إنها ليست بداية الطريق, إنما هي الأذى الروحي, إغتيال الجمال, إعداد العدة, لضربات في القلب, وفي الروح, إنها جروح ساخنة تخدش الأشياء الرقيقة فيك, تأهب, قف في ثبات, أشحذ عزيمتك, أبدأ حربا قوية منك إليك, قف في مجابهة نفسك, أدرسها جيدا, قف صفا واحدا أنت وروحك, ضد الجيوش المتأهبة منك, أنظر في ذاتك, دقق النظر بداخلك, هناك ظلمات كثيفة فوقها ظلمات, أنر شمعة صغيرة, وأبدأ المسير. ولكن هذه لجج؟ لا أرى شيء, قد تكون هناك منحدرات, تلال جبال وديان, أو ربما بحار عميقة, أمواج لا تنتهي, إنها أحراش كثيفة, أليس هناك ذئاب, أفاعي سباع تفترسني, قدمايا حافيتين, ورأسي مكشوف, ولا شيء يحمي صدري, من سهام, قد تخترقه في ظلمة من تلك الظلمات, إنك تهزأ بي, ألم أقل لك أن الدروب وعرة؟ وإنك لن تستطيع؟ وأن الأفضل لك, أن تكون لا شيء, كما الأخرين. كنت صادقا, فيما زعمت من أن الأمر رهيب, فإذا كان بداية الطريق, بهذا القبح, فما بالك بعد المسير, وإذا كان هذا الذي أرى, إن هو إلا إشارات, فهذا يعني أنني لا محالة هالك, ما بين قيام ومسير, بين الرضا بأن أكون, أو لا أكون, إن الأمر قاتم في عيني, وفي أنفي, وفي سمعي, ولا أدري, فأنا بين نارين, كلاهما ذائب أنا في ناره, هالك أنا في جحيمه, ولكنني رغم كل هذا اليأس, الذي أربكني وغزاني, سوف أمضي بهذه الشمعة, بهذا الضوء القليل, الضوء الخافت, ضوء شمعة صغيرة, لا يكاد يضيء أمام قدمي شبرا واحدا, أمشي به في هذه الأهوال, بلا أي سلاح, سوى ما أحمل بين جوانحي, من عزيمة وإرادة, شمعة والعواصف شديدة, والرياح عاتية, والجو ملبد بالظمات والغيوم, وقد تمطر فوق رأسي أحجارا, ولكن يجب ألا أتعجل, أن أتريث في كل خطوة أخطوها, وفي كل ضوء أسير على هداه, يا أيها الأمل المعقود في داخلي, خلي سبيلي, كي أتحرر من قيودك, أنت كما ترى, كما تعاين أجعلني أمضي في طريقي, طريق الأخرين, كانت نفسي تهتف بين جوانحي, بشيء من الخوف والضياع, لكنها لم تهمد عن الإلحاح, أنا أريد الوصول كالقليلين, أن أترك الجموع تسبح, فيما تسبح فيه وتعلن, كما تعلن, أنا من أنا؟ من أكون؟ أريد الوصول هاتف من أعماقي, هو من يصرخ على لساني وتنطق به روحي المعذبة, روحي الهائمة بلا مصير, أريد أن أرسم لها الطريق, أن ترشدني هي, أن تكون القيادة لها, لا إلي جسدي, لأبدأ وليكون ما يكون, وتسفر عن ما هو قادم لعله الأحسن, رحلة قد تأخذ عمري كله تستنفذه, ولكن لحظة الوصول, هي عمر كامل حيوات كثيرة, أمني النفس بالجنان الأبدية, وتحدثني نفسي عن النار والجحيم, ونار وقودها القلوب والأحجار, ترعبني إن أنا فكرت, تخيفني مني, وتضع مئات العراقيل أمامي, كي أتوب عن فكرة الوصول, التي أنغرست في كياني, وظلت تنمو إلى أن أصبحت شجرة باسقة, ممتدة الجدذور, في أعماق نفسي وروحي.