في الأمم غير المتطورة أنت تعيش في التاريخ السحيق شئت أم أبيت ، وبواجهاته المختلفة ، الاجتماعي والعمراني والسياسي والعلمي والتشريعي ، لأن تطور الامم رهن بالدراسة الواعية العميقة لعوامل الصعود والهبوط في تاريخها وتاريخ غيرها من الأمم ، ثم بالسعي الدؤوب الممنهج بمناهج العلم نحو الصعود الهرمي الذي لايعرف الانحناء مرة اخرى لمسببات الفشل والتراجع .
ولذا ترى هذه المقولة المشهورة " التاريخ يعيد نفسه " ماثلة في حياة الامم المتخلفة ، فهي تعيش الأمس لااليوم والماضي السحيق لاالغد ، وتعشق المألوف والمتوارث ، وتعادي ماتجهل بل ومن يحاول أن يتعلم ماتجهل .
والسؤال : في حالتنا نحن المسلمين ، ماالذي نعيشه في التاريخ ؟
أقول : حقيقة كل شيء ….
فنحن نعيش الماضي بامتياز ، ولاتحكمنا سوى العادات البالية ، وماترسخ داخلنا من موروثات الأفكار والأحكام والقناعات التي انحدرت إلينا من مخلفات البيئات الساذجة،
أما صحيح المنقول المتوافق مع صريح المعقول فقد أصبح هو الغريب والشاذ ، والمتحدث عنه مبتدع ، والمتمثل به خارجي …
ويالمحنة كل من يحاول الخروج عن السرب والتحدث بلسان الحقيقة وتمييز صحيح الدين من ركام الموروث والبالي !!!
لقد أصبحت لدينا عصابات مدججة بألسنة حداد تنافح عن غثاء الفكر ، وماينقض عرى الإسلام الصحيح ، الذي هو في جوهره منظومة أخلاقية راقيه ترتقي بالنفس وبالحياة وتجعل الناس كل الناس يحيون في مأمن وفي سلام وفي تقدم ، لاأحكاما تسلطية مجهولة الهوية ترسخ للاستبداد والعنف والإقصاء والقهر ….
وصدق الله العظيم " ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون "