هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

 arhery heros center logo v2

                    من منصة تاميكوم

آخر الموثقات

  • يومٌ لانِهائيّ  | 2024-05-14
  • روح يا حمام لا تصدق أم هيام - هنا الفيوم - وادبحلك طير الحمام | 2024-05-14
  • نداء لمراعاة حق الثقافة العلمية المهدور | 2024-05-14
  • العشق صانع الأضداد في حياة أبي العتاهية | 2007-02-05
  • الشهر العالمي للتعربف بارتفاع ضغط الدم | 2024-05-14
  • مات ومسمعهاش | 2024-05-14
  • معارك الروح و الجسد | 2024-04-25
  • الباب الموارب | 2024-05-02
  • تحت ظلال الزيتون | 2024-05-04
  • ناسا تكتشف كوكب جديد | 2024-05-14
  • وسلامٌ على الباقيين | 2024-05-04
  • أكثر ما يريح قلبي | 2024-05-12
  • ابنتى لا تقرأ كتبى | 2024-03-03
  • لماذا هرب الشباب إلى الشات؟ | 2024-03-13
  • عربات القهوة فى شوارع القاهرة | 2023-01-20
  • أخلاقنا الجميلة …… خطوة جاءت فى موعدها | 2022-10-11
  • الحياة ليست مكتب تنسيق | 2022-08-25
  • ماذا حدث لقلوب المصريين؟ | 2022-07-29
  • كُلْ عيش | 2022-06-24
  • بناء الإنسان لبناء الأوطان | 2022-07-08
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد شحاتة
  3. إغراء سُفلي

 

مُش من السهل إنك تسيب مكانك وتمشي، ده مُش بيحصل غير من الشديد القوي، وأعتقد مفيش أشد ولا أقوى من إن يكون السبب ورا ده مخلوق من عالم تاني.

الحكاية من بدايتها؛ هي إني أجَّرت شقة عشان أتجوز فيها، لكن حظي كان سيء جدًا، لأني أجَّرت شقة في منطقة شعبية عشان أتجوز، على قد لحافك مِد رجليك، وإمكانياتي المادية مكانتش تقدر على إيجار شقة غير في منطقة زي دي، عشان كده كنت عامل حدود، مُش بختلط بالجيران، مبقعدش في الشارع، حتى منعت "منَّة" مراتي تخرج لوحدها، مكانتش بتخرج غير معايا، ولما كنت بخرج أروح شغلي؛ كانت بتقفل عليها باب الشقة بالترباس من جوَّه، وبتنفذ تعليماتي بالحرف، متفتحش لحد وأنا برَّه، متخرجش لأي سبب، ولما بوصل برِن عليها؛ أقولها إني موجود على الباب عشان تفتح الترباس، والحياة على النظام ده؛ كانت فُل أوي.

الدنيا كانت تمام لحد الشَّهر الخامس، بعدها لقيت "منَّة" بتفتح معايا موضوع كان بدري الكلام فيه، وده لمَّا كنا قاعدين بالليل بنتفرج على فيلم وقالتلي:

-لسَّه مفيش حاجة يا "علي".

بصِّيت ناحيتها وقولتلها وأنا مستغرب:

-حاجة إيه يا "منَّة"؟!

-يعني.. خمس شهور ولسه مفيش حمل.

ضحكت من سذاجتها وقولتلها:

-أنتي قولتي بنفسك أهو خمس شهور، يعني مش خمس سنين، مفاتش وقت طويل عشان تقلقي، أو نقول إن في مشكلة، يا ما في ناس بتقعد بالسنة والاتنين وبالعشرة، وبعدين ربنا بيرزقها، ده رزق، وكل رزق بييجي في أوانه.

-لكن كل بنات العيلة عندنا حملوا من أول شهر، وكل شوية حد فيهم يسألني إيه الأخبار؟ في حاجة جاية في السكة ولا لأ، وأحيانًا بيقولولي أشوف دكتور ليكون في مشكلة، وده قالقني.

-بُصّي بقى، أنا مبحبش أسمع كلام حد، ولا إن كلمة توديني وكلمة تجيبني، كل واحد ربنا كاتبله رزقه والميعاد بتاعه، خلينا بقى نكمّل الفيلم.

هزَّت راسها واقتنعت بالكلام، كمِلنا الفيلم والدنيا رجعت لطيفة زي ما هي، خصوصًا إن النهاردة الخميس وصابح الجمعة، ولمَّا الفيلم خلص، قومت دخلت الحمام، أخدت شاور وطلعت، لكن ملقِتش "منَّة" في الصالة، بس ساعتها سمعت صوت في المطبخ، استغلّيت الفرصة وقولت أدخل أطلب منها كوباية شاي، بما إنها جوَّه يعني، أخدت بعضي وروحتلها، وساعتها وقفت على باب المطبخ وأنا مبتسم؛ لأنها كانت واقفة ضهرها ليَّا، ومشغولة في الحوض، ولابسة طقم لانجيري لونه أسود؛ أوِّل مرَّة أشوفه عليها، ساعتها قولت أكيد الطقم جديد، ولسَّه مخرَّجاه من هدومها اللي جايباها في الفرح.

محبِّتش أكسِفها أو أعلَّق، بس يعني في سِتّات لما بتكون نفسها في حاجة مَبتقولش بشكل مباشر، بتقوم عاملة أي تصرُّف كده؛ يعني افهَم يا حِدِق، وبالمناسبة برضه هي مش أوِّل مرَّة تعمل الحركة دي، دي عملتها كذا مرَّة قبل كِدَه، وأكيد اضطرَّت إنها تعمل كِدَه؛ عشان كنت مشغول عنها اليومين اللي فاتوا، قالت تحِب تنبِّهني، ويمكن كمان موضوع الحَمل اللي كلمتني فيه؛ كانت تقصد يعني إنها تفكَّرني إني ناسيها، قولت يلا زي بعضه، كلُّه مصلحة.

وبرغم إنها سمعت طلبي لما قولتلها إني عايز شاي، ومرَّدتش عليا، لكن قولت يعني بتتقَل والتُّقل صنعة وكده، سيبتها وروحت قفلت باب الشَّقة، واتأكِّدت إن الشبابيك مقفولة كويِّس، ورجعت على المطبخ تاني، ولقيتها مُش موجودة في المطبخ، محسِّيتش بيها وهي خارجة، رغم إني مغيبتش عنها غير دقيقة تقريبًا، قولت أشوفها أكيد دخلت الأوضة، ومعاها الشاي اللي أنا طلبته، وفعلًا لقيتها في الأوضة، لكنها كانت على السرير، لابسة البيجامة اللي كانت قاعدة فيها معايا، ورايحة في سابع نومة، استغربت الحكاية؛ وقولت يعني لحقت تلبس وتنام في الدقيقة دي! ولو هي هتنام ليه كانت لابسة اللانجيري؟!

الموضوع كان غريب؛ عشان كده صحِّيتها من النوم وقولتلها:

-أنتي نمتي ليه؟

ردَّت عليا بصوت كله نوم وقالتلي:

-إيه السؤال الغريب ده يا "علي"؟ نمت عادي، طول اليوم برتّب في البيت، واللي زاد إن الظروف الشهرية جَت من 3 أيام وأنت ولا هِنا، وتعبانة جسمي كلُّه مكسَّر.

استغربت من ردِّها، في إيه بتقول كده، وفي إيه كانت كده في المطبخ، وده اللي خلَّاني قولتلها:

-أومَّال كنتي بتغريني وأنتي في المطبخ ليه؟

حسِّيت إن النوم طار من عينيها وقالتلي:

-بغريك إزّاي في المطبخ؟

-كنتي واقفة في المطبخ؛ ولابسة لانجيري أسود.

ساعتها برَّقتلي وقالتلي:

-نهارك أسود، مين دي اللي كانت لابسة لانجيري أسود لون ليلتك السودة دي؟

-هي مين يعني اللي هَتقف في المطبخ عندنا، بقولك أنتي اللي كنتي لابساه، بأمارة ما كنتي مشغولة في الكوبايات اللي على الحوض، ومرضتيش تبُصّيلي، وطلبت منّك شاي وقولت بقى الليلة خَمرٌ ونساء، قفلت باب الشقة والشبابيك، ورجعت لقيتك لبستي البيجامة ونايمة.

-أنا مدخلتش المطبخ أصلًا يا "علي"، أنت لما قومت دخلت الحمام، أنا قومت من على الكنبة للأوضة علطول، ونمت لأني تعبانة جدًا؛ حتى الهدوم اللي ناشراها على المنشر قدام الباب برَّه من قبل ما أتعب مقدرتش أطلع ألمَّها.

ماهو يا أنا اتجننت، يا اتجنِّنت، أو هي بتشتغلني، لكن واضح من كلامها إنها لا بتلِف ولا بتدور، شكلها فعلًا تعبان، حتى أنا كنت ملاحظ عليها ده وهي قاعدة جنبي، لكن مقالتش إنها تعبانة، وفي نفس الوقت؛ أنا لا بخرَّف ولا بيتهيَّألي، أنا فعلًا شوفتها باللانجيري في المطبخ، وهي مش هتلحق تغيَّر وتنام في الدقيقة اللي روحت أقفل فيها الباب والشبابيك، ثم إن في سؤال محيَّرني، هي مين أصلًا اللي بتوقف قدام الحوض باللانجيري؟!

الواحد مننا لما بيحِس إنه بقى في موقف مُحرج؛ بيحاول يخرج منُّه بأي طريقة، ماهو بصراحة؛ اللي أنا بقوله مُش مُقنع، ومالوش تفسير، حتى وإن كان حصل فعلًا، لكن كلامها منطقي جدًا، عشان كده قولتلها:

-دخلِت عليكي الحكاية؟ عمومًا ياستي؛ كنت بقول حكاية المطبخ واللانجيري دي؛ عشان أنتي وحشتيني وكده، بس يلا خلّي الظروف تنفعك بقى.

قلبتها هزار، وهي اقتنعت إني بهزَّر، برغم إني مش من طبعي الهزار أصلًا، سابتني ونامت؛ وقفلت نور الأوضة وخرجت، دماغي كان مشغول؛ بدوَّر على تفسير بجد، أنا شوفت ده ازّاي؟!

في وسط التفكير اللي كنت فيه؛ لقيتني افتكرت حكاية الهدوم اللي قالت إنها مقدرِتش تلمَّها، خرجت برَّه عند المَنشر قدَّام الباب، كل حِبال المَنشر كانت عليها هدوم، ماعدا حبل؛ كان فيه مكان فاضي، قولت أساعدها وألِم الهدوم، وفعلًا؛ لمِّيتها وطبَّقتها، وحطيتهم في الدولاب بكل هدوء، من غير ما أزعِجها، طبعًا كل ده وأنا بفكَّر في تفسير للي حصل، وطبعًا مكنتش قادر أوصل لحاجة.

تاني يوم الصُّبح؛ ولأنها متعوِّدة تقوم من النوم قبل منّي، لقيتها بتصحِّيني وبتقولّي:

-اصحى يا "علي"، إحنا اتسرقنا.

قومت مخضوض من النوم، وأنا بقولَّها:

-اتسرقنا ازَّاي؟ إيه اللي حصل؟

-الهدوم اتسرقِت من على المنشر.

أخدت نفس طويل وأنا بحمِد ربنا إن مفيش حاجة حصلِت، وقولتلها:

-وقَّعتي قلبي، أنا لمِّيتها امبارح بالليل قبل ما أنام، لقيتك تعبانة ولاحِظت إنك قولتي إن الهدوم برَّه؛ ومقدرتيش تلمِّيها، قولت أساعدك وأشيل عنِّك حاجة؛ وطبَّقتها وحطيتها في الدولاب.

لقيتها اتبسطِت، وفي نفس الوقت كانت مستغربة، وقالتلي:

-معقول؟ أوِّل مرَّة يعني.

-مستغربة ليه، عادي يعني مفيش حاجة لو ساعِدتك في شغل البيت.

في اليوم دَه؛ خرجت بعد ما فطرت وغيَّرت هدومي، لكن وأنا بفتح الباب؛ لقيت باب الشقة اللي قدامي مفتوح، مشغلتِش بالي لأني مبتعامِلش مع حد هِنا، ولا أعرف حد ولا حد يعرفني، إحنا في دور أرضي، ولو ركِّزت مع كل حاجة بتحصل، مش هخلص من اللي معدِّي في الشارع، ومن الباب المفتوح قدامي، وده نظام حياتي من وقت ما جيت هنا، لكن النهاردة حصلِت حاجة غريبة، أنا أعرف إن الشقة اللي قدامنا ساكن فيها واحدة سِت، وعرفت ده؛ لأني شوفتها بالصُّدفة في يوم وأنا خارج الصُّبح، لكن طبعًا معرفش عنها حاجة، يعني متجوِّزة ولا مُطلَّقة ولا أرملة، ولا عانس، الله أعلم بحالها، كل اللي أعرفه إني بسمع باب الشقة بيتفتح كل فين وفين، ومشوفتش غير الست دي مرَّة واحدة، لكن اللي بلاحظه، إني غالبًا بسمع صوت باب شقتها بيتفتح بعد ما بخرُج وأقفِل باب شقتي ورايا، لكني عمري ما بصيت ناحية بابها، والمرَّة اللي شوفتها فيها، كان السبب هي إنها فتحت الباب في اللحظة اللي كنت بفتح فيها بابي، زي النهاردة كده، لكن المرَّة دي مكانِتش زي المرَّة اللي فاتت، دي كانت بتبُصِّلي بصَّة مالهاش تفسير، بصَّة فيها تركيز على ابتسامة وحاجات تانية مكنتش قادر أفهمها، وده اللي خلَّاني اتسمَّرت في مكاني مش عارف اتصرَّف، وهنا كان سبب المُشكلة، لأن "مِنَّة" وهي متعوِّدة تقفل ورايا ترباس الباب كل يوم، لاحظِت إني وقفت لأوِّل مرَّة بطريقة غريبة، مَبتحرَّكش، عشان كده ركِّزِت معايا، وبصَّت برَّه الشقة وشافت السِّت، اللي كانت لسَّه واقفة عينيها عليا، وعلى وشّها نفس الملامح اللي تخلّي أي حد يشُك إن في حاجة ما بينا، عشان كده؛ صرخِت فيا وهي بتشدِّني من قميصي، عشان أدخل الشقة تاني وتقفل الباب علينا وتقولّي:

