صباح ربيعي ..
لكن من قال أن الربيع يزهر دائماً ؟؟!!!
إختارت اليوم مكان مختلف للقاء ..،
يجب أن تبقى أماكن اللقاءات الأخرى ملونة بعيدة عن عتمة الفراق الذي تنتويه اليوم ..،،
يجب أن تظل محتفظة ببقايا الذكريات الجميلة لتزورها فيما بعد من آن لآخر ..، تتحرى أماكن خطواته .. تتنسم فيها كل كلمة وكل لمسة كانت ..
ذكريات لحظات خاطفة لمشاعر لم تجد سبيلاً إلى شفتيها ولا شفتيه .. ربما كانت ضرباً من الوهم .. ،،لكنها أنفقت فيها الكثير من مشاعرها وغدت كل ما تملكه من رصيد في الحياة
ها هو ذا .. يقف متوتراً أسفل الشجرة في آخر الحديقة ..،، تستطيع أن ترى من هذه المسافة ألف سؤال يحتشد ويتزاحم في مقلتي عينيه الجميلتين
الأمر أقوى من إحتمالها ولكنها احتاطت جيداً :- نظارة سوداء لتخفي آثار الإرهاق و الدموع التي ربما تخون فتفشل كل ما أعدت له ..، ثوب متسع له جيبان ستبقي فيهما يديها كي لا يلحظ تلك الإرتجافة اللعينة .. كماً لا بأس به من مساحيق التجميل يخفي شحوب الوجه
يمد يده بالسلام فتتحاشى لمسها مما يزيد توتره ..:-
- خير قلقتيني .. !
- خير ان شاء الله ..
شهيق عميق ثم تكتمه في محاولة للسيطرة على الإنفعال :
- فكرت أقولك إننا مش هنتقابل تاني.. ومن الأفضل تظل علاقتنا محدودة !
- ليه ؟؟ انا صدر مني شيء يزعلك ؟؟
نظرت لعينيه من خلف زجاج النظارة الأسود .. فزادت إرتجافة يديها في جيبها.. ليته يعلم ... !
- لا طبعا بس كده أفضل ..
نظرة الحيرة في عينية تمزقها ويوشك لسانها على الإفلات بكل ما يعتمر به قلبها ويغلي في أتون مشاعرها
- بس كل شيء ليه سبب اكيد .. خايف اكون ضايقتك او صدر مني بدون قصد شيء زعلك.. انتي عارفه أنا .. بحترمك أد ايه وبعتز بصداقتك !
تباً !!
أين تهرب الكلمات وتختنق عندما نحتاج إليها ..،، ؟؟ أين كل ما أعدته وظلت تكرره أمام المرآة لساعات ..، ؟؟
صداقتها ؟؟!
ربما بالنسبة إليه هي محض صديق أو فرصة لإضاعة الوقت .. ولكنه غدا لها حلماً تراه ليلاً ونهاراً على حد سواء .. وتفيق أحياناً على قسوة حقيقة استحالته
تتحاشى النظر في عينيه كي لا تنهار البقية الباقية من ثباتها عند قدميه
- أنا عارفة ومقدرة إنك إنسان عاقل .. وضروري هتفهم ان ده الوضع الطبيعي ..اللي مش طبيعي إننا نتقابل بلا أي سبب ولا صفة ..
النظارة السوداء تحجب عينيها عنه فلا يطيل النظر إلى وجهها .. إنها نجحت في هذا على الأقل ...
- لكن أنا كنت فاكر إني.. يعني إنك .. يعني ممكن تستمر صداقتنا لاني معجب بعقلك واخلاقك ......
إلى هنا تنهار بقية من الصبر وتنفجر الدموع ..
إنه لا يفهم أن صوته وحروف كلماته هم زادها الذي تقتات عليه في الفترة البسيطة التي عرفته فيها ..
لا يفهم أنها تقطف الآن زهرة روحها التي لم تتفتح بعد وتسحقها بقسوة ..
إن حروف كلمة (معجب بك) البسيطة التي يلقيها بلا إهتمام تثير الخدر في أوصالها ويعلو صداها في كهوف عقلها الباطن ..،أحاسيس أنثى تلتهب تقاومها كي لا تحرق فيها كل شيء وتمتد أضرارها لمن حولهما
إلى متى ..؟؟ وإلى أين ..؟؟إنها تحاول وضع حداً لقصة ولدت محكوم عليها بالموت..
أحياناً نقتل أجمل ما فينا لأنه وجد في المكان والزمان الخطأ !
تشيح بوجهها لتخفي ما اقترفته شفتاه في حقها :
- عامة ده قراري .. وجه نتيجة احترامي لنفسي وليك ولأسرتينا .. أستئذنك إذا سمحت
تهم بالنهوض وتسير بضع خطوات للأمام ..
- لحظة من فضلك ..
تلتفت إليه ببطء .. قسمات وجهه الوسيم .. كم تمنت لو تحتويه بكفيها لتقبل كل تفاصيله ومسامه .. نظرة متفحصه إليه تدخرها لأيام عجاف قادمة
- مكنتش فاكر إني مصدر ضيق لك بالشكل ده .. أنا آسف !
إبتسمت بزاوية فمها ..إبتسامة حزينة ،،
ثم استدارت راحلة،،