيش في فوضى مرتبة؟
ألم تشعر قط أنك تعيش داخل رواية تراجيدية يساق أبطالها نحو مصيرهم المحتوم وكأنهم قطعان مسلوبة الهوية والإرادة؟
ألم تشعر قط بالعجز عن الفهم وعن الصمت وعن الحديث أيضًا؟
ألم تشعر يومًا برغبة في كسر كل قيود العقل، لتصرخ في وجه هذه الحياة بكل ما ينهش عقلك من أفكار تقتل الأمل داخلك بمنتهى البطء واللذة؟
أخبرني هل ترى لهذا الظلام الملطخ بالدماء والعجز والهوان من نهاية؟
أعتذر لك حقًا عن تناقضي وضياعي، أحاول أن اكتب لك رسالة تليق بفتاة عاقلة فتتحول لبعض خربشات من الهذيان المُر.
أعدك في المرة المقبلة أن أزين سطوري ببعض الفراشات الملونة تحاول الارتواء من قطرات الندى التي تذرفها السماء في صباح مكلل بنسمات من الأمل.
ولك كل مودتي واعتذاري..
المخلصة لك للأبد...