-الله الله؛ حتى ماكنتش قادر تستنى لمّا الباب يتقفل وأدخُل؛ عيني عينك كده؟ عشان كده الفترة اللي فاتت كنت مشغول عنّي، أنا كده عرفت مين اللي كانت لابسة اللانجيري، ما أنت يابيه لما روحت تقفل باب الشقة زي ما قولت، شوفتها هي، واتلغبطت ما بينا لأن الشَّقة في الشَّقة، ولا شكلك استغليت إني نايمة وجيبتها هنا الشقة، واتلغبطت ووقعت بلسانك، ما هو طالما بتعمل كده قدامي تبقى بجح وتعملها.

عارفين الطبَّال اللي صوابعه بتلعب؛ وما صدَّق إن في طلبة جت تحت إيده، دي كانت "منَّة"، اللي راسها وألف صرمَة قديمة، إن في بيني وبين السِّت دي حاجة، وإلا يعني ليه خارجة وقت خروجي، وليه وَقَفت وهي بتبُصِّلي كده، سِت بقى والسِّت لمَّا تشغَّل دماغها وتفكَّر بتبقى عاملة زي شريط التسجِيل لمّا يسِف بالظبط.

حاولت أقنعها إن مفيش حاجة بيني وبينها، وإن دي تاني مرَّة ألمَحها من يوم ما جينا هنا، وإني فعلًا مش فاهم هي بتبُصِّلي البصة دي ليه، لكنها قالتلي:

-عايزني أصدَّقك وأكذِّب عينيا اللي هياكلهم الدود؟ ولا إن شالله الدود ياكلك أنت والحيزبونة أم لانجيري بتاعتك.

بقيت واقِف أخبَّط كَف على كف، لا قادر أقنعها، ولا عارف أخلِّيها تسكُت، ومبقِتش عارف أرُد عليها وهي بتقولّي:

-أنت لازِم تطلَّقني.

الحياة اتقلبِت، كان واقِع عليا ظُلم مُش قادِر أبرَّأ نفسي منّه، بالظبط زي ما واحد يبقى ماشي في الشارع لا بيه ولا عليه، وفجأة يلاقي قتيل مَرمي محدِّش بيسأل فيه، ولمَّا يروح عنده ويحاول يشيله من الأرض، يلاقي ألف إيد بتُقبُض عليه وبتتهِمُه إن هو اللي قَتَله، وحلِّني بقى على ما براءته تظهر، يمكن ماتظهرش غير لما يتنفِّذ فيه حكم الإعدام.

آخر كلام منها، إنها عطتني فرصة يومين تلاتة؛ أخلَّص الموضوع فيهم بهدوء، وطلبت إن كل واحد فينا يبقى في أوضة، وإني لو مطلَّقتهاش من سُكات المشكلة هتكبر، وهتدخَّل أهلها وأهلي، مكنتش قادر أظهر في الموقف ده قدام حد، عشان كده حاولت أثبت إني ماليش ذنب، قولت يمكن ربنا يهديها في اليومين تلاتة دول، وفي اليوم الأوَّل، كنت قاعد بالليل ومش جايلي نوم، دماغي طبعًا مشغولة باللي حصل، وهي في أوضتها قافلة على نفسها الباب من جوَّه، حسيت بصداع شديد، ودخلت المطبخ عشان أعمل كوباية قهوة، لكن بمجرَّد ما وصلت على باب المطبخ، أعصابي سابِت، لأن المنظر اتكرَّر تاني، شوفت "منَّة" واقفة بتغسل كوبايات على الحوض؛ وهي لابسة اللانجيري، المرَّة دي كانت مختلفة، قلبي اتقبَض وبدأ يدُق، لأني عارف إنها جوَّة الأوضة وقافلة على نفسها، أنا بقى المرَّة دي كنت واثق إنها جوَّه، وإن دي مُش "مِنَّة"، بلعت ريقي وبدأت أقرَّب منها، خطوتي كانت بطيئة، بقدِّم رِجل وأأخَّر التانية، كنت منتظر تحِس بوجودي، أو تلتِفت، لكنها كانت بتغسل في الكوبايات ولا كأنّي موجود، وبعدين لو اعتبرت إنها خرَجِت بدون ما آخد بالي، ليه واقفة باللانجيري وهي أصلًا قاطعة بيني وبينها وعايزاني أطلَّقها.

على ما وصلت لها، كنت سألت نفسي مليون سؤال مالهومش إجابة، وقفت وراها وأنا بفسَّر تصرُّفها إنها بتعرَّفني يعني إن الزَّعل خلِص، ومعادش في حاجة وإن اللي كانت فيه ده لحظة انفعال، بصراحة كانت وحشاني جدًا، وعيني كانت هتاكل منها حتّة، عشان كده بدأت أقرَّب منها، وقولت طالما هي بتعمل كده؛ يبقى عايزاني أصالِحها، مدّيت إيدي؛ عشان أحطَّها على كِتفها؛ وأقولّها إنها فهمت غلط، لكن لقيت جسمي بيقشعَر من الصدمة اللي أخدتها.

إيدي مِسكِت الفراغ؛ "مِنَّة" قدّامي؛ لكن إيدي بتعدِّي منها وكأنَّها سراب، طيف مرسوم في الهوا قدّامي مالوش وجود مادّي، وقفت مش قادر أتحرَّك، ولا حتى إيدي اللي مخترقة جسمها قدرِت ترجع، لكن هي اللي بدأت تتحرَّك حركة بطيئة وتلتِفِت ناحيتي، وهِنا بدأت أرجَع لورَا، مُش عارف رد فِعلي كان خوف ولا صدمة ولا إيه بالظبط، لأن اللي كنت شايفها من ضهرها باللانجيري نسخة طبق الأصل من مراتي، ولمّا عطتني وشَّها لقيتها السِّت اللي شوفتها مرِّتين في الشقة اللي قدَّامنا!

مكنتش قادر أنطق، وهي واقفة قدامي باللانجيري، سراب مالوش وجود فعلي لكني شايفها، وبتبُصٍلي نفس البصَّة اللي كانت سبب في المشكلة بيني وبين مراتي، أعصابي سابِت، في اللحظة دي صورتها قدامي بدأِت تبهَت واحدة واحدة؛ لحد ما تلاشَت تمامًا؛ ساعتها سمعت صوت باب أوضة "منَّة"؛ اللي كانت خارجة ورايحة المطبخ عشان تشرب؛ وعاملة حسابها طبعًا إني نايم في الوقت ده، عشان شغلي الصبح، لكنها اتفاجأت بيا قدامها، ساعتها تجاهلني وشربِت وخرجت تاني، قولت أستغِل الفرصة وأتكلِّم معاها، يمكن يكون ربنا هداها، بدأت أعيد نفس الكلام اللي قولته وقت الخناقة؛ لحد ما لقيت إن كلامها مُش حاد زي الأوَّل، لكنها برضه سابتني ودخلت الأوضة تاني.

لمَّا لقيت إن الدنيا ممكن تبقى كويسة، قرَّرت آخد أجازة من شغلي تاني يوم، قولت يمكن لمَّا تلاقيني عملت كده، ترجع عن اللي في دماغها، لكن فضلت لحد الصبح بفكَّر في اللي بيحصل، ليه شوفت اللي شوفته، وليه السِّت دي، برغم إن مفيش حاجة بيني وبينها، ومشوفتهاش غير مرِّتين؛ وصدفة كمان، ليه بهلوِس بيها الهلوسة دي!

 

طبعًا؛ مقدرتش أحكي حاجة من اللي حصلت تاني؛ ماكنتش عايز أزوِّد المبلَّة طين؛ ممكن تركب دماغها وتقول إني استغلِّيت زعلنا وجيبت السِّت هنا، وإن بيني وبينها حاجة، ودي حاجة مُش مُستبعَدة؛ ماهي قالت كده في الخناقة، عشان كده قرَّرت أسكُت، خصوصًا إن كل اللي حصل مالوش تفسير منطقي.

 

تاني يوم؛ استغربِت إني مروحتش شغلي، وبدأت أتكلِّم معاها؛ قولتلها إني قعدت من الشُّغل مخصوص عشانها، وإن ده أبسط دليل إني صادق في كلامي معاها، وإن كل اللي قالته كان في لحظة غضب، ومالوش أساس من الصحة، وبدأتِ تستجيب معايا، والحمد لله؛ الأزمة اللي كانت بينّا اتحلَّت، لكنها اشترطت عليا شرط؛ إننا نسيب الشقة ونسكُن في منطقة تانية.

 

فاكرين في أوِّل الحكاية؛ لما قولتلكم إن الواحد ما بيسيبش مكانه غير من الشديد القوي، ومفيش أشَد وأقوى من زَن الواحدة السِّت على الراجل؛ عشان كده قررت أريَّح دماغي، ونفّذتلها شرطها، ونقلنا.

 

زي ما الدنيا استقرِّت في الشقة القديمة، استقرَّت برضه في الشقة الجديدة، اللي أوِّل ما لقيتها نقلنا فيها علطول، حطينا هدومنا في الشُّنط؛ وجيبنا عربية كبيرة شالِت العَفش على مرَّة واحدة، الأيام فاتت والدنيا هادية، وفي يوم وإحنا قاعدين لقيت "منَّة" بتقولّي:

-أنا حاسة إني دايخة يا "علي".

لمَّا لاحِظت عليها التَّعب قولتلها:

-ما يِمكن العُذر ميعاده قرَّب ولا حاجة.

-لا، دا ميعاده فات، وأنا تعبانة ونفسي غَمَّة عليا.

أخدتها على الدكتور؛ عشان أطَّمِن عليها، ورجعنا بأجمل خبر ممكن اتنين متجوِّزين يسمعوه، إن "منَّة" حامل، في الليلة دي؛ قولتلها متعملش أي مجهود، وإني ما ليش طلبات، حتى لو هاكل عيش وجبنة، المهم إنها تحافظ على نفسها وعلى اللي في بطنها، يمكن الخبر ده، كان سبب في إن المشكلة اللي كانت بينا تنتهي تمامًا، حتى "منَّة" معادتش بتفكَّر فيها، وبعد كام يوم، كان عندي اجتماع في شغلي، وكنت محتاج قميصي الأبيض، اللي بلبس عليه البدلة، بالمناسبة؛ أنا مش من النوع اللي بيلبِس بِدَل كتير، دي هي واحدة، بلبسها وقت الحاجة بس، دخلت دوَّرت عليه في الدولاب، قلبت الرفوف كلها والهدوم، وملقِتش له أثر، ساعتها قولت أسأل "منَّة" فقولتلها:

-مشوفتيش قميصي الأبيض؟ قلبت عليه الدولاب ومش لاقيه.

-هيكون راح فين يعني؟

-مُش عارف، متأكدة إنك حطيتي كل الهدوم في الشُّنَط وإحنا بننقل؟

-أنا مسيبتش أي حاجة هناك.

-طيِّب في شُنط جوَّاها هدوم لسه متفتَحِتش؟

-مفيش حاجة، أنا دخَّلت كل حاجة بإيدي في الدولاب.

-هيكون فين بس، دا كان بيظهر معايا دايمًا لأن معنديش حاجة لونها أبيض غيره.

-آخر مرَّة كنت غسلاه قبل ما تحصل المشكلة اللي بينا، أنا فاكرة كويِّس، يومها كنت تعبانة وأنت اللي لمِّيت الهدوم بنفسك قبل ما تنام.

رجعت بالذاكرة، وكنت فاكر تفاصيل اللي بتقوله كويّس، أنا فاكر إني لمّيت الهدوم ومشوفتوش، عشان كده قولتلها:

-القميص مكانش في الهدوم وأنا بلِّمَّها.

-لأ كان موجود، أنا نشراه بإيدي يومها، وفاكرة كويس لأني غسلاه لوحده، عشان لونه ميغيَّرش.

ساعتها افتكرت المكان الفاضي في حبل من حِبال المنشر، وقولت في نفسي، يعني حد معدّي شاف القميص طمِع فيه وأخده؟!

مكنتش حابب أتَّهم حد، لأني معرفش حد هناك، ولا أعرف مين اللي ممكن يشيل هدوم منشورة من على الحبل، زمن حرامية الغسيل خلِص من زمان، مبنسمعش عنه غير في الأفلام دلوقت.

استعوضت ربنا في القميص، والليلة عدَّت على خير، وقولت مش ضروري ألبِس بدلة، في الليلة دي؛ قومت من النوم عطشان، روحت على المطبخ، عشان أشرب بوق مَيَّه، وأرجع أنام تاني، لكن في المطبخ النوم طار من عيني، لأني شوفتها، واقفة بتغسل كوبايات على الحوض وهي لابسة اللانجيري، نفس المشهد بيتكرَّر للمرَّة التالتة، وقفت متنَّح والخوف بينهش في قلبي، أنا سيبت الشقة القديمة، وبعدت عن المنطقة كلها، لكن كل حاجة بتتعاد، وشايف "منَّة" اللي سايبها على السرير، ورايحة في سابع نومة، واقفة ضهرها ليَّا ولابسة لانجيري أسود، مش موجود أصلًا في هدومها اللي أنا عارفها، وكأنّي اتحوِّلت لصخرة، مقدرتش أتحرَّك، عشان أشوفها بتلِف ناحيتي، وبتبُصِّلي، هي نفس السِّت، اللي بدأت تقرَّب منّي، وكأنَّها بتستعرض مفاتنها قدامي، وبتضحك ضحكتها الباهتة اللي مش مفهومة، لحد ما قرَّبِت منّي، في المرَّة اللي فاتت لمَّا افتكرتها "منَّة" وبدأت ألمِسها، اتضحلي إنَّها سراب، لكن المرَّة دي؛ هي اللي مدَّت إيدها ناحيتي، ولقيتها بتلمسني، كان لها وجود مادي، لمستني فعلًا، لمسات أشبه بالتحرُّش، وهي بتقولّي بصوت فيه نبرة تحدّي:

-عجبتني، أنت هاتيجي يعني هاتيجي.

حسيت إن كل أطرافي اتكلّبشِت من الخوف، غمَّضت عيني؛ عشان مشوفش الأحداث اللي أنا مش مستوعبها دي، بس كنت حاسس بلمساتها على جسمي، وفجأة لمساتها اختفت، فتحت عيني بحذر، لكن لقيت المطبخ فاضي، في اللحظة دي؛ سمعت صوت خطوات "منَّة" جاية ناحية المطبخ، ولمَّا شافتني واقف تايه قالتلي:

-مالك يا "علي"، واقف ليه كده؟

-لأ أبدًا مفيش، دا أنا بَس عطشان وكنت بشرب.

-أنا كمان عطشانة وهشرب، محتاج حاجة أعملهالك؟

-لأ، يلا اشربي عشان ننام.

كان لازم ماجيبش سيرة الموضوع، عشان مفتحش المشكلة القديمة، هي عقلها ضارب، واللي بيحصل أصلًا مُش منطقي ومالوش تفسير، وجاي عيِّل في الطريق لازم نحافظ عليه، عشان كده دخلنا نمنا، لكن عيني مداقِتش طعم النوم، لحد ما روحت الشغل تاني يوم، وهناك اتكلِّمت مع واحد زميلي، هو شخص قريِّب من ربنا، وليه في الرُّقية الشرعية والأمور دي، وساعتها قالّي:

-اللي أنت بتقوله ده خطير، ومؤشر لحاجة أنا شاكِك فيها.

-شاكك في إيه؟

-السِّت دي عملالك سِحر.

-أنت بتهزَّر؟

-مُش بهزَّر ولا حاجة، أومَّال تفسَّر بإيه اللي بتشوفه ده؟

-معنديش تفسير.

-طيِّب ولا يهمَّك، النهاردة بعد الشُّغل، هاخدك ونروح لواحد معرفة، راجل تقي وبتاع ربنا، بَرَكة ولُه كرامات، هنحكيله الحكاية، وهو هيقول إيه السِّر بالظبط.

بعد الشُّغل؛ اتفاجأت إن زميلي واخدني على المنطقة القديمة، اللي كنت ساكن فيها، واتضحلي إن الشيخ اللي بيقول عليه ده، ساكن هناك، وقريّب من الشقة اللي كنت فيها، ولأني مكنتش أعرف حد من المنطقة ولا بتعامل معاهم، مكنتش أعرف إن في هناك حد بيعالج وكده، ولما روحناله وحكيتله الحكاية، لقيته بيسألني وبيقولي:

-أنت كُنت ساكن فين؟

لمَّا وصفتله مكان الشَّقة قالّي:

-الشقة اللي قدام شقِّة "سنيّة"؟

-كان في واحدة ساكنة في الشقة اللي قدامي، بس معرفش اسمها، ولا أعرف حاجة عنها.

-شياطين الإنس أحيانًا بيكونوا أصعب من شياطين الجِن، وأنت معمولَّك سِحر يابني، آثاره باينه في عينيك وحواليها، السِّحر ده اتعمل على قماشة بيضا فيها ريحتك، اسمه سِحر الإغراء، متسلَّط عليك شيطان من تحت الأرض، يظهرلك في شكل واحدة عينها منَّك، عشان نِفسَك تروحلها وتشتهيها، وكل ما تلبس البتاع اللي أنت قولتلي عليه ده، الشيطان اللي متسلَّط عليك يظهرلك بنفس الشكل اللي هي بتكون عليه، نوع سِحر والعياذ بالله اسمه إغراء سُفلي.

بقيت زي اللي تايه، مكنتش قادر أتكلِّم ولا أرُد، لكن لقيت الشيخ بيسألني وبيقولّي:

-اوصف كده شكل السِّت اللي بتشوفها، ملامحها يعني.

لمَّا وصفتهاله قالّي:

-هي "سنيِّة"، الله يقطعها ويقطع شيطانها، مسابِتش حد سكن في الشقة دي، غير وسحرتله، عشان كده محدِّش بيعمَّر قدامها، إنسانة مريضة، من ساعة ما جوزها سابها عشان مبتخلِّفش، وهي اتعلِّمت تقرا الفنجان والكف وتعمل أعمال وحاجات تغضِب ربنا، زي ما تكون عايزة تخلّي الرجالة كلها تجري وراها، لمجرَّد إن جوزها سابها.

من بين كل كلامه، افتكرت القميص الأبيض اللي اختفى من على المنشر، وقولت في نفسي: ليه متكونش هي اللي أخدته، المنشر قدام الباب، يعني من السهل تفتح باب شقتها وتاخده وتدخل، خصوصًا إن الشيخ قال العمل معمول على قماشة بيضا، فيها ريحتي، ولما افتكرت اللي حصل قولته للشيخ، اللي ساعتها قالّي:

-يبقى كلامي صح، والهاتف اللي جالي اتفسَّر، العمل ده مدفون تحت بلكونة شقّتها الخلفية.

افتكرت إن البلكونة الخلفية وراها حتة فاضية صغيرة، مفيش حد بيروح وبييجي منها، ساعتها الشيخ طلب منّي أروح وأفتِّش عنه، وفعلًا يومها في نُص الليل، أخدت زميلي وروحنا دوَّرنا ورا البلكونة الخلفية، ما أنا حافظ المكان، جنب البلكونة الخلفية في الشقة القديمة، لحد ما لقينا حتة أرض تحت البلكونة مُش مستوية، حفرنا فيها؛ ولقينا كيس أسود مربوط وملفوف بخيط غليظ، أخدناه وطلعنا على الشيخ، اللي كان منتظرنا، ولما فتحناه هناك، لقينا فيه ضهر قميصي الأبيض، عمري ما هتوه عن قَمشته، لكن الغريبة، إن كان مكتوب عليه حاجات باللون الأحمر، رموز وروسومات، وحروف لمَّا جمَّعناها كانت عبارة عن "عشق-إغراء-اشتهاء"، وكان مع ضهر القميص لانجيري أسود، مربوط فيه، نفس اللي كانت بتظهرلي فيه في المطبخ، أو عشان الكلام يكون دقيق، الشيطان اللي كانت مسلَّطاه عليها يظهرلي فيه، بقيت واقف تايه، مكنتش متخيل إني ممكن أتعرَّض لحاجة زي دي، وكنت مستغرب إن في ناس مريضة، بتعطي لنفسها الحق إنها تعمل اللي نفسها توسوس بيه، في أي حد قدامها.

لكن الحمد لله، الشيخ أبطل العمل، ومعدتش بشوف أي حاجة من اللي كنت بشوفها، لكني مجيبتش سيرة قدام "منَّة"، حبِّيت الموضوع يكون سِر، لتقول إني بعمل فيلم قدامها، عشان لو اكتشفت علاقتي بالسِّت يبقى عندي حجة إنه كان غصب عني، وإني مسحورلي، طبعًا مفيش أي حاجة بيني وبينها زي ما أنتم عارفين، لكن "منَّة" عندها استعداد تخلق من الكلام مشكلة بكل بساطة، عشان كده قرَّرت أردِم على الحكاية كلها، بما إنها خلصِت، أنا اللي عُمري ما اتعرَّضت لإغراء من بنت في حياتي، غير مراتي طبعًا، أتعرَّض لإغراء سُفلي من شيطان، فعلًا؛ الدنيا فيها كتير.

تمت...

التعليقات علي الموضوع
تعليق واحد حتي الآن
المتواجدون حالياً

4214 زائر، و2 أعضاء داخل الموقع