هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • لن يغير من الحقيقة شيئا | 2024-07-26
  • لا لمسؤولية بيت ابني المتزوج | 2024-07-26
  •  دراسة التاريخ ليست إلهاءً | 2024-07-26
  • دَغبَش | 2024-07-25
  • الحرب والشتاء  | 2024-07-25
  • مرة أخرى | 2024-02-08
  • أول ساعة فراق | 2024-07-26
  • لحم معيز - الجزء السابع والأخير | 2024-07-25
  • لم أكن أعرفك … | 2024-07-26
  • لماذا المنهج الصوفي أفضل من السلفي؟ | 2024-07-26
  • الإنتاج هو الحل،، كبسولة | 2024-07-26
  • وكلما مر عليه ملأ من قومه !!!!! | 2024-07-25
  • ماتت سعادتي | 2024-02-05
  • دواء الدنيترا و سرعة ضربات القلب ، حالة خاصة ، ما التفسير؟ | 2024-07-25
  • انت عايز تتربى  | 2024-07-24
  • سيدات ثلاثية الأبعاد | 2024-07-24
  • أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه في رؤيا منامية، هل تلزم الرائي ؟ | 2024-07-24
  • المعنى الحقيقى للزواج فى زَمَنِنا هذا | 2024-04-05
  • الفجر والغسق | 2024-07-24
  • ليس محمد صبحي !! | 2024-07-24
  1. الرئيسية
  2. مدونة د محمد عبد الوهاب بدر
  3. ميريديث تقول : الناس طيبين و البلد بايظه !

السلام عليكم و رحمة الله

الاحد الماضي ... كنت في القاهرة في رحلة عمل ... و لأني لا اعرف عادة موعدا محددا لانتهاء عملي .. فدائما لا اغامر بحجز تذكرة اياب للاسكندرية .... الا في اللحظات الاخيرة ...

و في عصر النهضه الذي نعيشه حاليا في مصر المحروسه ... اصبح الحصول علي تذكرة قطار ضربا من المستحيل ... ثم تطور الوضع لكي يصبح قيام القطار في موعده مستحيلا جديدا يضاف الي المستحيلات السبعه .... و اصبح السفر قطعة من جهنم .... بعدما كان - قديما - متعة شخصية خالصه ابحث عنه و يبحث عني ....

وصلت الي " محطة مصر" في الثالثه الا ربع و انا امني نفسي بركوب قطار الثالثه ظهرا لكي اكون في الاسكندريه في الخامسه و النصف مساءا .... (يا لك يا محمد من طيب القلب حقا :) ) ...

طبعا لا توجد تذاكر .... و لكني نجحت بالحصول علي تذكرة في قطار الخامسه و الربع مساءا .... اذا امامي قرابة الساعتين و النصف في انتظار السيد القطار ....

كالعادة ... اتجهت الي مكتبة "ألف" و التي تملك فرعا في داخل البهو الرئيسي للمحطه ... و اخذت ابحث عن كتاب يلتهمني بدلا من ساعات الانتظار الطويله التي ستلتهمني ....

تأملت الكتب .... العناوين .. و اسماء المؤلفين .... و كنت قد عزمت علي شراء رواية لكاتبي المفضل الدكتور نبيل فاروق ... ثم كدت اشتري اخري للدكتور احمد خالد توفيق و الذي اقنعت نفسي بأنه ينبغي ان اقرأ له بعد فترة من الاعراض المقصود ....

و اثناء تجاذب نفسي مع نفسي .... اذ وجدت نسخا من رواية يوسف زيدان الشهيرة ذائعه الصيت "عزازيل" .... و قد كنت سمعت عنها و قرأت حولها الكثير لكني لم اقرأها ....

نظرت اليها و الي عدد صفحاتها الكبير ... و الذي قد يساعد في التهام ساعات الانتظار ثم السفر .... ثم اتخذت القرار

ابتعت واحده ثم توجهت الي استراحتي المفضله ... و بدأت في القراءة ... و عندما جاءت الساعة الخامسة تماما توجهت الي الرصيف المفترض ان اجد قطاري السعيد عليه ....

و لكننا - كما اسلفت - نعيش عصر النهضة بامتياز ... فلم اجد القطار ... و انما وجدت قطار الساعه الثالثه باركا علي ركبتيه و لم يغادر حتي الان ... !!!

انضممت الي معشر المفجوعين من البشر و العائلات سواء ممن ينتمون الي قطار الساعة الثالثة المتأخر و قطار الخامسه الذي سيتأخر .... و كلنا يتساءل و يهتف و يهذي ...

الاجمل .... انه لا مجيب من هذه الهيئه الموقره المسماه " سكك حديد مصر " ... و التي تفخر بانها ثاني اقدم سكك حديد في العالم .... و يا لا سخرية القدر ... !

