الثالثة والنصف فجر الثلاثاء
السابع عشر من سبتمبر لعام ٢٠٢٤
عزيزي صاحب الظل الطويل..
أحاول جاهدة أن أجمع هذه الأحجية المرتبكة التفاصيل المتناثرة بعقلي لأكتب إليك، أو بتعبير أدق أن أقرر ماذا أريد أن أخبرك في سطوري هذه..
أبذل مجهودًا غريبًا على نفسي لأجعل اختيار الكلمات لعقلي هذه المرة، فدومًا ما كانت تنبع من قلبي دون قيود، لكنني وبعد عناء قررت أن أنحى هذا القلب الغبي عن قيادة حياتي علها تصبح أقل بؤسًا.
عزيزي صاحب الظل الطويل.. أرى أن الحياة تستمر رغمًا عنا، سواء مازلنا جزءًا منها، أم وارتنا صفحات كتابها ثرى الجفاء حتى أصبحنا طي النسيان، لكنها رغمًا عن أنفي ستستمر، لن يغيب القمر عن الليالي حزنًا لأجلي، ولن تغضب الشمس وتبخل بدفء تدثر به سقيع الحياة، عندما أخبرها أنه لا يجدي نفعًا مع الجليد الذي يحيط بروحي.
أدركت أخيرًا أنني يجب أن أحل ضفائري وأتخلى عن العيش كطفلة في الرابعة من عمرها، وأعترف بهذا الصفر الذي أخفيته من تأريخ حياتي لأشيب فجأة وأتحول إلى كائن يشبه البشر يحاول الحياة منذ ما يزيد عن الأربعين شتاءً ببعض الشهور.
متأكدة أنك نسيت كم أعشق الشتاء، ففي أقسى لياليه جئت إلى هذه الحياة كما قيل لي، أعشق ليله الصامت إلا من صخب أفكاري التي أعجز عن إيقاف تدفقها حتى في أحلامي..
عزيزي..
أشفق عليك من هذيان أعلم مدى مشقة تقبله على شخص عقلاني منظم مثلك، لكنه رفيقي المخلص دومًا كلما قررت الكتابة، أمسك بقلمي، أبسط صفحة من دفتري، وأطلق العنان لجموح حروفي وأفكاري، فلا تتوقف حتى يجف مداد انفعالي، لكني أعدك أن أحاول السيطرة عليها عندما أكتب إليك في المرة القادمة.
المخلصة لك للأبد...