“إن في أولاد مصر نجابة وقابلية للعلوم والمعارف”
(محمد علي باشا)
ينحدر إبراهيم النبراوي من أسرة متواضعة من الفلاحين في نبروه بمديرية الغربية. تلقى تعليمه الأولي مكتب البلد، ثم ترك المكتب وعمل بالتجارة مع أهله،
وحين اشتد عوده وصار صبيا، كان عليه أن يساعد والده في الزراعة، فاحترف مهنة بيع البطيخ، وفي يوم طلب إبراهيم الولد الفقير من والده أن يبيع البطيخ خارج قريته بالدلتا، وأن يتجه للقاهرة،
فرضخ والده لذلك، وجمع البطيخ ووضعه على جمال متجها في طريقه للقاهرة، وهناك في حي الحسين بالقاهرة أخذ ينادي علي بضاعته، فاكتشف أن الأسعار منخفضة سواء في القرية أو القاهرة.
في اليوم الثاني قرر النبراوي أن يبيع البطيخ كاملا لكي لا تتلف البضاعة، ولكنه خشي من غضب والده
، فقرر عدم الرحيل للبلده ة واتجه للأزهر الشريف ليستمع لحلقات الدرس، ورويدا صار من أنبغ التلاميذ في الأزهر الشريف،
وحين قرر محمد علي باشا تأسيس مدرسة الطب،
التحق بالمدرسة بتشجيع من معلمه، لينبغ في التشريح وعلوم الكيمياء وغيرهما، وليكون أول خريجي مدرسة الطب المصرية
، يسافر إبراهيم النبراوي بعدها إلي فرنسا بتشجيع من كلوت بك ومحمد علي باشا، الذي اختاره فيما بعد طبيبه الشخصي.
الدكتور “جمال الدين الشيال” نشر مقالا في مجلة الثقافة عام 1950م عن دور الطبيب إبراهيم النبراوي وظاهرته في الطب المصري
، مؤكدا أن بائع البطيخ الفقير تزوج من فرنسية، وهي أم ولديه يوسف وخليل،
وقد جاءت معه إلى مصر ليكون من أوائل الأطباء المصريين في تدريس علوم الطب،
بالمدرسة التي أسسها محمد علي باشا بقصر العيني، وقد قام النبراوي بترجمة 3 رسائل علمية في الطب، ليكون أنبغ حكيمباشي مصري في ذلك الوقت.
كان إبراهيم النبراوي هو أول وكيل مصري يعين في مدرسة الطب، التي كانت مناصبها العليا مقصورة علي الأطباء الأجانب
، وقد ذاع صيته وخبرته التي جعلت محمد علي باشا يجعله طبيبه الخاص “حيكمباشي”،
ولصلته بالأسرة العلوية قامت والدة عباس باشا الأول بإهدائه فتاة بدوية ليتزوجها حين ماتت زوجته الفرنسية، كما تم منحه الكثير من الألقاب والمناصب.
في نهايات القرن التاسع، بالتحديد عام 1891م، تم ضع قانون لكافة الأطباء المصريين أو الأجانب،
وهو القانون الذي تم إلغاؤه عام 1928م، وقال القانون الذي تنشره “بوابة الأهرام” نقلا من الوقائع الحكومية أنه يجب علي كل طبيب رمد أو أسنان أو حكيم بيطري أو حكيمة
بيده تصريح بممارسة مهنة الطب، أن يقدم للصحة الجهة التي يرغب الإقامة فيها،
ولا يجوز للحلاقين أو لأي شخص آخر بتعاطي مهنة صناعة الجراحة الصغري، أو أن يأمروا ويصفوا أدوية،
خلاف عمليات ختان الأطفال “الطهارة”، أو تلقيح الجدري أو الحجامة.
وعودة لقصة إبراهيم سفره للقاهرة لبيع البطيخ فإنه كلفه أهله ذات يوم ببيع محصولهم من البطيخ
. غير أنه خسر في تجارته، وخاف أن يعود إلى أهله بعد خسارته هذه، فقرر أن يبقى في القاهرة، يتجول في شوارعها، ويقضي ليله في مساجدها
، ثم انتهى به المطاف مجاورًا في الجامع الأزهر، وسمح له تعليمه الذي تلقاه في كتّاب البلد باستيعاب ما يلقى من العلم في أروقته.
إلتحق إبراهيم النبراوي بعد ذلك بمدرسة الطب في أبي زعبل، ودرس بها خمس سنوات،.
وشهد الامتحان “كثير من كبار الأطباء بعاصمة فرنسا، وجمع غفير من رجال الجمعية العلمية وأمراء باريس وأكابر رجالها
، وفي مقدمتهم البارون ديبوا والدكتور مارك، الطبيب الخاص لجلالة ملك فرنسا”، ولفت النبراوي أنظار ممتحنيه،
وقُبل للدراسة في مدرسة الطب بباريس.
غير أن أمرًا صدر من القاهرة بعودة أفراد البعثة إلى مصر، فعادوا إليها في مارس 1836 قبل أنن يتموا دراستها،
ولم يلبث أن صدر أمر آخر بعودتهم إلى فرنسا، فعاد إبراهيم وزملاؤه في ديسمبر من نفس العام، وبقي في فرنسا حتى أتم دراسته،
وقد أقام النبراوي في فرنسا 6 سنوات، أنفق عليه فيها ـ وفقًا لوثائق البعثة ـ 949 جنيهًا،
وعاد إلى مصر عام 1838 ومعه شهادة الدكتوراه وزوجته الفرنسية التي تزوجها أثناء بعثته.
تزوج النبراوي من سيدة فرنسية أثناء دراسته بفرنسا، وعندما توفيت تزوج من مصرية،
وأهدت إليه والدة الخديو عباس جارية من خاصة جواريها،وكان من أبنائه:
الدكتور خليل النبراوي، الذي تخرج في مدرسة أبي زعبل، ثم أرسل في بعثة إلى النمسا لإتمام دراسته الطبية،
ثم إلى فرنسا، ثم عمل بالطب بعد عودته إلى مصر حتى شغلته الثروة التي ورثها عن أبيه عن مهنته، لذلك كانت شهرته في الطب أقل من شهرة أبيه.
يوسف، وقد تعلم في مصر، ثم أوفد إلى فرنسا لدراسة الفنون الحربية،
ولما عاد إلى مصر عين ضابطًا بالجيش، غير أنه لم يرغب في العيش بمصر،
فعاد إلى فرنسا ـ وطن أمه ـ وأقام فيها وتزوج من فرنسية، واستعانت به الحكومة المصرية وهو في فرنسا لإنجاز بعض المشروعات التي كان إنجازها يحتاج إلى موافقة الدول الأوروبية،
فبذل في ذلك جهودًا ناجحة، ولما أنشئت المحاكم الأهلية طلب إليه فخري باشا ـ صديقه وزميله في الدراسة بفرنسا ـ أن يختار جماعة من القضاة يتولون المناصب فيها،
ثم دعاه للعودة إلى مصر، فعاد، واختاره رئيسًا للمحكمة المختلطة.
ومن مؤلفاته:
الأربطة الجراحية: ألفه أثناء بعثته في فرنسا، وطبع سنة 1838.
ومن ترجماته من الفرنسية إلى العربية:
* نبذة في الفلسفة الطبيعية للدكتور كلوت بك.
* نبذة في أصول الطبيعة والتشريح العام للدكتور كلوت بك.
وقد ترجم النبراوي الكتابين أثناء بعثته في فرنسا، وطبع كلاهما سنة 1837.