الاطفال تبكي ... و السيدات متذمرات .... و الرجال يتصببن عرقا في يوم سجل اعلي درجة حرارة في القاهرة بل و في القطر كله ....

من بعيد لمحت مجموعة من السائحين يبلغ عددهم الاربعة شابين و فتاتين ... فقلت في نفسي ماذا يقول هؤلاء عنا ؟ .... و هل سينصحون احدا بزيارة بلد .. القطارات فيها تتأخر بالاربع ساعات .... ؟

في السادسه .... انعم القدر علينا بقطار وضعوه علي الرصيف و قالوا لجموع المذبوحين انه قطار الخامسه و الربع ... فركبه من ركب .... و فر منه من فر الي وسيلة مواصلات اخري .... و يا ليتها كانت موجوده .... فالجو كأنه نار جهنم الموقده ... و جميع سيارات الميكروباص تبخرت ... تحت وطأة المتسربين من القطارات المضربة عن القيام ....

ركبنا القطار ... و لكنهم اعلمونا انه ليس معني وجود القطار علي الرصيف فانه سيقوم الان .... :) .... فهذه "تصبيرة" فقط و علينا الانتظار الي ما شاء الله ...

كان الركاب يخرجون من القطار الذي يعاني من مشاكل في انظمة التكييف فيه .. كما تعاني هيئته من انظمة الآدمية فيها .... و كانوا يقفون علي الرصيف تارة ..... و يتحدثون مع بعض الموظفين تارة .... او يشترون المثلجات تارة اخري ..

كنت قد بدأت في قراءة قصة "عزازيل" ليوسف زيدان .... لكن الارق و الحر اصاباني ... فقلت اخرج من القطار لاستكشف المجهول مع المستكشفين .... و عندما لم استكشف شيئا و تبخرت فكرة ركوب "الميكروباص" مع قصص العائدين من "الموقف" الخاوي .... دلفت ثانية الي داخل القطار ... متوجها الي الكرسي الذي حجزته بتذكرة رسمية قانونيه .... لأجد سيدة قد احتلته ... و قد بدا عليها الانهاك ... و عندما دنوت منها معبرا عن رغبتي في مقعدي ... نظرت الي تلك النظره المصرية المعروفه ... فتجلت الشهامة المصرية في عروقي ... و تركت لها مقعدي و انا من داخلي لست علي ما يرام ... لأن الشهامة لا تأتي بسيف الحياء ابدا ... ابدا ..

بحثت عن كرسي خاو في قطار متأخر متعثر ملئ بضحايا النهضه .... فاذا بكرسي غير محتل بجانب تلك الشقراء السائحه .... فتوجهت نحو الكرسيي فاذا بها نائمه ... فقلت بالانجليزيه "اكسكيوز مي " ..... و كررت ... لكنا ظلت نائمه ... مادة ساقيها امامها ... غالقه طريق المرور الي الكرسي الموعود ... و لأن الضغوط كانت كثيرة هذا اليوم فكان قراري ان اصل الي الكرسي مهما كان و لتذهب السياحه الي اجحيم ... فلن اكون حاملا لهمها اكثر من حكومة النهضه ....

و اثناء تنفيذ عملية الوصول الي الكرسي ... دست بالخطأ علي احد قدميها .... فقلت في نفسي ... يبدو انك قضيت علي آخر امل لهذه السائحه في ان تذكر اي شئ ايجابي عن هذا البلد ! ... و نظرت اليها متوقعا انتفاضة ثم حوارا بالانجليزيه مكون من شخص "مفروم" و آخر يعتذر ! .... لكنها ظلت نائمة ... و لله الحمد ... و يبدو ان صدمة القطار و تأخره الشنيع ... مع الحر القاتل ... و التكييف الذي لا يعمل بكفاءه .... و اصوات الاطفال الذين اتخذوا من عربة القطار "ملاهي كوكي بارك" ... اصابها كل هذا هذه بصدمة نفسية و عصبية و "سيكومصريه" ... قد تعاني منها لفترات طويله ... لهذا لم تشعر بثقلي الذي "هرس" قدمها ... و لم تسمع توسلاتي بأن تفسح لي طريق الدخول الي الكرسي ...

شرعت في القراءه ... و بين الحين و الحين ... اغلق الكتاب لاتطلع الي اي امل في قيام القطار الذي علقت فيه .... و في هذه الاثناء لاحظت ان زميلتي السائحه قد استيقظت من نومها ثم بدأت تنظر في ساعتها ثم تنظر حولها ... ثم نظرت لي نظرة مقتضبه و كأنها تستغرب ذلك الشخص "الجديد" الجالس بجوارها ... و علي ما يبدو فان شخصا آخر كان هو صاحب هذا المقعد لكنه فر مع الفارين ... ثم نظرت السائحه الي جهة اليسار و تحدثت الي سيده كانت تجلس في الكرسي الجانبي علي الصف المقابل ... و لدهشتي فقد سمعت السائحه تتحدث العربية ... بوضوح كامل ... !

