إنه الحلم الخالد لكل عاشقين ..،
أن ينعزلا عن العالم بأسره في جزيرة مهجورة ليكون كل منهما ملك لشريكه بالكامل
بداية هذا الحلم كان مع بداية البشرية ..، عندما نزل آدم وحواء إلى الأرض وظل كل منهما يبحث عن نصفه الآخر ..،
لازلت أعتقد أن أسعد امرأة كانت حواء لأن آدم ما كان لينظر لسواها وما كان فكرها ليتشتت مع العشيقات ويشتعل غيرة عليه ..، كما أن أسعد رجل كان آدم لأنه ما أتعب قلبه بالنظر لما ليس بيديه وراح يندب حظه ويلوم نفسه أنه لو تريث ربما لنال الأفضل كما يحدث لرجال هذه الأيام إلا ما رحم ربي ،،
بدأت الغيرة والأنانية والطمع والفتنة مع قصة قابيل وهابيل ..، تبعتها بشهوات شتى ..، ومن يومها عرفنا نحن البشر الكثير من المشاعر السلبية وراح الحب يتوارى ويضمحل ويجرده الناس من معانيه حتى أصبح شبيها بقلاحة الذرة التي تم نهشها بشده ووحشية ثم القيت باهمال أو تقاذفتها الأقدام !
انا أحبك ولكني أرفض الزواج منك / منكِ لاعتبارات وأعذار لا تنتهي !!
أنا أحبك ولكني ربما أعجب أو أتزوج بسواك / بسواكِ والإعجاب شيء غير الحب يحق لي ممارسته !!
أنا أحبك ولكن إخلاصي لك/لكِ يعني انانيتك واستحواذك على حريتي ومن ثم وجب مقاومتك لاستمتع بكل شيء بما فيه انت !!
أنا أحبك ولكنك أحياناً في ذيل قائمة اهتماماتي !!
وهكذا يخسر الحب مع كل جيل ورقة من أوراق زهرته اليانعة ..، فرعاً من فروع شجرته الوارفة حتى جعله الإنسان أشبه بصحراء قاحلة جرداء ! ..، ولم يعدم البشر لأنفسهم المبررات التي تتيح لهم القدر الأكبر من الاستمتاع الحسي والمعنوي بكل متع الحياة والتملص من فروض الطاعة والولاء التي يؤديها المحب طوعاً ..، تدريجياً يغترب كل منهما عن الآخر ويتحول الشريك الى شخص ما يشاركنا المسكن وفقط !
..، حتى غزت المعاني والمشاعر الجنسية أرض الحب المهجورة وأعلنت أن الجنس وفقط هو الحب !!
لماذا إذاً نتعجب من تحول الأغاني والكليبات للمعاني الإباحية إنها نتيجة الرقص على إيقاع العصر ..،
لماذا نتعجب من تفشي العلاقات الغير مشروعة وتراجع واضمحلال المعاني الراقية .. هذه هي لغة العصر وثقافته
لماذا نتعجب اذا راح المحب يفضي لحبيبته -أو العكس- بمكبوتاتهم الجنسية على اعتبار أن ذلك الأمارة الوحيدة على خصوصية منزلة الآخر عنده ؟!!
ثم بعد الزواج .. لماذا نتعجب من ملل الزوج من زوجته وبحثه عن أخرى ؟ أو من تعدد العلاقات الغير مشروعة لأحدهما أو كلاهما ؟؟
كل ذلك نتيجة طبيعية لافتقاد معنى الحب الحقيقي في حياتنا نحن بني الإنسان ..، نظل نبحث عنه ما حيينا فلا نجني إلا علاقات شبيهه وانبهار وقتي يتلاشى ببلوغ اللذة والمكسب ظاهرياً لمن ينجح في أسر الآخر في قفص الزواج ليصبح شريكا رسميا .. ولكن مع الوقت قد لا يكون شريكاً فعلياَ ..!
بينما تظل صورة الحب في أذهان العاشقين .. أولائك الذين هم بحاجة إلى محمية طبيعية تحميهم من الإنقراض ..، هي تلك الصورة المعلقه بأعلى موضوعي
الجزيرة المنعزلة عن كل شيء بالعالم .. ليس بها الا انا وانت وما عدانا هم الآخرون الذين يجب أن نغترب عنهم ولو معنوياً ..،
هناك حيث لا ملل .. يمكن للإنسان أن يتعرف أكثر على نفسه وشريكه وأن يتيح الفرصة للروحين أن يمتزجا فيصبحا شيئاً واحداً
هناك يمكن أن يقتنع الإنسان بشريكه لأنه يلمس انسانيته ومواطن ضعفه وقوته عن قرب ويكشف ما لم يكن من الممكن أن يعرفه بين الناس ولو عاشره الف سنة
هناك يمكننا أن نجد بحق ذلك الكائن المهدد بالإنقراض الذي يسمى .. ( الحب )