لعلي اليوم أتناول موضوعًا مهما لابد لكل أديب وروائي أن يقرأه ويتأمله وينظر فيه.. إنه كلام أُقدمه ليهدم طموح كثير من الأدباء الصاعدين، الذين يحلمون ويطلقون لأحلامهم عنان الخيال، وهم يتصورون أنفسهم في الرتب الأولى والنجاحات السامية.
بعض الروائيين والأدباء يكون أسمى طموحاتهم، حينما يفتخر يومًا من الأيام ويقول على الملأ إن روايتي قد اختيرت فيلمًا وجسدتها السينما في شاشاتها، ويظن أنه بهذا قد وصل إلى أرقى ما يمكن أن يصل إليه أديب، والحق أنه وفي كثير من الأحيان، ليس أضر على الرواية وأديبها من حلم الوصول للسينما، لأن العمل السينمائي يهدم جمال الرواية، ويقضي على كثير من بهائها.
إن الأديب في غفلة ولا يعرف أن هذا التمثيل في أغلب أحيانه يعد أول الضربات النقدية الهدامة التي تُصيب عمله، وتخرجها عن هدفها وغايتها.
ذلك لأن ذائقة السينما غير ذائقة الكتاب، وإذا كنت قارئا واستمعت إلى الفيلم آلاف المرات وقرأت روايته، رأيت متعة كبيرة وروعة سامقة في المقروء لا تجدها في المسموع والمشاهد.
بل بعض الأعمال الأدبية الكبيرة، قد تفقد كثيرا من قيمتها إذا جسدتها السينما.
ولعلنا نذكر ما حدث لرواية زينب التي مثلت في السينما ، فقد كانت مهزلة كبى دعت أحد الأدباء الكبار أن يحذر المشاهدين من أن يظنوا أن ما شاهدوه في الشاشة له صلة بزينب، وإذا أرادوا أن يستشعروا جمالها فليتجهوا للكتاب لا إلى الفيلم، فما صنعه التلفزيون ليس له صلة بزينب من قريب أو بعيد، حتى أحمد هيكل المحامي نجل هيكل باشا مؤلف رواية زينب أبدى أسفه وحسرته على ما فعله التلفزيون برواية أبيه، واتهم كل الشخصيات التي أظهرها الفيلم بأنها تزييف وكذب على الشخصيات الحقيقية في الرواية.
وجعل يصف أن ما حدث عبث كبير مضر بالتراث والأدب الذي يفخر به الوطن ويجسد معلما من معالم هويته.
فهل بعد هذا أيها الأديب ترجو وتطمح أن تجسد روايتك في السينما؟ لتجور وتطغى على حسها الأدبي المنشود، وجمالها الرقراق الذي ينحدر من سطورها وبيانها.
كف يا أخي الروائي عن هذا الطموح الذي فيه إضرار بروايتك.