هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • قصة شخصية : أحمد حماد | 2024-06-16
  • أريفجي !! | 2024-06-15
  • الأضحية  | 2024-06-16
  • كبدة بدُهنِ الضأن | 2024-06-16
  • حج الفنانتين | 2024-06-16
  • أنت؟! | 2024-06-16
  • روقا | 2024-06-15
  • ادعوا لبلادكم | 2024-06-15
  • كسر تعاليم الله وأداء الفريضة،، مقال | 2024-06-15
  • انتحاس المريخ .. و أموالكم | 2024-06-15
  • يا أهل بلدى | 2024-06-15
  • ان عرفته فالزم | 2020-01-15
  • حقيقة منتجنا | 2024-06-14
  • یوم العید | 2024-06-14
  • ويكأنَّهُ وقعَ في كبيرة | 2024-06-14
  • حرية الابداع و العلمانيين | 2024-06-14
  • غير طبيعي | 2024-06-14
  • "معلومة دوائية في دقيقة" -2 | 2024-06-14
  • سبحانك هذا بهتان. | 2024-06-14
  • يبقى بحبك | 2024-06-14
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد شحاتة
  3. الرَّبط

 

مُشكلة الإنسان عمومًا؛ هي إنه مش عارف بُكره مخبّي إيه، يعني ميقدَرش ياخد حذره من شيء مَيعرفش عنه حاجة، عشان كده؛ دايمًا المواجهة مابتكونش مُتكافأة؛ خصوصًا لما ميكونش عارف الأذى هيطوله من أي ناحية.

الحكاية بدأت من ليلة جوازي، لما روحت شقتي؛ اللي المفروض هعيش فيها باقي حياتي، واللي هي موجودة في عزبة جنبنا، ورغم إني روحت الشقة أكتر من مرَة وإحنا بنرتِّب العفش، لكن من وقت ما دخلتها بعد الفرح، وأنا قلبي مقبوض، حاسة إني مُش مرتاحة، وشيء صعب لما يبقى مكانك؛ وتحس إنه غريب عنك وأنت غريب عنه؛ وإن في حاجة غريبة مخلِّياك كارهه.

تفسيري للي بيحصل، إنه ده شيء طبيعي، كل حاجة جديدة بتكون لها رهبة، لدرجة إن فات يوم والتاني، وجوزي محاولش يضغط عليا في حاجة، سابني على راحتي، حتى معترضش إني اخترت أنام في الصالة، بس بعد كده لقيته بيقول لي:

-إيه آخرة اللي إحنا فيه ده يا "سمر"؟

مكانش عندي إجابة على سؤاله، وساعتها لساني طاوعني وقولت كلمتين وبس:

-مش عارفة يا "كارم"!

-أنتِ عارفة إننا في أرياف، وعندنا عادات وتقاليد، والقُماشة لازم تروح لأبوكي، أي نعم أنا كسرت العادات والتقاليد، ومرضيتش إن حد ينتظر، زي ما الناس بتعمل، لكن مقدرش أأجل أكتر من كده، لو حد سألني أقول له إيه؟ كده هيكون العيب عندي أو عندك، وأنا مُش هرضى بحاجة زي ده تحصل، أو إن حد يقول علينا كلمة، المواضيع دي مافيهاش هزار.

معرفش ليه كنت نافرة من "كارم"، بالرغم من إننا اتخطبنا 3 سنين، وتقريبًا أخدنا على بعض، وبقى في بينا حُب، يمكن حُب من العِشرة، أو مشاعر، لكن ده اللي كنت حاسّة به، دا غير إني لما كنت بدخل الشقة قبل الجواز، كنت بقول: امتى ييجي اليوم اللي هعيش فيه هنا، لكن دلوقت وفي لحظة كده، كل شيء اتقلب.

إحساس جوايا كان مخليني رافضة أقعد في الشقة، وهاجس بيطلب منّي إني أرجع بيت أبويا، لكن لسان الناس اللي ما هتصدق تشوف واحدة راجعة بيت أبوها؛ بعد يومين تلاتة من دخلتها، هيقولوا راجعة ليه؟ محدش هيفهم أو يفسّر اللي حصل؛ غير بالطريقة اللي أكيد مفيش واحدة هتقبلها على نفسها، كل دي هواجس كانت بتدور جوايا، وأنا بسمع في كلام "كارم" ومش عارفة أرد عليه، لدرجة إنه كمّل كلامه وقال لي:

-في الصباحية أهلِك كانوا هنا، وكانوا منتظرين اللي أنتِ عارفاه، وأهلي أنا كمان منتظرين، والناس هتبدأ تتكلّم.

ساعتها انفعلت في الكلام وأنا بقول له:

-عاوزني أعمل إيه يعني؟

لمّا "كارم" شافني انفعلت، لقيته بيحاول يهدّيني وبيقول لي:

-إهدي بس، عارف إن الحياة الجديدة بتبقى صعبة في بدايتها، وعمومًا متزعليش نفسك، لو تحبي "إيمان" أختك تيجي تقعد معاكي يومين أنا معنديش مانع.

معرفش ليه وافقت على اقتراحه بدون تردُّد، وبعدها اتصلت على أختي، وطلبت منها تيجي تقعد معايا يومين، ولأن طلبي كان غريب، خصوصًا إني لسه عروسة بقالي كام يوم، اتحجِّجت بإني تعبانة شوية، ومحتاجة حد يكون جنبي.

في نفس الليلة، أختي وصلت ومعاها شنطة هدومها، بس حسيت إن "كارم" مُش واخد راحته، وعشان مايكونش في حَرَج يعني، لقيته بيقول لي:

-أنا هنزل عند أمي تحت شوية، وأنتِ أقعدي مع أختك؛ عشان متكونش محروجة منّي.

كانت لفتة كويسة منّه، خصوصًا إن أختي كانت محتاجة تغيَّر هدومها، ولما نزل تَحت، قعدت مع أختي بعد ما ارتاحت من المشوار، لكن لاحظت إنها مُش بتتكلم، يمكن لأن الموقف مُحرِج بالنسبالها، لكني كسرت الصمت وقولت لها:

-عارفة إني مخلّياكي في موقف مش لطيف، زمانك مُحرجة من "كارم"، لكن هو مُتفهّم، دا حتى هو اللي اقترح إنك تيجي تقعدي معايا يومين.

-مُش دي الفِكرة يا "سَمر"، الحكاية إني مُش حابّة أكون هنا.

-معلِش؛ استحملي يومين بس.

-وبعد اليومين إيه اللي هيحصل؟

-مُش عارفة، بس من ساعة ما رجلي دخلت هنا بعد الفَرح، وقلبي مقبوض، خايفة من الشقة، مُش عايزة أقول لِك إني من وقت ما جيت هنا وأنا قاعدة في الصالة، مدخلتش أوضة نومي، مرعوبة منها، حتى "كارم" مَلمسنيش.

-كل اللي بتقوليه ده طبيعي يحصل لأي واحدة ليلة فرحها، أنتِ اللي مكبَّرة الموضوع.

-أنا مُش مكبَّرة الموضوع ولا حاجة؛ لأن الموضوع كبير لوحده، في حاجة تانية مُش قادرة أقول لحد عليها، أنا حاسة إن في حد معايا في الشقة.

-وإيه الغريب في اللي بتقوليه، ماهو طبيعي تحسي إن في حد معاكي، ما أنتِ عايشة مع "كارم".

-مقصُدش كده، أنا بحِس الإحساس ده وأنا قاعدة لوحدي، لما "كارم" بيكون نايم، بحس إن في حد موجود معايا، مراقبني في الصالة، ولما بدخل الحمام، أنا مُش مرتاحة هنا يا "إيمان".

-أنا شايفة إن كل اللي بتقوليه عشان متوتَّرة، وبعدين إيه اللي مخليكي متوتَّرة كده، ما اللي هتمُري به كل البنات مرَّت وهتمُر به، يعني أنتِ مش أول ولا آخر واحدة.

-أنتِ فهماني غلط، الموضوع مش كده خالص، في حاجة غريبة بجد، وأنا إحساسي عمره ما كان بيخيب أنتِ عارفة.

في اللحظة دي كلامنا اتقطع، لأني سمعت من شباك المسقط صوت طالع من تَحت، الصوت كان عبارة عن خناقة دايرة ما بين "كارم" وبين أمه وأخته، في اللحظة دي أختي فضلِت ساكتة وبتسمع، وأنا كمان بدأت أسمع الحوار اللي كان داير ما بين "كارم" وبين أمه وأخته، وساعتها أمه كانت بتقول له:

-أنت خليت رقابتنا قد السمسمة قدام الناس، تقدر تقول لي إيه اللي بيحصل ده؟ يعني إيه لحد دلوقت مقرَّبتش منها؟ ويعني إيه تجيب أختها تقعد معاها ودخلتكم كانت من يومين بس؟

وساعتها "كارم" رد عليها وقال لها:

-أكيد شوية توتر وهيروحوا لحالهم.

-توتّر؟ ما كلنا اتجوزنا، واختك اتجوزت، مين اللي بتعمل كده؟ أنت لو راجل ومالي مركزك قدامها كانت خضعت لك وعملت لك حساب.

-كلام إيه اللي بتقوليه ده يا ماما!

في اللحظة دي؛ سمعت صوت أخته بتتدخَّل في الكلام وبتقول له:

-مفيش واحدة بتمنع عريسها يقرَّب منها ليلة دخلتها؛ إلا لو كانت خايفة من حاجة ومش عاوزاه يعرفها، وأنت فاهمني طبعًا.

بمجرَّد ما قالت كده، لقيت أختي بتبُص لي، وحسيت إن جسمي اتنفض من الرعشة، لكن لقيت "كارم" بيرُد عليها وبيقول:

-إيه التخاريف اللي بتقوليها دي؟ مستحيل "سَمر" تعمل حاجة غلط.

-طيّب يا بتاع "سَمر"، لما اسمك يبقى في الطين ابقى خلي دماغك تنفعك، وبعدين خليك فاكر إني قولت لك أتجوز واحدة من عزبتنا، روحت جبت واحدة من عزبة تانية، مالها زميلتي اللي رشّحتها لك، أنا مكنتش عايزة الجوازة دي تتم، واللي حسبته لقيته.

انتظرت "كارم" يرُد، لكن ده محصلش، اللي ردَّت كانت أمه وهي بتقول له:

-الموضوع ده لازم يتحل النهاردة، أكيد أهلها منتظرين اللي أنت عارفه، وإحنا كمان عاوزين نطمن، وأنت سايب لها الحبل على الغارب، النهاردة لازم تدبح لها القطة، فاهم!

الكلام انتهى لحد هنا، ويادوب ثواني، وسمعت صوت خطوات على السلم، عرفت إن "كارم" طالع، بعدها باب الشقة اتفتح، وشوفت "كارم" وهو داخل ملامحه متغيَّرة، عرفت إن الكلام اللي سمعه مخلّيه مشحون، لكنه كان ساكت، بيبُص ليا شوية ولأختي شوية، لحد ما أختي فهمت، وبدون ما تتكلّم؛ دخلت الأوضة غيَّرت هدومها، وأخدت شنطتها واستأذنت ومشيت.

في الليلة دي، دخلت أوضة نومي لأول مرة بعد الفرح، كنت حاسّة بشوك في جسمي، خطوتي تقيلة، والصداع ضرب راسي فجأة، عيني زغللت، بدأت أبُص على "كارم" اللي كان قاعد مستني على السرير، وساعتها شوفت ملامحه متغيَّرة، لكن مكانتش ملامح بني آدم، وشُّه كان زي ما يكون مِعزة أو خروف، حتى دراعاته اللي باينه من التي شيرت النُّص كُم، كانت كلها شَعر أسود، وكأنها بالظبط إيدين معيز!

الحقيقة؛ مكنتش قادرة أتأكد من إن اللي شيفاه ده حقيقة ولا هلاوس، لأن شكله كان بيتغيَّر كل شوية، مرَّة أشوفه "كارم" ومرَّة أشوفه الحاجة اللي مش مفهومة دي، في اللحظة دي؛ كلام أمه وأخته كان بيدور في دماغي، وكان لازم أبعِد عن نفسي الاتهام اللي ممكن حد يتّهمني به، عشان كده غّمَّضت عيني واستسلمت، لحد ما الحكاية تخلص، لكن اللي حصل إن الحكاية ما خلصِتش، أنا كُنت مغمَضة عيني ومنتظرة، لكن اللي حصل، هو إني لقيت "كارم" بيصرُخ، فتحت عيني، عشان ألاقيه قاعد في الأرض ورا السرير، بيبحلق فيّا وعينه كلها رعب، وبيشاور بإيده ناحيتي، وبيقول:

-لأ؛ أنتِ مُش "سَمر".

مكنتش فاهمة هو ليه بيقول الكلام ده، لكنه قام من الأرض بالعافية وخرج من الأوضة، وبعدها سمعت صوت الميَّه في الحمام، عرفت إنه صوت الدُّش، واللي حصل، هو إن "كارم" دخل ووقف بهدومه تَحت الميَّه، ده اللي شوفته لما خرجت من الأوضة، عشان أشوف إيه اللي بيحصل، لقيته في الحالة دي وباب الحمام مفتوح، الميَّه نازلة مغرَّقة هدومه وهو واقف وشه للحيطة، في اللحظة دي بس قولت له:

-أنت ليه بتعمل كده يا "كارم"؟

لكنه مردِّش عليا، فضِل ساكِت ومغمَّض عينه وواقف تحت الميَّه، ولما كرَّرت سؤالي تاني، لقيته بيلتِفت ناحيتي، لكن راسه كانت اتحوِّلت لراس خروف وهو بيقول لي:

-امشي من قدَّامي.