كانت تسأل عن آخر اخبار قيام القطار السعيد ... و لكنها لم تحصل علي اجابه شافية ... لكنها علي ما يبدو لم تستوعب كلمة "اضراب" بالعربية فتظاهرت بالفهم او الاستسلام ... و بدأت اعراض "السيكومصريولوجي" تظهر عليها ...

و لأن دوام الحال من المحال و ان مع العسر يسرا فقد تحرك قطار الخامسه في الساعه الثامنه ... ! في مفاجأه سعيده ... و كنت ساعتها قد فرغت من قراءة جزء لا بأس به من "عزازيل" ... و قبلها كنت قد تبادلت اطرافا من الحديث مع السائحه التي تتحدث العربية و انا احاول ان اشرح لها بتعبيرات مهدئه للاعصاب اسباب تأخر القطار ! و ان هذا شئ نادر الحدوث (بالرغم انه يحدث للمرة العاشرة في غضون ستة اشهر) ... و مع استمرار الحديث عرفت ان اسمها "ميريديث" و انها امريكيه و انها في بعثة لدراسة اللغه العربية في كلية الاداب جامعة الاسكندرية .... و انها زارت الاراضي الفلسطينية و الاردن قبل مجيئها الي مصر .... في اطار دراستها للثقافة الشرق اوسطيه في جامعة كولومبيا

سألتها ذلك السؤال الساذج المعروف : ما رأيك في مصر ؟ .... فاجابت في تلقائيه و باللغه العربية و باللهجة المصرية : الناس طيبين و البلد بايظه :) .... فلم املك الا ان اثني علي اجابتها ... و عدنا للحديث عن الظروف الاقتصاديه للبلد ثم عن الولايات المتحده و زيارتي لها ... ثم عن كرة اليد التي لا تعرف عنها شيئا كسائر الامريكيين ! ... ثم جاء وقت تاميكوم .... فقد كانت "ميريديثا" تستخدم "اللاب توب " الخاص بها للتواصل "الفيسبوكي" مع اهلها في الولايات المتحده ... و يبدو انها كانت تخبرهم بفضيحه تأخر القطار و تنصحهم بالا يفكر احد مهم بزيارة المحروسه ...

قالت لي "ميريدثا" ان اهلها عندما علموا بأمر ابتعاثها الي مصر ... خشوا عليها مما يسمعوه من وسائل الاعلام ... لكنها عندما جاءت الي مصر اكتشفت ان وسائل الاعلام الامريكية لا تقول الحقيقه و ان فكرتها عن مصر المسبقه لم تكن صحيحه و انها تغيرت .... فمصر - علي حد قولها - بلد جميل غير ممل مثل الاردن - علي حد قولها - و ان ما يحدث في مصر من مظاهارات شئ عادي لكن الاعلام الامريكي يقول اشياءا مضخمه و غير عادله ....

قالت لي انها تحب الاكل المصري ... و انا تأكل الفول ... و الطعمية "الفلافل" ... و الكشري .... لكنها تفضل الاكل الشامي لأنه أطيب .... و عندما قلت لها لو دعوتك علي الغذاء فماذا تفضلين ان تاكلين .... فقالت "الباذنجان" !!!!!! ... و يا لمصريتها الموغله في العمق :)

لاحظت ان جهازها "الاب توب" يستخدم نظام التشغيل اللينكس التابع لماك ... بدلا من الوندوز .... و هذا ينم عن عملية في التفكير ... فنحن في مصر اسري لانظمة تشغيل الوندوز و من النادر ان تجد احدنا يتبني الماك الا قليلا ....

حدثتها عن تاميكوم ... و تصفحناه ... و شرحت لها اقسامه .... و مطبخ جيجي :) فهي تحب الاكل ... و وعدتني ان تسجل في تاميكوم في اقرب فرصه .... و في الحقيقه سيكون هذا شيئا جميلا ان يكون لدينا عضو امريكي يتحدث العربية ...

ايضا اعطيتها نسخه من كتاب عصير العقول كانت معي بالصدفة البحته ... ثم تركتها تنام بقية الرحلة .... و التي دخلت محطة الاسكندرية في الساعه الحاديه عشرة ليلا .... و يا لهول هذه الرحلة و التي استمرت عشر ساعات و التي خفف من فظاعتها فقط.... قصة "عزازيل" .... و قصة "ميريديث"

تحياتي
:)

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1652 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع