رواية "صدقني أنا لا أهذي"رواية بوليسية جذبتني من الصفحة الأولى. أسلوب السرد ممتعًا، ينساب بسهولة دون إطالة أو تعقيد، ويجعل القارئ يعيش الأحداث لحظة بلحظة، متلهفًا ليعرف الحدث القادم أو ليفك شيفرة دستها الكاتبة باحترافية بين الأحداث.
الحبكة عبارة عن عدة جرائم متسلسلة تأخذنا للتعمق في الماضي البعيد لفك لغز العديد من الحوادث المضللة للحقائق.
الحوار جاء بالفصحى، يخدم الشخصيات ويسهم في تطور الحبكة، الرواية تدور حول قاتل مستتر بمهارة عالية، يركض خلفه رجال الشرطة في أحداث متعاقبة بشكل مشوق، فكل فصل حمل معه تطورًا جديدًا ومفاجأة فكان من الصعب توقفي عن القراءة، وتأكدت أن قرار العودة للقراءة بعد انقطاع بعمل يجذب ذهني للمداومة كان قرارًا صائبًا .
من أكثر ما أعجبني أيضًا وجود الرسومات داخل الرواية، فقد ساعدتني كثيرًا في تخيّل شكل القطع والأدوات التي ذكرتها الكاتبة في الأحداث، مما أضاف أبعادًا بصرية جميلة وداعمة لتجربتي كقارئة، وبراعة الكاتبة في شرح أسماء واستخدامات بعض العقاقير الطبية، ووصف الإصابات الموجودة في جثث القتلى ببراعة طبيب لا يغفل عن أصغر التفاصيل.
أكثر ما ترك أثر في نفسي كان تعاطفي مع البطلة "ميلاء"، فقد وصلني إحساسها العميق بالوحدة والمعاناة. مما يدل على نجاح الكاتبة في رسم مشاعرها بصدق، وصفها لها نفذ إلى قلبي دون تكلف، وهذا ما جعلني أرتبط بها نفسيًا طوال الرواية.
كما أُعجبت كثيرًا بلغة الكاتبة، وهذه ليست المرة الأولى التي تنال لغتها إعجابي ففي كل مرة قرأت لها أثنيت على قوتها، وتماسكها، وفي نفس الوقت قريبة من الإحساس. اختيارات المفردات دقيقة ومعبرة، تضيف عمقًا لكل مشهد، وتعكس قدرة الكاتبة على نقل مشاعر معقدة كمشاعر ميلاء وهي تحاول التحدث وشرح نفسها ومعاناتها بكلمات بسيطة، وسرد أويس لمعاناته في تقبل حياة لا يشعر أنها تشبهه، وكم أحب الحياة التي شيدها لنفسه ليتقبل مصاعب الحياة بها.
"أويس" ذلك الرجل القوي المتماسك، الذي جاءت قوته في تناغم تام مع ضعف واحتياج "ميلاء". العلاقة بينهما كانت مفعمة بتفاصيل إنسانية دقيقة، جسّدت ببراعة فكرة الاحتياج المتبادل بين القوة والضعف، الأمان والخذلان، وكأن كل طرف يكمل الآخر رغم التناقض الظاهري.
أما عن النهاية، فقد كانت صادمة جدًا بالنسبة لي. لم أتوقعها على الإطلاق، وخرجت منها بشعور بالظلم، ربما لأنها كسرت توقعاتي كقارئة تمنّيت نهاية مختلفة تمامًا عن وجهة نظر الكاتبة. ومع ذلك، لا أنكر أنها نهاية قوية وتحمل وجهة نظر أدبية وإنسانية تستحق التأمل.
تحياتي ومحبتي الكبيرة للدكتورة شيماء جاد صديقتي ورفيقة الرحلة، فخورة بكل حرف خطه قلمك وفي انتظار المزيد.
وبعد كل الكلام الحلو ده عاوزة اجيب كل قراء الرواية ونيجي نسألك عملتي فينا كده ليه، ليه تعيطيني ها ليه هو أنا ناقصة حضرتك