بمجرَّد ما قال لي كده، جسمي اتلبِّش في بعضه، مش بس عشان شكله اللي ظَهر عليه، دا كمان لأن صوته كان متغيَّر، كان صوت غليظ ومخيف، لدرجة حسيت إن حد تاني هو اللي بيتكلِّم.

بدأت أرجع بضهري لورا، وأنا مش فاهمة إيه اللي بيحصل، لكن عيني كانت عليه، وهو ظاهر بنفس الشكل قدامي، كان بيبُص لي وكأنه شايف عدوِّته قدامه، ده اللي خلاني أبعِد من قدام باب الحمام، هربت للأوضة، قعدت على السرير وأنا مُش فاهمة كل ده بيحصل لإيه، كنت بلوم خوفي اللي خلاني أهلوس بكل اللي بشوفه ده، لحد ما سمعت خطوات بتقرَّب ناحية الأوضة، وساعتها شوفت "كارم"، كان بينشِّف جسمه بهدومه اللي غرقانة ميَّه، وداخل الأوضة، بس مكانش بالشكل المخيف اللي شوفته عليه في الحمام، كان طبيعي؛ لدرجة إني شكِّيت في نفسي، وإن أنا اللي اتهيَّألي كده، واللي أكِّد تخميني هو إنه قال لي:

-هو أنتي في حد بيكرهك يا "سَمر"؟

لساني كان تقيل من اللي شوفته، دا غير إني مكنتش مستوعبة السؤال، عشان كده قولت له:

-حد بيكرهني ازّاي؟ مُش فاهمة أنت تقصد إيه.

-يعني حد مش حابب لِك الخير، كاره إنك تتجوزي ويبقى عندك بيت وأسرة، حاجات من دي يعني.

-أنا ماليش عداوات مع حد، بس ليه بتسأل السؤال ده؟

-عشان في حاجة غريبة في الموضوع.

-مُش فاهمة.

-"سَمر"، وأنا معاكي في السرير؛ شوفتك على شكل قِرد، أنتِ ظهرتي في الهيئة دي فجأة قدامي، ده اللي خلاني أتفزع وأهرب، وأتصرَّف بالشكل اللي شوفتيه ده.

-أنت بتهزَّر يا "كارم"؟ إيه اللي بتقوله ده؟

-أنا بقول لِك اللي حصل، وده معناه حاجة واحدة بس.

-معناه إيه بقى؟

-في حد عامل سِحر؛ عمل يعني، عشان مقرَّبش منِّك.

مكنتش قادرة أكذِّب اللي بسمعه، إحنا في الأرياف والقُرى عمومًا، الحاجات دي منتشرة جدًا، وياما سمعنا عن حاجات زي دي، وأكتر كمان، واللي خلاني أصدَّق أكتر، هو إني شوفت "كارم" في هيئة حيوان برضه، حتى لما كلمني كان صوته متغيَّر، مكنتش ناوية أتكلِّم عن اللي شوفته، لكن طالما الحكاية مطلعتش مشكلة عندي أنا بس، كان لازم أقول أنا كمان وبقلب جامد، عشان كده قولت له:

-أنا كمان شوفتك في شكل خروف، كنت فاكرة إني بهلوس وكده، لكن مستحيل نكون إحنا الاتنين بنهلوس.

فاكرين في بداية الحكاية؛ لما قولت لكم: مُشكلة الإنسان عمومًا؛ هي إنه مش عارف بُكره مخبّي إيه، هي دي كانت كل الحكاية، وهي إننا خلال 3 سنين خطوبة، بدأنا نخطط لكل حاجة، ونحط حل لأي مشكلة ممكن تقابلنا، إلا إننا نفكر في حل لحاجة زي دي، لأن دي كانت الحاجة اللي منعرفش فعلًا إن بُكره مخبِّيها.

