اللقاء الاخير (2)
( ١ أكتوبر ١٩٧٣ عيد ميلاد بابا ال ٣٤ )
حضر بابا بزيه الميرى لقليل من الوقت و لم يجلس .. شالنى و احتضنى بشوق و حينما انزلنى و لمست قدمى الارض .. جريت لأحضر أغلى ما عندى .. باكو لبان .. كنت أحبه جدا .. و ذهبت له و نظرت للاعلى و قلت له :
"خد يا بابا اللبان ده" (و كنت سعيدة جدا لانى اقدم له هديه فى عيد ميلاده) ابتسم لى بوجهه البشوش و ضحك و قال لى :
"خليه معاكى انتى اللى بتحبيه" ..
ذهبت فى الخفاء و بحرص شديد الى حقيبته و فتحت جزء صغير منها لاضع باكو اللبان .. و كنت فى قمه الزهو و السعادة .. و اشعر بشغف لأرى سعادته حينما يعود لكتيبته و يفتح الشنطه فيجد باكو اللبان .. بعد انجازى لمهمتى الخفيه ذهبت لاراه .. فوجدته يقف امام ماما عند النافذة .. و يقول لها كلام لا اسمعه و لكن شكل ماما و نظراتها لا انساها و سُجلت فى ذاكرتى .. و سلم بابا علينا بشوق مره ثانيه و قد تكون اكثر .. و ذهب و لم يعد
و مر العمر و عدت الأعوام و كبرنا .. كبرنا و كبرنا .. و مرضت امى و زاد المرض .. و مره كنت نائمه بجوارها فى السرير قبل رحيلها .. نستعيد ذكريات من الماضى البعيد .. و فجأة تذكرت المشهد الاخير لبابا .. فسالتها :
" ماما فى حاجه نفسى اسألك عنها و بأنسى .. اخر مره شفنا بابا فيها .. كان واقف عند الشباك ده بيقولك حاجه و كان فيكى حاجه مش فهماها و نظراتك غريبه .. هو كان بيقولك ايه ؟ "
شردت بنظرها للحظات و قالت :
كان بيدينى شيك علشان اصرفه لغايه معاشه ما يطلع .. علشان لو المعاش اتأخر .. و قلت له معاش ايه ؟
قال لى : خليه بس معاكى .. و خدى الرقم ده كمان احتفظى به و أوعى يضيع منك .. ده رقمى علشان الجثمان مايضيعش .. ماما نظرت له تلك النظرة التى لم أفهمها كل هذه السنوات و بصعوبه ردت عليه و قالت له :
" انا مش فاهمه حاجه "
قال لها : مش مهم .. المهم احتفظى بهم و أوعى يضيعوا منك
و سلم علينا بحرارة عده مرات .. و لكن ماما كان شكلها اختلف و كانت كالتمثال لا تتكلم و لا تتحرك .. فقد القى كلماته و ذهب مسرعاً .. لان العربيه الجيب فى انتظاره ليعود الى كتيبته فى أرض الفردوس
بنت الشهيد
نهلة أحمد حسن
رقم التوثيق 11267
رحم الله الشهيد البطل
أمين يا رب العالمين
أمين يا رب العالمين