والذي لا بد أن يفهمه الجميع أن السبب في تشديد الفقهاء
قديما في الكلام عن المعازف والموسيقى وتحريمهم لها أنها
كانت شعارا لأهل الفسق والمجون وشراب الخمر ولو أدرك
هؤلاء الفقهاء زماننا ولاحظوا انفكاك الجهة بين الموسيقى
وبين الفسوق والمجون وشاهدوا الأطفال وهم يمارسونها في
المدارس وشاهدوا الألعاب وهي تصدر الموسيقى لادخال
الفرح والسرور على الأطفال وشاهدوا السيارات وهي تصدر
الموسيقى لتنبيه العميان والغافلين وشاهدوا المصاعد وهي
تصدر الموسيقى لتنبيه الناس ولو شاهدوا أجراس البيوت
وهي تصدر موسيقى لتنبيه أهل البيت لحضور ضيف
ولو شاهدوا برامج كبار العلماء الدينية كأمثال الشيخ
الشعرواي وهي تبدأ بمقطوعات موسيقية و لو سمعوا
الأناشيد الوطنية المصحوبة بالموسيقى الحماسية
ولو سمعوا الأغاني الدينية لرجع معظمهم وأغلبيتهم عن
قولهم بالحرمة مطلقا ولفصلوا في حكم الموسيقى كما فعل
العلماء المتأخرون فاختلاف العادات والأعرف والأزمان
والأحوال بلا شك يجعل الفتوى تختلف وتتغير !
ولذلك قال الإمام ابن القيم :
ومن أفتى الناس بمجرد المنقول من الكتب على اختلاف
عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم فقد ضل
وأضل !
وقال أيضا الإمام القرافي :
الجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين وجهل بمقاصد
علماء المسلمين والسلف الماضين.