بعد ما كل واحد فينا قال للتاني على اللي شافه، التفكير أخدنا، وبقى كل واحد سرحان بتفكيره في وادي بعيد عن التاني؛ لكن خلوني أحكي لكم عن تفكيري أنا، وبما إني ماليش أعداء، ولا عملت في حد حاجة تأذيه، كنت بفكر مين اللي ممكن يأذيني، وزمان "كارم" كان بيسأل نفسه السؤال ده، لكن بصراحة، مكنتش أعرف إن كانت له عداوات مع حد ولا لأ، بس اللي كان ظاهر، إنه شخص طيب ومُسالِم زيّي بالظبط، لكن فجأة رنَّت في ودني كلمة سمعتها لما كان بيتكلِّم مع أمه وأخته، لمَّا أخته قالت له بكل وضوح، إنها مكانتش عايزاه يتجوزني، ومكانتش عايزاني أدخل البيت، الفار بدأ يلعب في عبّي، والشَّك دخل دماغي، بإنها ممكن تكون هي اللي عملت العمل اللي "كارم" بيخمِّن إن كل ده بيحصل بسببه.

لكن لقيتني بسأل نفسي سؤال؛ هو إزاي هتِّهم أخته بالاتهام ده، وهل هو هيقبل باللي هقوله، ولا الترابيزة هتتقلِب عليا أنا، وتبدأ المشاكل اللي كلكم أكيد عارفينها.

بس بعد تفكير بسيط، لقيت إن الحكاية محلولة، يعني طالما "كارم" هو اللي فتح الموضوع، وهو اللي جاب سيرة السِّحر والأعمال وكده، يبقى أكيد مش هيسكت، وهيبدأ يدوَّر على حل المشكلة، وساعتها كل شيء هيبان، ولو كان في حاجة معمولة، أكيد اللي عاملها هيتعرِف.

في الليلة دي؛ "كارم" سابني وخرج برَّه، سمعته وهو نازل من البيت بيشد مع أمه، وفهمت من الكلام اللي سمعته بينهم، إنها مش عايزاه يخرج عشان شكلنا قدام الناس، خصوصًا وإنه قال لها إنه رايح على القهوة، وفي مجتمع زي مجتمعنا، عيب جدًا إن عريس يسيب عروسته ويروح على القهوة بعد 3 أيام من الفرح، لكنه خرج بالعافية، وبعدها هي طلعت لي، خبطة إيدها على الباب؛ كانت بتدل على إنها غضبانة جدًا، لكن مكنتش أقدر أتجاهلها، فتحت الباب ولما دخلت قالت لي:

-أنتِ إيه حكايتك؟ عارفة شكلنا هيبقى إيه في البلد؟

-أنا معملتش حاجة.

-كل ده وبتقولي معملتش حاجة؟ اسمعي أما أقول لك، أول ما "كارم" ييجي الموضوع ده يخلص، وإلا هخليه يروحك بيت أبوكي، وأنتِ فاهمة اللي فيها بعد كده.

سابنتي ونزلت، لكن الكلام خلاني آكل في بعضي، مكنش قدامي غير إني أتصل على "كارم"، مسكت تليفوني ورنيت مرة واتنين وتلاتة، لحد ما رد عليا، لكن كان واضح من المكالمة إنه مش على القهوة، يعني مفيش حواليه دوشة ولا حد بيتكلم، وده اللي خلاني أقول له:

-أنت فين كده؟

-قاعد مع واحد صاحبي في بيتهم.

-يعني مش على القهوة؟

-قهوة إيه اللي هقعد عليها وأنا لسه عريس مفاتش على فرحي كام يوم، عايزة الناس تاكل وشي؟ وبعدين مال صوتك؟

مكنتش ملاحظة إن صوتي متأثر باللي حصل، لكن اضطريت أحكي له وأقول:

-مامتك كانت عندي دلوقت.

بمجرد ما قولت له كده؛ فهم إنها قالت لي كلمتين مالهومش لازمة، عشان كده مردِّش عليا غير بـ 3 كلمات بس:

-اقفلي أنا جاي.

مفاتش ربع ساعة، وسمعت صوت حماتي وهي بتتخانق تاني معاه، وبتقول له يروحني بيت أبويا، لأن عندها شك إني بتهرّب منه لأني خايفة من حاجة، لكن سمعته بيرد عليها وبيقول لها:

-اهدي بقى يا أما لأن الحكاية مش زي اللي في دماغك.

بعدها سمعت صوت باب الشقة بيتفتح، ولقيت "كارم" داخل، لكن شكله كان متغيَّر، ولما سألته عن السبب رد وقال لي:

-كنت عند واحد صاحبي، روحت له لما حسيت إني مخنوق والدنيا مقفولة من حواليا، مش هخبي عليكي، حكيت له عن اللي حصل، وساعتها رد عليا بكلمتين، سِحر رَبط، في حد عامل لنا عمل بالربط.

مكنتش أتوقع أبدًا، إن اللي كنا بنسمعه وبنعتبره تخريف؛ يكون حقيقة بنعيشها في يوم من الأيام، عايزة أقول لكم؛ رغم إننا من قُرى وأرياف وكده، لكن إحنا بنعتبر كل دي تخاريف، الموروث القديم اللي عند الناس بدأ يتغيَّر، الدنيا اختلفت، لكن معرفش إن الشيء اللي ممكن نعتبره تخلف ورجعية وجهل، يكون حقيقة بتحصل فعلًا، ولا إحنا مش بنؤمن بالشيء غير لما بنعيشه؟!

في الليلة دي الحكاية كبرت؛ لما حماتي طلعت بالليل في وقت متأخر، وفهمنا من كلامها؛ إن اللي خلاها تكبر المشكلة هو اتصال من أخت "كارم"، يمكن ده خلاني أتأكد إن هي اللي ورا الحكاية كلها، وأنا مش بظلمها ولا حاجة، أنا سمعتها بوداني وهي بتقول إنها كارهة وجودي هنا، وإنها كانت عايزة واحدة تانية لأخوها، بس اللي كان فارق في الموضوع؛ هو إن "كارم" كان في صفّي، وإنه بدأ يقول لأمه على الحقيقة، وإن في حد عامل لنا ربط، بس أمه مكانتش مقتنعة، ومكانش فارق معايا قناعتها، اللي كان فارق معايا هو موقف "كارم"؛ اللي اتحمل كلام كتير منها، من نوعية هي لحقت تاكل بعقلك حلاوة وتدافع عنها، أنت راجل وكلمتك اللي تمشي، أنت هتتساق وراها، حاجات من كلام الحموات ده، عشان كده محبِّتش المشكلة تكبر بينهم، واتصلت على أبويا؛ عشان ييجي ياخدني.

بعد ساعة كنت راجعة بيتنا، ولحسن حظي؛ إننا كنا قبل الفجر، يعني الناس نايمة والشوارع فاضية، عشان محدش يشوفني وأنا راجعة، مفيش ظرف طارئ يخلي عروسة متجوزة من كام يوم بس، تسيب بيت عريسها وترجع بيت أهلها، يعني لا حد تعبان؛ ولا حالة وفاة، عشان كده دخلت بيتنا في هدوء.

أكتر حاجة كانت مضيقاني، هي الحالة اللي أمي كانت فيها، مفيش واحدة هتبقى مبسوطة وبنتها في مشكلة بعد أيام قليلة من جوازها، عشان كده قالت لي:

-إيه اللي حصل يا "سمر"؟ ما تقولي يابنتي في إيه.

لما أمي سألتني السؤال ده، أبويا سابني معاها ومع أختي، عشان آخد راحتي في الكلام، ولو في حاجة أتحرج إني أقولها قدامه أحكيها لأمي على راحتي.

حكيت لها على كل حاجة، اللي شوفته؛ واللي سمعته في الخناقة اللي حصلت بين "كارم" وأمه وأخته، ومنسيتش طبعًا أقول لها إن "كارم" في صفّي، الحزن كان باين عليها، والصمت كان باين على أختي، لكنها قالت لي:

-طيب ارتاحي شوية والصباح رباح.

فضلت اتقلِّب في السرير لحد ما نمت بعد وقت طويل، التفكير كان هيقتلني، وكنت بحاول أجاوب على سؤال واحد، هي ليه أخت "كارم" عملت كده؟ 

فتحت عيني لما سمعت صوت عندنا في الصالة، كان صوت "كارم" بيتكلم مع أبويا، لكني مخرجتش من الأوضة، لكن بعد شوية لقيت الباب بيتفتح، ولقيتها "إيمان"، ولما دخلت سألتها وقولت لها:

-هو "كارم" هنا من إمتى؟

-أهو قاعد بره من حوالي نص ساعة.

بعدها أمي دخلت؛ ومن غير ما أسألها على حاجة، قالت لي ملخص كلام أبويا مع "كارم":

-أبوكي اتفق معاه إننا هنروح للشيخ "عوض"؛ هو اللي هيعرف يحل موضوع الربط ده، دا لو كان في ربط بجد والكلام ده صحيح، كله هيبان، لكن أبوكي هيروح للشيخ يتفق معاه إننا هنروح بالليل، ماهو مينفعش نخرج قدام الناس كلنا ونروح عنده، هنبقى لبانة في بوق الناس ومش هنخلص.

