قد يكون من غير اللائق ان لا تعرف كاتبه بحجم احلام مستغانمي ... ثم تدعي انك قارئ ! .... و لكن ان تأتي متأخرا خير من ان لا تأتي أبدا ....
عضوة تاميكوم الرائعه .... الجزائرية "أمل الروح" .... هي من سوقت "لمستغامي" خير تسويق ... رغم ان الاخيره لا تحتاج لهذا التسويق علي الاطلاق ...
كنت في القاهرة ... في وسط البلد الساخن .... و علي بعد امتار من ميدان تحريرها الملتهب ... و اذا ببائع جرائد يعرض بعضا من الكتب ... و الروايات
كنت لم انته بعد من قراءة رواية "محال" ليوسف زيدان .... لكن ما ان وقعت عيناي علي اسم "مستغانمي" ... كان القرار ان اقتنيها لاقرأ لجزائرية تجيد الفرنسية كما العربية او أكثر ....
الرواية قديمه و علي ظهرها تعليق مثير كتبه نزار قباني ... يجعلك تقرر ان تبدأ باقتناء "ذاكرة الجسد" ... دون كل العناوين الاخري لنفس الكاتبه ... و لم اكن ادري اني اختار احد اشهر رواياتها علي الاطلاق و التي ترجمت للفرنسية و صدر منها حتي الان خمس طبعات ....
و نظرا لان الايام الفائته كانت ايام سفر ... فكانت القطارات و كل انواع المواصلات العامه مكانا ملائما للسفر عبر ذاكرة جسد ... الجزائر
لا اريد ان يكون المقام مقام سرد مجرد لاحداث روايه بديعه ... بقدر ما هو تسجيل لخواطر قارئ لها ... جذبته لها حتي الصفحه الاخيرة ... بنهاية كئيبه ... يبدو انها اصبحت احدي علامات الجوده لروايات هذه المرحله ... او انها مصادفه اكثر كآبه و حسب !!....
كلنا يعلم ان الجزائر بلد المليون شهيد ... لكننا لا نعلم عن تاريخ بطولاتهم الا ما ندر ... كما اننا لا نعلم ان الجزائر تمتلك كاتبه من طراز بديع متمكن من العربية مثل "احلام" ...
في بداية الامر ... كانت مقدمة الروايه ثقيله بعض الشئ ... كنت اشعر كأني اقود شاحنة تعتلي مطلعا .... ثم رويدا رويدا حتي انطلقت العجلات بلا مكابح ختي المحطة الاخيرة ....
تجيد الكاتبه الاستعارة المكانيه كما لو كانت تستنشق الهواء ... و لا ادري لماذا لم ندرس مقتطفات من هذه التحفه الادبيه في مناهج النحو و النثر و البلاغه .. ؟!
بطل الروايه مجاهد سابق ... بترت ذراعه الايسر في عملية جهادية ضد المستعمر الفرنسي ... فاحيل للتقاعد الجبري ... حتي استقلت الجزائر فكرمته الدوله بوظيفه في مؤسسه ثقافية .... و ما هي الا فترة وجيزه حتي اكتشف ان الجزائر تحررت من قبضة الفرنسيين حتي وقعت في قبضة "النظام" ....
النظام الجزائري المشابه لاي نظام عربي لا تجهله الشعوب العربيه في كل مكان ... فكلها تملك نسخه منه معدله حسب زوايا الخريطه ...
البطل يترك الجزائر و للمفارقه يعيش في فرنسا ... البلد الذي ناضل ضد عبوديتها ... فأعتقته شخصا حرا ... في ازقتها !
يقابل البطله .... تلك الفتاه الفاتنه البديعه التي تصغره بخمس و عشرين عاما ... و كانت ابنة قائده الشهيد في احد مفارفات الرواية ... فيعيشان قصة حب قصيرة .. مركزه .. و غير تقليديه ... تخللتها قبله ساخنه ... ربما كانت هي اكثر الاحداث الجنسية وضوحا في الروايه .... رغم الايماءات الجنسية التي سادت الروايه منذ البدايه و حتي النهاية ... حيث ان للبطل عشيقه فرنسيه كانا يعيشان تلك الحياة الفرنسية التي تروي الاجساد لا الارواح
لم تنتهي الرواية كما يتمني القارئ ... فقد انتهت بزواج البطله من احد المسؤولين في صفقه سياسية بينه و بين عمها .... مع مجموعه من الاحداث المأساويه التي حدثت للبطل و اسرته .... و حياته
بعيدا عن التفاصيل ... فالروايه عبارة عن مشهد متكامل لمراحل الجزائر التاريخيه المختلفه .. الكفاح ضد المستعمر ... و الغرق في الفساد .... !
ابدعت الكاتبه من خلال روايتها التي تستحق عناء قراءتها ... في مزج الحس الانساني .... بالحس الوطني .... بشئ من الرومانسية ... و كثير من التراجيديا ... بشكل اكثر من رائع ....
ملحمه انسانيه ... و وطنيه .... شعوريه و شعريه .... تجسدت في حياة الرجل ذي اليد الواحد ... تجسدت في ذاكرة عوضت ذراعه المبتوره
الملاحظ ان الكاتبه هنا سيده ... و قد اجادت بشكل مذهل ... توصيف النساء في تعاملهن ... و نظراتهن ... و امور اخري ما ان تصارحن بها ... يفاجأنك باعتراضات صارمة عليها ... حتي جاءت احلام ... و اقرتها بسلاسه كاتبه متمكنة و حساسه ....
الشئ الوحيد الذي ازعجني ان بعض الحوارات النادره قد دارت بالفرنسيه ... و انا لم ادرس الفرنسيه اصلا .... و لم اجد الترجمه حتي في الحواف ! ... لكنها لم تكن مؤثره و يمكن توقعها ...
سعيد بهذه التجربه الجزائرية ...
لذا يجب ان اشكر امل الروح
تحياتي
:)