مشوفتش "كارم" ولا قابلته، ولا خرجت من أوضتي، ولا كان ليا نفس أعمل أي حاجة؛ حتى الأكل، نفسي مطاوعتنيش آكل، لحد بعد صلاة الضهر، لما أبويا رجع وسمعته بيقول لأمي:

-الشيخ "عوض" هو اللي هييجي بالليل؛ اتفقت معاه على كده.

بعد ما الشارع نام تقريبًا، جرس البيت رن عندنا، الساعة كانت داخلة على 12، وساعتها سمعت أبويا بيقول لأمي:

-الشيخ "عوض" وصل في ميعاه زي ما اتفقنا.

-كل ده وكنت في أوضتي، مخرجتش منها ولا عملت أي حاجة، بس كنت عارفة إن "كارم" موجود معاهم برَّه، لأني من وقت للتاني كنت بسمع صوته.

وبمجرد ما الشيخ دخل وقعد، سمعت أبويا بيقول له:

-ده "كارم" اللي قولت لك عنه، والعروسة جوَّه في الأوضة، تحب أخليها تيجي؟

وساعتها الشيخ رد عليه وقال له:

-مُش ضروري تخرج، أنا عارف إن الموضوع فيه إحراج، المهم تكون قريبة وسامعة كلامي.

الشيخ بدأ يقرأ آيات فك السِّحر، وخصوصًا الآية اللي بتتكلم عن السحر اللي بيفرَّق بين المرأ وزوجه، كان بيعيدها كتير جدًا، لحد ما سمعت صوت "كارم" وهو بيزعق، في اللحظة دي؛ حسيت إن جسمي عود كبريت وولع فجأة، وحسيت بحاجة بتتحرَّك جوايا، كأنها كتلة نار، ومعاها صوت "كارم" كان بيعلى أكتر. الشيخ بدأ يقرأ ويعيد في القراءة، لحد ما صوت "كارم" بدأ يهدى، والإحساس اللي حسيته بدأ يقِل، وبعدها سمعت الشيخ وهو بيقول:

-في سِحر ربط موجود، السِّحر بيشملهم الاتنين، مش طرف واحد منهم.

ساعتها سمعت أمي وهي بتقول للشيخ:

-نقدر نعرف مين اللي عمل السِّحر؟

-الأوامر من اللي بيخدمونا بتقول: مينفعش نفضح ستر حد؛ أو نصرَّح باسم صريح، طالما ربنا ما أردش إنه يتعرِف، لكن عشان الناس بيكون عندها فضول؛ ممكن أقول إشارة وأنتوا تعرفوا من خلالها مين اللي عمل السِّحر.

-وياترى الإشارة دي هتكون إيه؟

-يعني ممن أقول اللي عمل السِّحر دمه من دم مين فيهم.

-وياترى من دم مين؟

كنت متوقعة الكلمة اللي هترن في ودني، من دم "كارم"؛ لأن مفيش غيرها واعترفت بلسانها، أخته، لكن كنت مصدومة لما لقيت الشيخ بيقول:

-من دمها!

الكل كان ساكت بعد اللي سمعه، حتى أنا تفكيري وقف، مين اللي من دمي عملت لي كده؟ أنا أصلًا ماليش أي عداوة مع حد، لكن صوت "إيمان" اللي كسر الصمت اللي كنا فيه، هو اللي فسَّر لي كل حاجة، لما لقيتها بتتكلِّم وكأنها بتعيَّط وبتقول:

-أنا آسفة، أنا اللي الشيطان غواني وخلاني أعمل كده، ضعفت قدام نفسي، وأنا بشوف "كارم" وهو جاي عندنا عشان يقعد مع عروسته، وأنا اللي أكبر منها بسنة ونص، مفيش حد خبط على باب بيتنا وفكر يطلب إيدي، كنت بمثِّل إني مبسوطة وبهزر معاهم، لكن من جوايا كنت بتحرق، ومن تعامل "كارم" معاها كنت بسأل نفسي كل شوية، ليه ميكونش نصيبي في راجل زي ده، حنيِّن وطيّب وبيتعامل معايا زي ما بيتعامل معاها، ليه ميكونش الراجل ده "كارم"، كل يوم كان بيقرَّب لفرحهم كنت بموت، وكنت عايزاهم يبعدوا عن بعض بأي طريقة، يمكن "كارم" يفكَّر فيا أو ألفِت نظره، لكن ده محصلش، ومكانش قدامي غير إني أعمل أي حاجة تبعدهم، لحد ما الشيطان خلاني أعمل اللي عملته، استغليت إن "كارم" كان سهران في ليلة عندنا، وطلب قصَّافة عشان يُقص ضوافره، وساعتها أنا اللي قومت قبل "سَمر"، جبت قصافتي وناولتها له، كنت مراقباه، ولاحظت كام ضافر وقعوا على السجادة من غير ما ياخد باله، وبعد ما مشي والأوضة بقت فاضية، دخلت ولميت الضوافر؛ ولفيتها في منديل، وبعدها روحت على السرَّاحة بتاعة "سَمر"؛ كان عليها مشط فيه شَعر منها، أخدته هو كمان، وعن طريق واحدة صحبتي، وصلت لواحدة بتعمل أعمال في قرية جنبنا، وساعتها عملت إني رايحة أزور صحبتي لأنها مريضة، وأخدتها وروحنا على الست دي، عطيتها أطَرهم وطلبت منها إنها تفرقهم عن بعض، وهي وعدتني إنها هتفرق بينهم حتى لو الجوازة تمّت، وأخدت مني مبلغ كنت محوّشاه في السر، ده كل اللي حصل، أنا آسفة.

مكنتش مستوعبة اللي بسمعه، والصمت اللي كان في الصالة، بيقول إنهم مكانوش مستوعبين برضه، لكن الشيخ سألها وقال لها:

-السِّحر ده مدفون في مكان قريب، أنتِ دفنتيه فين؟

بعد شوية صمت، سمعت صوتها وهي بتقول:

-مدفون في المسقط، هي قالت لي ادفنيه تحت التراب، في مكان محدش يحفر فيه أو يقرَّب منه، وأنا معرفش مكان بالمواصفات دي، مفكرتش غير في المسقط، الأرض تراب وكله كراكيب، ومفيش حد بيدخل جوَّه.

كنت حاسة بصدمة، وأنا بسمع صوت الشيخ وهو بيفِك السحر؛ اللي أبويا والشيخ طلعوه من المسقط، مكان ما قالت إنها دفنته، دا غير إني سمعت الشيخ وهو بيقول: لازم تحصين لمدة أربعين يوم، عشان توابع السحر اللي كان معمول، وأني لازم أكون دايمًا متوضية، ومسيبش فرض، وطلب من "كارم" نفس الطلبات.

في الليلة دي، بعد ما الشيخ و "كارم" مشيوا، أبويا ضرب "إيمان" لحد ما كسر دراعها، لكن أمي مكانش لها رد فعل؛ غير إنها كانت ساكتة ومصدومة من اللي حصل، وشها كان بيقول حاجات كتير، لكن الصدمة أحيانًا بتخلي الواحد ميعرفش يعبَّر.

بعد الأربعين يوم، الدنيا اتحسِّنت، رجعت شقتي، والحياة مشيت طبيعية؛ زي ما الكل عايز، وزي ما العادات والتقاليد عايزة، وحابّة أقول لكم؛ إن محدش من أهل "كارم" عرف مين اللي عمل السِّحر، كل اللي عرفوه إن كان في ربط واتفك، ماهو أنا مش هقدر أقول إن أختي كانت هي اللي عايزة تهِد بيتي، عشان حسَّت إني اتميِّزت عنها في حاجة، النفس مهما كانت أمَّارة بالسوء، ودايمًا الطعنة بتيجي من الإنسان اللي عمرك ما تفكر إنه يطعنك، كنت فكراها أخت "كارم"، لأنها قالت إنها بتكرهني، بس عرفت إن الكُره حاجة والأذى حاجة، وإن اللي واضح في كُرهه أو بيعترف به بكل وضوح، مبيأذيش حد، لأن اللي بيأذي دايمًا بيكون عامل نفسه حبيبك، عشان تفضل مآمن له، ويفضل يأذي فيك براحته.

بالمناسبة؛ التعامل بيني وبين أخت "كارم" كان دايمًا فيه شد وجذب، موقفها من ناحيتي متغيَّرش، حتى وأنا أم ابن أخوها دلوقت، بس الدنيا بيني وبين حماتي اتحسِّنت مع الوقت، يمكن لما شافت حفيدها على إيدي، يعني باختصار؛ كل شيء بقى طبيعي إلا حاجتين، العلاقة بيني وبين أخت "كارم"، وأختي؛ اللي حرَّمت عليها إنها تدخل ليا بيت، وبقينا ناخد حذرنا منها لأبعد حد، لأن اللي يأذيك مرة، سهل جدًا إنه يعملها تاني.

تمت...

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

176 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع